"المسؤولية الاجتماعية".. أليست الرياضة حلقة منسية!

 

حسين الغافري

(1)

تكلمنا الأسبوع الماضي عن سرَّ نجاح الكُرة الألمانية وتفوّقها على صعيد المنتخبات الوطنية، وانعكاس هذا النجاح على الدوري المحلي الذي بات واحداً من الدوريات الكُبرى الذي يحّظى بمشاهدات مليونية. نجاح الكرة الألمانية ليس وليد لحظة، وإنما نِتاج جهود مضنية، وعمل حقيقي مُمنّهج صنع الطفرة الكبيرة في بقاء المجد الألماني خفاقاً في سماء كرة القدم بشكلٍ خاص. ومن هُذا المُنطلق، لا يمكن صبَّ ثقل المسؤولية بأكمله على الجانب الحكومي وحده في تنشيط الحركة الرياضية ونهّضتها؛ وإنما بات لِزاماً أن يشقّ القطاع الخاص طريقه في هذا الإتجاه، والمساهمة الجادة في دعم الحركة الرياضية بشكل أكبر.

 

(2)

من بين الجوانب التي يُمكن التعليق عليها من خلال حديثنا عن القطاع الخاص هو جانب "المسؤولية الاجتماعية"، الذي دائماً ما نراه ونقرأ عن مساهمته في دعم الأنشطة المجتمعية والحكومية. ولعلَّ جوانب المسؤولية الاجتماعية لا يقوم فقط على اعتباره واجبا وطنيًّا للشركات والمؤسسات تجاه المجتمع وأفراده، نظراً لما تُحققه من أرباح طائلة؛ وإنما بات عاملا حيويا من عوامل بناء السمعة، ورفع الشعبية، والرضا المجتمعي تجاه مؤسسة معينة دون غيرها، وزيادة الثقة الوطنية في عمل المؤسسة ودعم جهودها ورسالتها. وهي ليست حِكراً مثلما نرى ونشاهد على بناء المجالس في القرى والولايات، ودعم الأعمال التطوعية -رغم اتفاقنا على أهمية ذلك وانعكاساته الإيجابية- إلا أنَّ دعم الأندية وتعزيز السيولة المالية من خلال عقود الرعاية، ودعم الرياضيين والمواهب، وتبنِّي تحفيزهم بشكل حقيقي أصبح ضروريًّا من أجل المساهمة في إنجاح الحركة الرياضية المحلية.

 

(3)

مع ذلك، هُناك بوادر كثيرة من مؤسسات مختلفة تؤمن بدور الرياضة في المجتمع ودور الرياضيين، وأوجدت نِسبة من مُخصصاتها المُعدَّة لمجال المسؤولية الاجتماعية لدعم نشاط الحركة الرياضية. وفي الوقت ذاته، لا تزال شريحة كبيرة أخرى من المؤسسات التجارية تتجاهل ذلك ومساهمتها في المجال الرياضي معدومة، أو لربما تجهل الدور الرياضي العام "بكل أسف". ومن هُنا، أتمنَّى أن يجد مقالي ضالته وتكون قضية نجاح النوادي خارجياً أو مشاركات الرياضيين تعني المؤسسات الخاصة بدرجة أولى، وهدف حقيقي للشركات والمؤسسات. كما أنَّ على المسؤولين وصُناع القرار الرياضي أدوار مهمة وكبيرة في الترويج والتعريف بالأنشطة الرياضية المختلفة ورفع مساهمة المؤسسات الخاصة بشكل أكبر، وليس فقط التركيز على الدعم الحكومي وحده دون سواه، والأمر سينعكس إيجاباً كما ذكرنا على هذه الشركات التي تسعى بطُرق شتى التسويق والترويج لنفسها والمجال الرياضي كواحد من أنجح مجالات التسويق للشركات، وهو أمر نشاهده عبر مختلف الرياضات العالمية ورعايتها لمختلف الأندية والرياضيين.

ختاماً.. هي دعوة صريحة إلى جميع الشركات الربحية بشكل خاص، طالما أنَّ المال هو المحرك الأول في صناعة الرياضة، أن تُسهم في دعم الأنشطة الرياضية والرياضيين وتحفيزهم بصورة فعلية، أو المساهمة في تطوير البنية التحتية الرياضية من خلال إنشاء أكاديميات ومدارس وحاضنات مواهب رياضية أو ملاعب. المجالات مُتعددة في هذا المجال، ويبقى فقط أن نراه واقعاً ملموساً؛ فنجاح كل الجهود يعني مساهمة الكل في نجاح الرياضة المحلية.