تكتيك..!

المعتصم البوسعيدي

تُعرف كلمة "تكتيك" كونها "إجراء مُحدد يُتخذ لتحقيق هدف معين"، وعسكريًّا يُعد "أُسلوبًا في التنْظِيمِ حسب خطة مرسومة تؤدي إلى النجاحِ والفوز". وبطبيعةِ الحال، فالتكتيك يختلف من شخص لآخر حسب الظروف المحيطة والأدوات المتاحة والمستجدات الطبيعية منها والطارئة في آن، والتكتيك يعتمد على قدرةِ اتخاذ القرار "إذا كنت ذا رأي تقدم وكن ذا عزيمةً...فإن فساد الرأي أن تترددا".

لقد شهد الأسبوع الحالي أحداثا رياضية مهمة، لعل أهمها محليًّا توقيع الأمين علي الحبسي -رسميًّا- عقدًا احترافيًا يحرس بموجبه عرين الهلال السعودي، طاويًا -ربما- مسيرةً حافلةً بالملاعبِ الأوروبية؛ ليخوض تحديًا جديدًا وإن بدا مختلفًا لكنه لا يقل قوة ولا صخبًا عن ذلك الذي عهده في النروج وإنجلترا، والحبسي -كما عرفناه- يحسب جيدًا خطواته ويسير وفق تكتيك يرسمه بإخلاصه وتفانيه وقبل ذلك بأخلاقهِ وتواضعه، ورغم تباين الآراء حول انتقاله بين مؤيد ومعارض، إلا أنه وبعد حسم الموضوع سيبقى عليه تبني إستراتيجية نجاحه مع معطيات مختلفة ومعايير نقد صعبة ومتطلبات نجاح معقودة بتحقيق البطولات، خاصة حلم الهلاليين المنتظر بنيل الكأس الآسيوية، ومن ثم اللعب في كأسِ العالم للأندية.

التكتيك كما ذكرنا يختلف حسب الظروف والمعطيات، ومع النجم رائد إبراهيم المحترف الجديد في الملاعب الأوروبية وبالتحديد مع نادي "فيلتا" المالطي، نجد أنَّ الوضع سيحتاج تكتيكا مغايرا؛ حيث الصبر والجلد وإبراز الموهبة وكسب ثقة النادي، ومن ثم التفكير نحو الارتقاء في سلم الاحتراف لنادٍ آخر، بل ولدوري أكثر قوة وتنافسية، مع التركيز على الجانب البدني في ظل ضعف البنية الجسمانية لرائد، ولا أنسى هنا الإشارة لدور نادي ظفار في الصفقة وتغليب المصلحة العامة ومصلحة اللاعب على مصلحةِ النادي الذي -بلا شك- كان يهمه بقاء اللاعب والاستفادة منه للحفاظ على لقبِ الدوري، وزيادة غلة بطولات الزعامة.

ومع هذه الأحداث الكروية، لاح في الأفق العالمي اسم نجم عماني بأم الألعاب؛ وهو محمد السليماني عاشر العالم في سباق 2000 متر موانع بالعاصمة الكينية نيروبي ببطولة العالم لألعاب القوى تحت 18 سنة، علاوة على تحقيقه البرونزية الآسيوية وذلك إبان إقامة بطولة قطر المفتوحة لألعاب القوى في أبريل الماضي، والسليماني بذلك يصبح "جوهرة" عمانية يجب الحفاظ عليها، والعمل على ذلك بتكتيك، قوامه الإعداد الفني والتحضير الذهني والمضي به نحو منصات التتويج العالمية، والعمل عليه كمشروع بطل أولمبي لميدالية نسعى لها منذ أزل رياضتنا وحتى يومنا هذا.

المتأمِّل في أهمية التكتيك سيقف كثيرًا مع مشهد تتويج السويسري روجر فيدرر أفضل لاعب تنس على الإطلاق وعبر كل العصور، مشهد كان قبيل سنة من مستحيلات التوقع، لكن المستحيل تبدد مع إصرار وعزيمة "المايسترو" وتكتيكه العالي؛ فقد حدد رؤيته، وعرف أهدافه، وهو "الأبخص" بنقاط قوته وضعفه، والمدرك -تمامًا- لتقدمه في العمر؛ لذا فقد ضحى ببطولة "رولان جاروس" من أجل عيون "ويمبلدون"؛ فبادلته الأخيرة الحب أضعافًا ولانت لعشقه وطموحه؛ فأهدته الكأس الثامنة التي أوصلته للقب التاسع عشر في "الجراند سلام"، و92 بطولة في تاريخه الرياضي العظيم.

الأمنيات ترقب تكتيكَ رياضيِّيا، وأن لا يبخلوا على أنفسهم في قراءة سير النجوم وما تحمله من أسرار تملكهم مفاتيح النجومية وتحقيق الإنجازات على كافة الأصعدة.