صرخة استغاثة من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

 

فايزة الكلبانيَّة

لا يُنكر أحدٌ تداعيات الأزمة الاقتصادية الرَّاهنة التي تمرُّ بها السلطنة وغيرها من الدول المصدِّرة للنفط، ورغم أنَّ مُؤسَّسات الدولة تكافِح للتكيُّف مع هذه الأزمة -سواء بترشيد النفقات أو تعزيز التنويع الاقتصادي- إلا أنَّ جانبًا من جهود التنويع الاقتصادي تواجه تحديات عديدة؛ حيث إنَّ المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تعاني هي الأخرى من مشكلات تهدد بقاءها؛ وبالتالي تنذر بزوال دورها الفعَّال والمأمول في تحقيق التنويع الاقتصادي، عبر مجالات عملها المختلفة.

العديدُ من الرَّسائل تصلنا من روَّاد ورائدات الأعمال، مفادها أنَّ هذا القطاع الوليد يعاني حتى اللحظة من تعقيدات إدارية، وتحديات تدفع البعض للتخلي عن فكرة تأسيس مؤسسة صغيرة أو متوسطة، فتتحطَّم آماله على صخرة هذا الجمود الإجرائي، وهذه التلال من المشكلات.

القطاعُ الخاص من جانبه أيضًا يُعَاني أيمَّا مُعاناة من التحديات القائمة، خاصة وأنَّ الشركات الكبيرة "الهوامير" هي التي لا تزال تسيطر على السوق، ولا تترك حتى الفتات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. أما دوامة تعقيد الإجراءات التي طال انتظار حلها، فحدِّث ولا حرج، فبَيْن ضغوط القوانين والإجراءات، وما طرأ عليها من مستجدات من جهة، وما تخلفه أزمة تراجع أسعار النفط من تأثيرات سلبية على وضع البعض من المؤسسات في القطاع الخاص من جهة أخرى، لا يزال أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يئنون من احتكار الشركات الكبرى للمناقصات والمشاريع.

لذلك؛ فإنَّ منظومة الأعمال تعاني من اختلالات واضحة؛ أبرزها: عدم الالتزام بنسبة العشرة في المئة المخصَّصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتي كانت أحد القرارات المهمة على طريق تمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.. فأين هذا الالتزام الآن؟!

وما يُثير الدهشة وعلامات التعجب زيادة تضييق الخناق على بعض الشركات المتعاقدة بأعمالها مع الشركات الكبيرة، نتيجة تأخر استلام مستحقاتهم من هذه الشركات الكبيرة، والتي بدورها تعاني من تأخر مستحقاتها المرتبطة بعقود مع مشاريع حكومية أو غيرها، فيما يذهب أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة ضحية هذه الدوامة التي تأبى أن تنتهي. والنتيجة تراكم الديون؛ مما ينعكسُ على مدى استمرارية هذه المؤسسات وقدرتها على مواصلة العمل، فتكون النتائج إمَّا أن يغلق البعض أبوابها ويسرِّح عمالها، أو أن يُزج بالبعض منهم في السجون نتيجة لقضايا الشيكات بدون رصيد المرفوعة ضجعم، أو من يطالبونهم بمستحقات، والأقل ضررا من كلِّ هذا أن يُشهر أحدهم إفلاسه. ومما يحز في النفوس أن الجهات التي يفترض بها أن تكون داعمة لهؤلاء، لا تقدم لهم الدعم الكافي، لأسباب عديدة؛ في مقدمتها: الادعاء بأنهم غير مخولين بالمتعسرين وأصحاب المشاريع غير الناجحة!! الاستثناء الوحيد هنا في هذا السياق: صندوق الرفد الذي أخذ زمام المبادرة وقرَّر مساعدة هؤلاء "لعل وعسى" أن ينجحوا في منحهم الأمل من جديد.

أحد أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة الذي تحدَّث للبرنامج الإذاعي "كل الاسئلة"، وهو يتكلم بنبرة يملؤها الأسف لما آل إليه وضعه بجانب ما يقارب 300 صاحب عمل يعانون من تأخر سداد مستحقاتهم لدى عدد من الشركات الكبيرة.. هذه القضية لا تقل أهمية عن قضية الباحثين عن عمل؛ فالجميع في هذه الحالة يعاني من بطالة، وعشوائية إدارة الأزمة يضر صاحب المؤسسة الصغيرة أو المتوسطة في نهاية المطاف، وينعكس بالسلب على الاقتصاد وعلى رغبة الحكومة في تقوية شوكة هذا القطاع الحيوي.

والسؤال المطروح الآن: ما هي أهمية عقد ندوة أو ندوات لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وكثير مما يخرج عنها من قرارات لا يتم تنفيذه؟، فأين متابعة هذه القرارات؟ وأين الجهود التي يمكنها معالجة أزمات أصحاب الأعمال؟ بل أين المحفزات التي احتلت عناوين ومانشيتات الصحف ذات يوم، وتلك الكلمات الرنانة التي تؤكد على لسان أحد المسؤولين أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ستكون قاطرة التنمية في السنوات المقبلة؟ وها هي السنوات أقبلت، ولم نجد لا قاطرة ومقطورة!!!

faiza@alroya.info