نسائم رمضانية

 

 

ها نحن نودع هذه الأيام شهرًا كريما كنّا نرتقب مجيئه.. نعد لأجله الشهور والأيام.. حلّ علينا شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ضيفًا عزيزا بكل معانيه وصفاته وبركاته.. فهو شهر الخيرات.. وشهر التراحم.. وشهر الصلوات والقيام والذكر.. شهر اختص الله به لعظيم أجره وسعه نواله.. يودّعنا رمضان بقلوب ستتوق إلى عودته دائمًا، وبأكف تتضرع لله ولسان يتمتم بتبليغنا إيّاه أعوامًا وأعواما.. يتأهب رمضان للرحيل بعد أن خلّف على الأرض والمجتمعات المسلمة هالة من نور.. وقبسات من سماحة وتقوى، وفيضًا من نور يغسل الأرواح والأنفس..

ولأنّ الأعمال بالخواتيم، فقد فرض الله علينا في آخر هذه الشهر الكريم شعيرة سمحة أخرى، بها يتم العمل وبها يقبل الصيام ويثاب الصائم على جهده وتجشمه عناء العبادة، وحرمان النفس وتقييدها عن إتيان الشهوات، وهي شعيرة زكاة الفطر؛ حيث فرضها المولى عزّ وجل على الصغير والكبير، الذكر والأنثى.. فمن نعمتها أنّها فرض على كل من نطق الشهادة.. كل مسلم تنفس حيًا في ملكوت الله.. سواء كان قاصرًا أم راشدًا.

جاءت هذه الزكاة تشريعًا من الله سبحانه طهرًا للصائم مما قد يكون لحق بصومه من تجريح أو خلل أو نقصان، وكأنّ هذا التشريع الرباني الذي جاء رأفة بالعباد فرصة أخرى من العلي المتعال لنيل الأجر واللحاق بما فات في رمضان من أجر حرمنا إيّاه اللغو أو السهو أو الزلل..

فالزكاة فوق مشروعيّتها الدينية فإنّ من شأنها - اجتماعيًا - أن تشيع المحبة والتعاضد بين أفراد المجتمع وخاصة بين المساكينَ وأهل الحاجة؛ فالعيد مناسبة فرح عامة ينبغي أن تعم الجميع ويعيشها كل الناس بمختلف مشاربهم وفئاتهم.

نسأل الله في خواتيم شهر رمضان المبارك أن يعيده علينا أياما مديدة وأعواما عديدة، وأن يرزقنا فضل صيامه وقيامه وعبادته، وأن يطهر به نفوسنا مما علق بها من أدران وغفلة، وأن يجعلنا من الشاربين من حوض نبينا المصطفى، والداخلين جنات الفردوس من باب الريان وأوسع أبوابها.. وأن يعيده على أمتنا العربية رخاء وأمنا، وأن يعيده علينا والشعب العماني يرفل في ثوب العز والرخاء.. وأن يحفظ قائدنا المفدى.

تعليق عبر الفيس بوك