رغيفا ألعاب القوى!!

 

 

المعتصم البوسعيدي

 

عندما كنتُ أتابعُ ـ مؤخرًا ـ أخبار ألعاب القوى العُمانية، أو بالأصح أخبار الاتحاد العُماني لألعاب القوى، كان في داخلي شيء يردد "يا ليل ما أطولك"، إلا أن الهتاف الداخلي سرعان ما تحول نحو مقولة نقيضةً للأولى؛ تأملت فيها نظرة "الأمل" التي يحملها عمل هذا الإتحاد؛ إذ يقال: "إذا كان لديك رغيفان فكُل أحدهما واشترِ بالآخر زهورا".

الشباب الذي عليه اليوم الاتحاد العُماني لألعاب القوى يُعطي مؤشرا جيدا لطالما ظل الجميع ينادي به؛ بإعطاء دفة القيادة للطاقات الشبابية، ولا غنى ـ بطبيعة الحال ـ عن الخبرة لطالما الخبرة تكرس تجربتها للغاية العامة دون لغة الإقصاء والعزف على وتر واحد، ما لفت انتباهي ـ حقًا ـ القراءة الصحيحة لواقع اللعبة في السلطنة من خلال وعود "غير براقة" في المستقبل القريب من جهة، وخطط مستقبلية تركز على النشء من جهة أخرى؛ تتجلى بصورة مباشرة في برامج الاتحاد المركزة على فئة البراعم والناشئين وعلى امتداد البقعة الجغرافية للسلطنة، بل إنني أُكبر للاتحاد توقيعهم "المهم جدًا جدًا" مع وزارة التربية والتعليم بضم ألعاب القوى في المنهج الدراسي، والذي أعده ـ حسب وجهة نظري ـ من أهم الخطوات لتطوير اللعبة؛ حيث النداء الدائم "بأن الرياضة ليست برنامج ترفيهيا فقط" نركل فيه جلدا منفوخا، أو نسابق به الريح لننال الإعجاب والتصفيق الحار.

إن الوعي الذي بات يمتلكه الاتحاد العُماني لألعاب القوى يظهر من خلال عمله الدؤوب لنشر ثقافة اللعبة، وحين يقال: " أن النتيجة تحسمها التفاصيل الصغيرة" فإن نجاح نشر الثقافة ـ أيضًا ـ يكمن في تفاصيل صغيرة كالألفاظ التي يركز عليها اتحاد ألعاب القوى لتحفيز المشاركة في بطولاته وفعالياته، منها ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ "اكتشف قدرات ابنك بأم الألعاب"، علاوة على السعي المحمود للحصول على كتاب "ألعاب القوى" من الإتحاد الدولي مُترجمًا للغة العربية، بالإضافة إلى الرسائل التوعوية والنشاط الكبير والملحوظ بمواقع التواصل الاجتماعي، والعنوان الجميل لحساب الاتحاد "بالتويتر" المعنون بـ "سابق الحلم".

 

الخطة التي يعمل عليها الاتحاد للأربع السنوات ـ كما تم إيضاحها ـ ترتكز على محورين هامين: الاهتمام بقاعدة الناشئين، وتأهيل وتطوير الكفاءات الوطنية الفنية، يُترجم هذين المحورين عمليًا من خلال تعاون واضح مع الاتحاد الآسيوي بخطة إعداد المدربين لمدة عامين، مع إشراف الاتحاد القاري ـ أيضًا ـ على بطولة موسمية للناشئين ومراكز التدريب التي يشرف على بعضها اتحاد اللعبة وعلى بعضها الآخر وزارة الشؤون الرياضية، وهنا نلاحظ اقتران الخطة النظرية بجدول تنفيذي واقعي.

من الجماليات التي لاحظتها في الاتحاد العُماني لألعاب القوى انصهار رؤاه مع كل من له علاقة باللعبة خاصة المؤسسات العامة كوزارة الشؤون الرياضية واللجنة الأولمبية، إضافة إلى وزارة التربية والتعليم بالتوقيع ـ كما ذكرنا ـ على ضم ألعاب القوى للمنهج الدراسي، كل هذا العمل يصور لنا مشهد "الرغيفان"، فنحن نأكل ليس لنشبع؛ بل يكفينا رغيف واحد، والآخر نشتري به زهورًا لنمنح السعادة لأنفسنا وللآخرين، هذه الزهور سنشتم عطرها ـ بإذن الله ـ ذهبًا أصيلاً ولو بعد حين.