عَيْن العاشق

مدرين المكتوميَّة

خَرِيف صلالة هذا العام سجَّل اختلافا ظاهرا وملموسا، ليس في عددِ زوَّاره، ولكن في فعالياته التي تنوَّعت وتعدَّدتْ، وكانتْ بمثابة قطرات ندى صباحية أدخلت السرور إلى قلوب زوَّاره وحضوره، وكانت قطرة الندى التي ستنثر عطرها الشجي مساء اليوم في نفوس مثقفي ومهتمي الفن هي معرض الجمال والروعة، معرض عُمان بأكملها، معرض "عُمان من السماء"، الذي يعرض مجموعة صُوَر جُمِعَت مؤخرًا في كتاب، حملت صفحاته مجموعة صور تجسِّد الجمال ومناظر عُمان خلابة، التي أضفت عبقا على تاريخ عريق، وتلك الجماليات الذي تزخر به عُمان من مشرقها لمغربها، ومن شمالها إلى جنوبها، بكل ما هو جميل ورائع يدخل الفخر والاعتزاز بالانتماء لنهضة هذا الوطن الذي يتدفق حضارة وتنمية بفضل حكمة قائدها السلطان قابوس بن سعيد المعظم وشعبها الطموح.

والمعرض الذي يضم في داخله العديد من الصور الرائعة، هي نتاج رحلة طويلة وشاقة، عمل عليها جاهدًا عاشق عُمان الشيخ أحمد بن سويدان البلوشي بكلِّ ما يملكه من جد واجتهاد، لتكون هذه الصور هي محطة في الطريق الطويل الذي قد يجهله الكثير من شباب اليوم، فقد انتقلت رحلته محطة وراء محطة ليسجل فيها صورًا ومشاهد غابت عن أنظار الكثير من الناس، ولكنها ظلت عالقة بعدسة كاميرته، تلك الكاميرا التي كانت رفيق رحلاته الطويلة، وصديقة عمره، فهي الشيء الذي لم يتخلَّ عنه تحت أي ظرف من الظروف، ومن لا يعرف ذلك الرجل الذي ظل يسجل عُمان متنقلًا بين جبالها وبحارها وسهولها ورمالها، كان يسجل الاستثناء في كل التقاطة بدافع التوثيق، توثيق تلك المحطات وتوثيق تلك الحيوات المختلفة التي عاشها العُماني بكلِّ ما يملك من عزة وإصرار ليُسهم في نهضة عمان وبناء حضارتها.

تلك الكاميرا التي يمتلكها أكثر الناس، ولكنهم ألقوها في أحد الأركان، ها هي الآن تصنع الفارق لتسجل لنا رحلة عين العاشق؛ ذاك الرجل الذي ظل طويلا بين التنقل والترحال بها، ليسجل لنا صورا وملامح عمانية لم نحلم يوما برؤيتها، واليوم سنكون على موعد مسائي كمواعيد المحبين مع التفرُّد والجمال والروعة، بمعرض "عُمان من السماء"، الذي يجمع تفاصيل كثيرة ويُسجِّل مواقعَ أكثر، ذلك الكتاب الذي ما إن تقلب صفحته الأولى إلا وتجد نفسك تقلب للأخرى بشغف دون أن تشعر أنك في آخر صفحاته، فهنيئآ هذا الإنجاز، وهنيئًا له المعرض الشخصي الذي ننتظره بكل لهفة وشوق لنتعرف خلاله على حكاية كل صورة والرحلة التي استغرقتها لتكون اليوم بين هذا الكم من الصور وهذه الثروة الحقيقية التي تكاد تكون غائبة عن الكثير منا، ولأنَّ اللوحه أنثى كما تقول مُستغانمي: "فهي تحب الأضواء، وتتجمل لها، تحب أن ندللها ونمسح الغبار عنها، أن نرفعها عن الأرض ونرفع عنها اللحاف الذي نغطيها به، تحب أن نعلقها في قاعة لتتقاسمها الأعين حتى ولو لم تكن معجبة بها، ولكن يكفيها تلك النظرات التي قد تجعلها سيدة المكان بأكمله، ولأن معرضنا المرتقب عن عُمان، فنحن على موعد مسبق مع الجمال الأخاذ".

[email protected]