"QNB": "أوبك" تواجه مأزقا محتملا في 2018 مع احتمالية تمديد "الخفض" وبقاء الأسعار عند 58 دولارا

 

الرُّؤية - خاص

قال التقريرُ الأسبوعيُّ لمجموعة بنك قطر الوطني "QNB" إنَّ منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" ستواجه مأزقاً كبيراً في العام 2018، وعلى الرغم من أن الكثير من الأمور يمكن أن تحدث من الآن وحتى 30 نوفمبر المقبل عندما تقرر الدول الأعضاء في أوبك رسمياً الخطوات التالية، فإن الهدف المعلن المتمثل في التخلص من فوائض المخزون والزيادة المتوقعة في إنتاج الولايات المتحدة في عام 2018، يشيران إلى أنه من المرجح أن يتم إجراء تمديد آخر لاستقطاعات الإنتاج، ولذلك، نتوقع أن تظل الأسعار  في مستوى 58 دولار للبرميل في عام 2018.

وظلت أسعار النفط متقلبة إلى حد كبير خلال الأسابيع القليلة الماضية، بينما كانت تتراوح بين 50 و 55 دولار أمريكي للبرميل قبل ذلك. وقد كان السبب وراء هذه التقلبات هو  عملية شد الحبل بين ارتفاع إنتاج النفط -خاصة من الولايات المتحدة- الذي دفع الأسعار للأسفل، وانخفاض المخزون نتيجة استقطاعات الإنتاج من قبل منظمة أوبك، وهو ما دفع الأسعار لأعلى. وعلى الرغم من هذه التقلبات، لم تتغير توقعات إعادة التوازن في سوق النفط في عام 2017. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يكون هناك نقص في العرض العالمي يبلغ حوالي 0.8 مليون برميل في اليوم، وهو الأساس الذي نبني عليه توقعاتنا ببلوغ متوسط سعر النفط 55 دولار أمريكي للبرميل في السنة الحالية. لكن السؤال الأكبر  هو ما سيحدث في عام 2018. فمع انتهاء استقطاعات الإنتاج لمنظمة أوبك في مارس من العام المقبل، من المرجح أن تتحدد آفاق مستقبل  سوق النفط لعام 2018 بقرار  المنظمة حيال تعليق أو تمديد استقطاعات الإنتاج. ونعتقد أن الأمر المرجح هو أن يتم تمديد تخفيضات الإنتاج وأن يبلغ سقف الأسعار  مستوى 58 دولار أمريكي للبرميل في 2018، وهو ما يساوي تقديراتنا لسعر التعادل للنفط الصخري.

وسيتحدَّد قرار منظمة أوبك لعام 2018 بحسب ارتفاع الإنتاج من الدول غير الأعضاء في المنظمة، إضافة لليبيا ونيجيريا- عضويّ منظمة أوبك المعفيين من التخفيضات. ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية، فمن المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الأمريكي بأكثر من مليون برميل في اليوم خلال العام المقبل، وهو ما سيؤدي -مع زيادات الإنتاج من كندا والبرازيل- إلى زيادة الإنتاج من خارج أوبك إلى 1.4 مليون برميل في اليوم. وعلاوة على ذلك، زادت كل من ليبيا ونيجيريا إنتاجهما في عام 2017 بعد فترة انقطاع طويلة، ويمكنهما الحفاظ على مستويات أعلى من الإنتاج في المستقبل. وسوف تستنفد هذه الارتفاعات في الإنتاج وحدها كامل الزيادة التي حدثت في نمو الطلب العالمي، الذي يتوقع أن يبلغ 1.4 مليون برميل اليوم خلال 2018.

وفي هذا السياق، هناك سيناريوهان محتملان لأوبك في عام 2018. في إطار السيناريو الأول، ستسمح منظمة أوبك بوقف التخفيضات في نهاية مارس 2018 وتستأنف الإنتاج العادي للفترة المتبقية من العام. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى فائض مفرط في العرض في سوق النفط بمقدار 0.2 مليون برميل في اليوم خلال عام 2018. واستناداً إلى تقديرنا للعلاقة التاريخية بين حجم المعروض من النفط وأسعاره، فإننا نتوقع أن تنخفض أسعار النفط إلى متوسط 48 دولار للبرميل في عام 2018 في هذا السيناريو.

وفي السيناريو الثاني، ستقوم منظمة أوبك بتمديد تخفيضات إنتاجها لكامل عام 2018. وفي هذه الحالة، سيكون هناك نقص في المعروض في السوق بمقدار 0.7 مليون برميل في اليوم؛ حيث إن نمو إمدادات أوبك سيزيد بمقدار 0.1 مليون فقط في اليوم وذلك حصراً بسبب إنتاج الأعضاء المعفيين من التخفيض. وفي هذه الحالة، ستبقى الأسعار عند سقف 58 دولار أمريكي للبرميل، وهو ما يساوي سعر التعادل للنفط الصخري.

لماذا نعتقد أن السيناريو الثاني هو المرجح بدرجة أكبر؟ لدى أوبك هدف واضح يتمثل في خفض التراكم الكبير للمخزونات العالمية إلى متوسطها التاريخي لخمس سنوات الذي يبلغ 2.7 مليار برميل. ومن خلال تمديد تخفيضات الإنتاج لمدة سنة أخرى وخلق نقص في العرض، ستضطر المخزونات للانخفاض لتغطية الطلب العالمي. غير أن الانخفاض التدريجي في المخزون لا يزال بطيئاً حتى الآن، فقد أعاقه تسارع الإنتاج في الولايات المتحدة. لكن بوتيرة الانخفاض الحالية، سيصل المخزون إلى المستوى المستهدف من قبل أوبك في نهاية عام 2018. وسيؤدي أي فشل في تمديد تخفيضات الإنتاج إلى تأخير إضافي في تحقيق هذا الهدف. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه نظراً للأثر السلبي الذي تركه انخفاض أسعار النفط خلال السنوات القليلة الماضية على الموازين المالية للدول الأعضاء في منظمة أوبك، ستكون هناك شهية محدودة داخل المنظمة لانخفاض إضافي في أسعار النفط حتى لو أن مثل ذلك الانخفاض  يؤدي إلى تقليص الإنتاج من الولايات المتحدة شيئاً ما.

ومع ذلك، فإن هذه استراتيجية تنطوي على مخاطر كبيرة؛ إذ يمكن لأي تمديد إضافي لخفض الانتاج أن يُفقد أوبك جزءاً كبيراً من حصتها في السوق. كما إن من المحتمل أيضاً أن لا تلتزم الدول الأعضاء إلى حد كبير بحصص التخفيض. لكن الأهم من ذلك هو أن مثل هذه الاستراتيجية يمكن أن تخلق حوافز ذات تأثير معاكس. فبتولي منظمة أوبك لمسؤولية إزالة فائض المخزون من السوق، سيُتوقع منها فعل الشيء نفسه في المستقبل في الوقت الذي يحتفظ فيه المنتجون الآخرون من خارج المنظمة بمعدلات انتاجهم أو يرفعونها لمضاعفة حصتهم والاستفادة من ارتفاع الأسعار في المستقبل. وسيكون الخروج من هذه الاستراتيجية دون إحداث توتر  كبير في السوق أمراً بالغ الصعوبة.

تعليق عبر الفيس بوك