الزكاة وزكاة الفطر

 

الزكاة في اللغة الطهارة وتزكية الشيء تطهيره (تطهرهم وتزكيهم بها) التوبة: 301 وشرعا: إخراج جزء معلوم من مال معلوم بنية معلومة فهي تطهير مخصوص بفعل مخصوص وفي الحديث الشريف عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان) رواه البخاري

  قال أبو بكر والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه والزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام الخمسة فهي دعائم الإسلام وقواعده، لا يتم إسلام من جحد واحدة منها ألا ترى فهم أبى بكر الصديق رضي الله عنه لهذا المعنى الأمر الذي جعله يقسم قائلا والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه وأجمع العلماء على أن مانع الزكاة تؤخذ من ماله قهرا وإن نصب الحرب دونها قوتل اقتداء بأبي بكر الصديق في أهل الردة

  وقد سمى الله تعالى مانعي الزكاة بالمشركين قال الله تعالى (وويل للمشركين * الذين لا يؤتون الزكاة) فصلت 6ـ7 وأعد لهم يوم القيامة عذابا أليما قال الله تعالى ((والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم)) التوبة 34

  إن الذين شغلهم في الدنيا مالهم ومنعهم عن زكاته طمعهم وجشعهم وغرورهم وكبرهم إنما في غد سيلقون عقبهم لن ينفعهم ما جمعوا يوم تقوم قيامتهم ((يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم)) التوبة 35 فكيف غابت عن قلوبهم وعقولهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم (من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له ماله يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه يعني بشدقيه ثم يقول أنا مالك أنا كنزك ثم تلا ((ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير) آل عمران 180

  قال إبراهيم النخعي: معنى الآية يجعل يوم القيامة في أعناقهم طوقا من النار وقال مجاهد: يكلفون يوم القيامة أن يأتوا بما بخلوا به في الدنيا من أموالهم أو يجعل الله تعالى ما منعه من الزكاة حية تطوق في عنقه يوم القيامة تنهشه من فوقه إلى قدمه وهذا قول ابن مسعود وابن عباس وقوله تعالى) ولله ميراث السماوات والأرض) أي فأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فإن الأمور كلها مرجعها إلى الله عز وجل فقدموا لكم من أموالكم ما ينفعكم يوم معادكم.

وقد شرع الله تعالى لنا في ختام شهرنا المبارك هذا عبادات جليلة يزداد بها إيماننا وتقَّوي بها صلتنا بربنا من هذه العبادات زكاة الفطر وزكاة الفطر لا تقل أهمية عن زكاة الأموال وهي الزكاة التي تجب بالفطر من رمضان وهي ما يخرجه المسلم من ماله للمحتاجين طهرةً لنفسه وجبراً لما حدث في صيامه من خلل مثل لغو القول وغيره لقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات) رواه أبو داود وشرِعت زكاة الفطر في شعبان من السنة الثانية للهجرة وزكاة الفطر فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ على المسلمين كما هو واضح من الحديث الشريف وما فرضه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر به فله حكم ما فرضه اللهُ وأمر به. فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى فقد وصفه ربه في كتابه الكريم فقال (وما ينطق عن الهوى إنْ هو إلا وحيٌ يوحى) النجم وقال الله تعالى ((من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا)) النساء 80 وزكاة الفطر واجبة على كل فرد من المسلمين صغيراً أو كبيراً ذكراً أو أنثى حراً أو عبداً

  والحكمة من زكاة الفطر هي الإحسان إلى الفقراء وهذا أفضل الأعمال فقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي الأعمال أفضل قال إدخالك السرور على مؤمن أشبعت جوعته أو كسوت عورته أو قضيت له حاجة) رواه الطبراني في الأوسط وفيها من الحكمة كف المسكين عن السؤال في يوم العيد فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (أغنوهم في هذا اليوم) سنن الدارقطني فلا نجعل المسكين و الفقير يمد يده في هذا اليوم و كن أنت المسارع إلى إعطائه و التصدق عليه وكفه عن السؤال وفيها الاتصاف بخُلق الكرم وحب المواساة وهذا من أخلاق الإسلام و قد قال نبي الإسلام صلى الله عليه و سلم (إنما بعثت لأُتمم مكارم الأخلاق) ومن الأخلاق الحميدة خُلق الكرم والجود عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة) صحيح البخاري إلا يكفي أخي القارئ الكريم ما قرأت كي تسارع بإخراج الزكاة في وقتها سواء كانت زكاة الأموال أو زكاة الأنعام أو العقارات أو التجارات أو زكاة الفطر.

                 هذا والله تعالى أعلى وأعلم

                  أنس فرج محمد فرج

 

تعليق عبر الفيس بوك