المستحقات المالية المتأخرة للاعبين.. صداع في راس اتحاد الكرة

الرُّؤية - وليد الخفيف

دُوْنَ قَيْد أو شَرْط، تُوَاصل أندية دوري عُمانتل إبرام عقود لاعبيها استعداداً للنسخة القادمة 2017/2018، والتي لم تعُد تحمل مُسمَّى "محترفين"، فالاتحاد -الذي أبدى عزمه سداد المستحقات المالية المتأخرة للاعبين عِوَضا عن الأندية المتعثرة عبر الدعم المالي السنوي- أضحى غير قادر على الوفاء بما قطعه على نفسه؛ فالقيمة المالية للمستحقات التي يطالب اللاعبون بسدادها من قبل سنوات طوال تتخطى قيمة الدعم السنوي المقدم من الاتحاد لمعظم الأندية، والمشكلة جذورها متشعبة وليست وليدة موسم أو موسمين، إنما تعود لسنوات طويلة، اخترقت فيها تلك الأندية السقف المحدد للرواتب والعقود، والمحدد قيمتها من قبل رابطة المحترفين، مُتَّبِعَة سياسة الترضيات الخفية أو الدفع من تحت الطاولة، متناسين أنها مقطوعة من موازنة مختلة؛ فالفجوة العميقة بين الدخل والإنفاق أدت في الأخير لاستدانة تخطت الحدود الحمراء، غير أنَّ ذلك لم يقيد حركتها النشطة لإبرام عقود جديدة، مع غضِّ الطرف عن سداد قيمة العقود القديمة، لتفتح صفحة جديدة من الديون قد تكون سبيلا لتحقيق لقب باهت سريعا ما تزول الفرحة به لتبقى مصاعب تبعاته، فما قيمة تحقيق درع وقوده الديون التي سيتحمل ويلاتها مجالس إدارت قادمة لا ذنب لها بما اقترفته يدي الغير التي بادرت بالقفز من سفينة تترنح قبل غرقها. وربما تتحدَّث الأمثلة والنماذج عن نفسها، فلم يعد لكرسي رئاسة النادي بريقه السابق، بعد أن أصبح مُكبَّلا بالديون.

ويتحمَّل مجلس إدارة الاتحاد السابق جانبا كبيرا من مسؤولية تفاقم الأزمة الراهنة، فلا يخفى على أحد مساعي بعض الأندية لتحقيق لقب ينسب لمجلس بعينه قبل الرحيل، وكان لزاما تكبيل ذلك ببنود صارمة تقف عائقا دون تسجيل لاعبين جدد قبل سداد المستحقات المالية السابقة للاعبين فربما كان كسب ود الأندية على رأس أولويات المجلس السابق على حساب مستحقات اللاعبين المتأخرة لسنوات.

فلم يشفع للاعب لجوؤه للجنة أوضاع اللاعبين أو غرفة فض المنازعات في الحصول على حقه رغم إصدارها أحكاما قاطعة لصالحه، فربما كانت الثغرة في التشريع نفسه؛ فالأحكام بلا أنياب، يُماطل في تنفيذها الأندية المحترفة في اتباع سياسة المماطلة والتهرب من رد الحق لأهله، واللاعب دائما هو الحلقة الأضعف، فلا سبيل أمامه سوى هذا الطريق، ولا يحق له اللجوء للقضاء العادي ذي القوة الفعلية النافذة، وكانت قد أصدرت قرارات بإيقاف بعض ممن سلكوا هذا المسلك؛ فما زالت حكاية إيقاف "الدوخي" في الأذهان تهدد كل من يعتزم اللجوء لهذا السبيل.

ويبدو واضحا أنَّ الإمكانيات المالية لاتحاد الكرة غير قادرة على سداد مستحقات اللاعبين عوضا عن الأندية المتعثرة خلال موسم أو موسمين أو حتى نهاية ولايته؛ فالخصم من الدعم السنوي وتوجيهه إلى اللاعب لا يفي بالغرض، إنما هي محاولة من قبل الاتحاد لتقويض درجة الانفاق غير المدروس بالأندية؛ فلا توازن بين واقع الموازنة -التي تعتمد بشكل كبير على هبات محبي النادي وداعميه، دون أن ترقى إلى مستوى المورد المالي الثابت- لذا فلا ثبات في مستوى الأندية، وبالتالي اهتزاز في مستوى المسابقة مما يؤثر سلبا على مستوى المنتخب الوطني.

وقد يجد المجلس الحالي معارضة من قبل بعض الأندية التي سيخصم جانب من دعمها السنوي لسداد مستحقات لاعبيها المتأخرة، فبعض الأندية كانت تقصد إرهاق اللاعب بطول المدة حتى يرضى في الأخير بأي مبلغ على سبيل الترضية غير العادلة.

وبات على المجلس الحالي المضي قدما لمواجهة المشكلة؛ فالخطوة التي كشف عنها النقاب بالخصم من مستحقات الأندية لا بد أن تدخل حيز التنفيذ، وإذا كان المبلغ أكبر من قيمة الدعم فيمكن جدولته على سنوات، على أن تتعهد الأندية المتعثرة للاعببها كتابيا بالدفع في تواريخ محددة. أما المحور الثاني، فيهدف لمكافحة القصة من مهدها عبر بنود قانونية تقرها الجمعية العمومية وتقضي بعقوبات على الأندية التي لا تعتزم السداد؛ فخصم النقاط والهبوط للدرجة الأول وعدم السماح لقيد لاعبين جدد إلا بسداد المستحقات المالية المتأخرة تبدو حلولا ناجعة لعلاج المشكلة، وقد يجني المجلس القادم ثمارها.

تعليق عبر الفيس بوك