شباب عمان الحاضر والمستقبل.. الشركات الطلابية نموذجا

 

خلفان الطوقي

الحِكْمَة السائدة والمعروفة أنَّ يستفيد الشباب المقبل على الحياة من حكمة وخبرة ورزانة كبار السن في المؤسسات، ولكن هذه المقولة أرى أنها مع الأيام يجب أن تتغيَّر إلى حدٍّ ما، خاصة في ظل التقنيات الحديثة وعالم البرمجيات الذي يتغيَّر بشكل متسارع، والنظرية التي يجب أن تسود -من وجهة نظري- أنْ يكون كبار السن أكثر سرعة ومرونة ورشاقة، واستعدادا لكي يلحقوا بشباب الجيل الحالي.

ضرورة تغيير النظرية السائدة والتقليدية إلى النظرية العصرية التي تتناسب مع لغة الشباب وطريقة تفكيرهم أمر مُلح، وتزيد قناعتي كلما قضيت وقتا معهم أسمع منهم بتركيز، وأحترم طرحهم، وأنصت بجدية لرغباتهم وتطلعاتهم، حصل ذلك معي أثناء مشاركتي في معرض مؤسسات التعليم العالي، وأكثر ما أبهرني في هذا المعرض هو مشاركة مجموعة من الشركات الطلابية المشاركة تحت مظلة مشروع "إنجاز".

أكثر من سبعين شركة طلابية ومن تخصصات مختلفة يستعدون للتنافس فيما بينهم للتأهل للتصفيات النهائية التي ستقام بعد عدة أشهر، أتوا بأفكار تجارية يحاولون تسويقها تجاريا، لا ينافسون غيرهم من الشركات، بل يتنافسون فيما بين الفريق الواحد للقيام بالدور المنوط والمتوقع منهم، يعيشون الحلم إلى تحويله لواقع، يبحثون عن أفضل الممارسات من الشركات التجارية العريقة ليطبقوها على منتجاتهم وخدماتهم، يستفيدون من التطبيقات التكنولوجية ليمزجوها مع ما يقومون به ليكون تجاريًّا عصريًّا، ويتناسب مع روح العصر ويتماشى مع الأسواق المحلية والخارجية، لا يكتفون بالعنصر العاطفي والأمزجة الشخصية، بل يؤمنون بالبحث العلمي المبني على الاستقصاء وجمع البيانات والحقائق.

الالتقاء المستمر بمثل هؤلاء الشباب وتبنيهم واحتضانهم وتحفيزهم أمر في غاية الأهمية؛ فهم ليسوا عبئًا على الدولة، بل هم ثروات بشرية وكنوز ثمينة إذا ما تم توجيههم بالطريقة العلمية الصحيحة، هم ضمان لديمومة التطور والتنمية المستدامة وانتقال المعرفة من جيل إلى آخر، فلا يمكن استمرار العطاء إلا من خلال دماء جديدة وعقول متفتحة ومعارف متنوعة، والمشاركون في الشركات الطلابية يعتبرون نموذجا لسفراء الشباب المنتج الواعي بأهمية الشهادة العلمية، وضرورة مزجها بالمهارات والسلوكيات المهنية والتي يمكنه اكتسابها في مرحلة مبكرة من خلال انصهاره في مثل هذه الشركات الطلابية.

دعوة صادقة لأجهزة الدولة، خاصة المعنية بالشباب العُماني ورجال الأعمال ومديري الموارد البشرية، بمضاعفة الدعم والاستفادة من هذه الكنوز البشرية، واستضافتهم والاستفادة من نضج أفكارهم وتطويعها لصالحكم، وتوجيههم من خلال الحوار الجاد ليكونوا أكثر إنتاجيا وتميُّزا في هذه المؤسسات التي أنشاؤها أو تبنيهم بعد تخرجهم، أيضا دعوة لأولياء الأمور بتشجيع أولادهم وبناتهم للمشاركة في مثل هذه النوعية من الأنشطة الهادفة، والتي توسِّع مداركهم، وتنمِّي مهاراتهم، وتحسِّن سلوكياتهم والتحدث معهم ومحاورتهم، وليتذكر الجميع أنَّ اللحاق بأفكار الشباب النابض بالحياة يتطلب لياقة جسدية ورشاقة ذهنية، ولا يتأتى ذلك إلا بالتدريب المستمر.

كلمة أخيرة لشبابنا، جميعكم متأهل وفائز بمجرد قرار المشاركة في هذه المبادرة أو مثل هذه المبادرات، استفيدوا قدرَ الإمكان من هذه المشاركات، وتذكروا أنَّكم إنْ أخلصتم فيما تقومون به ستكونوا رابحين في تنمية شخصيتكم وقدراتكم، ومؤهَّلين أكثر من غيركم لإنشاء مؤسساتكم الخاصة أو الفوز بفرصة وظيفية مناسبة، الجميع سيفخر بكم؛ لأنكم منتجون، وتمنحون قيمةً مضافةً لمحيطكم وعائلاتكم وبلدكم، كونوا كذلك على الدَّوام، الآن وحتى بعد انتهاء مُشاركتكم في هذا المشروع، واستمروا حتى بعد انتهاء دراستكم الأكاديمية؛ فالمستقبل مُتاح للمنتجين فقط.