وَصَفها بقناة الأخبار المزيفة وغيَّر اسمها إلى "FNN".. فاتهمته "بالتصرف كالصبيان"

"لكمة" ترامب تضرب سمعة البيت الأبيض.. قبل "سي.إن.إن"

الرُّؤية - هيثم الغيتاوي والوكالات

مُنذ إعلان ترشحه لرئاسة الولايات المتحدة، كان الجميع يُدرك أنَّ دونالد ترامب على موعد مع حرب طويلة مع وسائل الإعلام، بشقيها الجاد والساخر، لكن ما لم يتوقعه أحد أن تستمر هذه الحرب بدافع من ترامب أولا، الذي لا يترك فرصة لاستفزاز وسائل الإعلام في بلاده قبل غيرها، بتصريحاته التي تقلِّل من شأن الصحافة والإعلام عامة، فضلا عن التشكيك الدائم في مصداقية الأخبار والتقارير المنشورة عنه وعن إدارته، وأخيرا سخريته اللافتة من قناة سي.إن.إن الإخبارية على وجه الخصوص؛ وذلك من خلال نشره فيديو ساخر -تمت معالجته ببرامج المونتاج- يظهر فيه الرئيس الأمريكي يُوجِّه لكمة للقناة الأمريكية خارج حلبة مصارعة، وهو ما أدهش المتابعين، ليس للسخرية في حد ذاتها، وإنما لأنَّ النشر تمَّ عبر حسابيْن يُعبِّران عن رئيس أمريكا شخصيًّا والبيت الأبيض؛ حيث لا مجال لـ"الألعاب الصبيانية" بحسب تعبير "سي.إن.إن" في ردها على هذا التصرف.

وبالتزامن، كان ترامب قد استغلَّ كلمته في حفل في مركز كنيدي في واشنطن، السبت الماضي، لتوجيه انتقادات لوسائل الإعلام مجددا. ونظَّم ترامب تجمعات على غرار الحملات الانتخابية بانتظام خلال شهوره الأولى في السلطة، وأطلق حملة إعادة انتخابه مبكرا بشكل لم يسبقه إليه أي رئيس في المنصب في التاريخ الحديث. وشملت إستراتيجيته للتواصل مع مؤيديه انتقاد وسائل الإعلام؛ حيث وجَّه مرة أخرى انتقادات قاسية للصحافة في تصريحاته. وقال ترامب إن "الإعلام الزائف يحاول إسكاتنا.. لكننا لن نسمح لهم". وأضاف: "الإعلام الزائف حاول منعنا من الوصول إلى البيت الأبيض، لكني أنا الرئيس".

ومن الزاوية الأخرى، اتَّهمت "سي.إن.إن" الرئيسَ بالتحريض على العنف ضد وسائل الإعلام؛ ردًّا على نشر المقطع الذي يظهر فيه ترامب كأنه يصارع رجلا يرمز إلى قناة "سي.إن.إن" الإخبارية الشهيرة. ويعدُّ المقطع نسخة معدلة من فيديو لترامب خلال فعالية تابعة لمؤسسة المصارعة الترفيهية في العام 2007، حين هاجم شخصا في منازلة مرتبة سلفا بينهما. ووصفت المعلقة السياسية الجمهورية آنا نافارون، في برنامج تليفزيوني على قناة "إي.بي.سي"، ما فعله ترامب بأنه "تحريض على على العنف، سيؤدي هذا إلى مقتل أحدهم في وسائل الإعلام". ولكنَّ مستشار الأمن الداخلي، الذي شارك في البرنامج أيضا، قال: "لا أعتقد أن أحدا سيرى في الأمر تهديدا".

ونشر الفيديو على مُنتدى على الإنترنت لأنصار ترامب قبل عدة أيام، وأصبح من الفيديوهات الأكثر شعبية. واستغرب المشاركون في منتدى ريديت من نشر الرئيس للفيديو، الذي نشر أيضا على حساب يشرف عليه البيت الأبيض على موقع تويتر.

وقد وَقَع خلافٌ بين ترامب وقناة "سي.إن.إن" أكثر من مرة، ووصفها بأنها قناة "الأخبار الزائفة". وكتب مراسل "سي.إن.إن" في البيت الأبيض جيم أكوستا، الذي انتقد تعامل البيت الأبيض مع وسائل الإعلام، على حسابه بموقع تويتر: "أليست المصارعة الترفيهية زائفة". وكان ترامب قد استبدل أول حرف من اسم القناة بـ"FNN" في إشارة إلى أنَّ أخبارها مزيفة.

ونشرت إدارة القناة ردًّا ساخرًا ضمَّنته تصريحَ المكلفة بالإعلام في البيت الأبيض سارة هاكابي ساندرز، التي قالت الخميس: إن "لم يحدث أن دافع الرئيس بأي طريقة كانت أو شجع على العنف، بل على العكس". وجاء في بيان لاحق للقناة أنَّ "سارة هاكابي تكذب، فهو يتصرف كالصبيان، دون منزلة المنصب الذي يتولاه". وأضاف البيان: "سنستمر في أداء عملنا، وعليه أن يبدأ في القيام بمهامه".

وكان ترامب كتب -ردًّا على مُنتقدي تغريداته غير المعتادة من الرؤساء- إنَّ استعمالَ وسائل التواصل الاجتماعي "ليس من أعمال الرئيس، بل هو عمل الرئيس العصري". وشنَّ الخميس هجوما شخصا على المذيعين ميكا بريجينسكي وجوي سكاربورا من قناة "إم.إس.إن.بي.سي". وانتقد الجمهوريون والديمقراطيون تغريداته. وظهر ترامب في منازلات المصارعة الترفيهية منذ 10 أعوام. وفي العام 2007، تحدَّى فينس ماكماهون مدير مؤسسة المصارعة الترفيهية، ترامب في منازلة سميت "معركة المليونيرات". ويتمُّ ترتيب منازلات المصارعة الترفيهية في الولايات المتحدة، وتعد نشاطا ترفيهيا وليست رياضة.

ومنذ بداية "مغامرته السياسية"، اشتدَّت حدة التوتر بين الرئيس الأمريكي ووسائل الإعلام الأمريكية والدولية كلما أصرت على مساءلته ليرد بمهاجمتها واتهامها بخدمة مصالح غير أمريكية. ففي مؤتمر صحفي نظَّمه في فبراير الماضي في البيت الأبيض، بحضور عشرات الصحفيين والمراسلين من مختلف وسائل الإعلام الأمريكية والدولية، لم يألُ ترامب جهدا في اتهامها بالافتقار للنزاهة. وقال ترامب في المؤتمر الصحفي: إنَّ "عددا كبيرا من الصحفيين في هذه البلاد لا يقولون الحقيقة... لقد أصبح مستوى انعدام النزاهة لديهم خارج السيطرة".

واستهدفتْ انتقادات الرئيس كبرى الصحف والشبكات التليفزيونية الأمريكية في واشنطن ونيويورك ولوس أنجلوس، واتهمها بخدمة مصالح خاصة. وأضاف: "هناك كثير من الغضب والحقد على "سي.إن.إن" حتى أنا لم أعد أشاهدها". ويبدو أنَّ الرئيس ترامب لم يعد يتحمَّل الأسئلة الحرجة التي تُثار في مُختلف وسائل الإعلام حول ما اصطلح على تسميته "الفوضى" التي تتخبط فيها حكومته منذ تعيينه رسميًّا في العشرين من الشهر الماضي، بسبب القرارات المثيرة للجدل التي اتخذها.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة