تقبَّلوهم كما هم.. عُمان تحتضنهم

حمود الحاتمي

 

أعلنت وزارة التربية والتعليم نتائج الدبلوم العام، وتراوحت رُدود الأفعال بعد ظهور النتائج بين الفرح والاندهاش والحزن وعدم المبالاة بالنتيجة، حسب نتائج الطلاب التي ظهرت يوم السبت الماضي.

الأسر عاشت جوًّا من الترقب والانتظار، وما إنَّ ظهرت النتائج حتى علت أصوات الفرح والزغاريد كأنَّه عُرس في عز النهار، واحتفاء بنتيجة شرَّفت العائلة ورفعت رأسها.

تبدأ الأسرة في نشر خبر النتيجة، وتتغيَّر المعرفات لصورة الطالب ونتيجته، لتبدأ الجوالات في استقبال التهاني من باقي الأسرة والأصدقاء والمعارف والجيران.

في بيت آخر يُحقِّق طالب نتيجة مخيبة للآمال وغير متوقعة، بعد أن كانت التوقعات تشير إلى تحقيقه نسبة عالية، فيسود البيت وجوم، ويصدر قرار من الأم إلى كل الأسرة بعدم التصريح بالنتيجة والتظاهر بالفرح، وتتلقى الأم اتصالات من الخالات والعمات تستفسر عن النتيجة، وتتظاهر الأم بالفرح، لكنها تعتذر عن التصريح بالنسبة نزولا عند رغبة ابنها كما تقول. وتبدأ بعدها الأسرة في تفسير الأسباب التي أدت إلى النتيجة، وتهتدي إلى أنَّ التصحيح الإلكتروني قد أخطأ في احتساب بعض إجابات ابنها الذي تعوَّد أن يكون من الطلاب الأوائل في فصله، دون أن تتقبل نتيجة ابنها، وتقرر فتح ملف الإجابات، دون أن تنظر في أسباب أخرى إنْ كان تهاونًا في الورقة الامتحانية، أو حدث له ارتباك، أو صار لديه لبس في فهم بعض أسئلة الامتحانات، أو لربما كانت الامتحانات قد حدَّدت قدرات هذا الطالب وكانت معياراً حقيقياً لمستواه.

أمَّا عائلة خليفة، فلم تُعلِّق على نتيجة ابنها، بل نعتته بالفشل وعدم المبالاة، وأنه عالة على الأسرة؛ لتهاونه في دراسته، ويزمجر الأب في وجهه ناعتًا إياه بصفات غليظة ونابية أحياناً أخرى، وتتدخل الأم بسؤال استنكاري: متى آخر مرة زرت فيها مدرسة ابنك يا أبا خليفة؟ ليصمت ويردِّد: أنا مشغول، المفروض هو يعتمد على نفسه. لتعود الأم بسؤال آخر: وإخوانه الآخرون، هل زرت مدارسهم، أنت تركت تربية أولادك على كاهلي، ولم تساعدني في متابعتهم بالمدرسة، ابنك موهوب في أنشطة كثيرة، لكنه أخفق في التحصيل الدراسي، ولعلمك هو في منتخب الشباب لكرة القدم تحت قيادة المدرب الوطني، وأشاد بموهبته، وكان يحتاج إليك في دراسته، لكنك ركنت إلى الراحة وتهربت من المسؤولية!!

أسرة أخرى لم تبالِ بنتيجة ابنتها؛ كونها تعاني من إعاقة، لكنها لم تعلم أن ابنتها لديها مواهب متعددة، وتفاجأت الأسرة بخطاب النادي دعوتها للمشاركة في مسابقات مختلفة، بعدما جمع عنها معلومات من إخصائية الأنشطة التربوية بمدرستها.

تلكم كانت مشاهد من استقبال النتائج لدى الأسر العُمانية، أمس الأول، ولعلَّ الأسر الفَرِحَة هي التي تفوق أبناؤها، ونقدِّم لهم التهنئة، فيما نشد من أزر الآخرين ونقول لهم مثل ما قالت الأستاذة ليلى بنت أحمد النجار مستشارة معالي وزيرة التربية والتعليم، في برنامج تربوي إذاعي "أبناؤنا نتقبلهم كما هم" نعم نتقبلهم كما هم، متفوقين دراسيًّا، أو متدنِّي المستوى في التحصيل الدراسي.

نؤمن بأنَّ لديهم قدرات يحتاجها الوطن، قدرات ومهارات فنية، وقدرات رياضية ومهارات تحتاج فقط إلى صقل ودعم من المجتمع.

أبناؤنا مبدعون في كل شيء تقنيًّا وفنيًّا، اليوم نشاهد شباباً وشابات يديرون أعمالًا حرة مثل إصلاح مكيفات وتركيبها، ومحلات التجميل، ومراكز للأزياء وتصميمها، ومحلات التصوير الضوئي، محلات التصميم، وهم من حَمَلة الدبلوم العام، وتلقَّوا دورات تخصصية فقط.

وزيرة التعليم العالي معالي السيدة راوية البوسعيدية صرَّحت في حديث لها أنَّ بعض الأعمال لا تحتاج إلى شهادات جامعية، بقدر ما تحتاج تدريبا وتنمية مهارات، وهذا له مجاله في مراكز التدريب التي ستحتضن هؤلاء الطلاب.

----------------------------------

همسة إلى ولي الأمر:

- ولدك وابنتك هم فلذة كبدك، تقبلهم كما هم، ساعدهم وخذ بأيديهم، اكتشف فيهم القدرات التي يمتلكونها، وساعدهم على تنميتها بالتشجيع والتحفيز.

- عُمان تحتضن أبناءها وتتقبلهم كما هم، وهي تقول لهم: "هلمُّوا إليَّ، قلبي يتسع لكم، وخيراتي لم تكتشفوها بعد، مسارات العمل كثيرة لدي، ولا يزال الوافد يستنزف خيراتي، وأنتم تبصرون القليل فقط".

- عُمان تحتاج إلى كلِّ أبنائها، وفي مختلف مواقع العمل الوطني، وتقول لهم: "أنتم كما أنتم، بكم أبلغ مراتب العلا". وكما يُقال "ارفع راسك دام إنك عُماني".

 alhatmihumood72@gmail.com