"سيلفي".. عندما يتجاوز الفن الخطوط الحمراء

 

الرؤية – نجلاء عبد العال

يُقال إنَّ الفن مرآة المجتمع لكن الحقيقة أنَّ الفن لا ينبغي له أن يكون مجرد مرآة بل ينبغي عليه أن يتقدم على المجتمع دائمًا بخطوة، وكما الأدب والثقافة فإنَّ للفن دور ريادي يحمل فيه مشعلا يضيء دروب المستقبل ويعالج تشوهات الحاضر إن وجدت.

وفي حلقات "سيلفي" استطاع القائمون على العمل تقديم وجبة تنويرية متكاملة في كثير من الحلقات، وبالاستفادة من القالب الخفيف تمكن البرنامج من الدخول في موضوعات اعتبرت لفترة طويلة خطوطا حمراء على الفن بل والإعلام بشكل عام، وكان آخرها حلقة "أنا راشدة" التي كتبتها الدكتورة بدرية البشر وتناولت تشدد بعض القوانين في دول عربية تجاه المرأة والتغليف وانتقاص حقوقها في غلاف ديني.

واتباعا للمثل "شر البلية ما يضحك" قدم البرنامج حالات من الواقع حدثت وتحدث بالفعل عندما توضع القوانين وفق توجه متشدد ويصبح تطبيقها منتهكاً لأبسط قواعد المساواة، فقدمت الحلقة حالة  أسرة تضم أم وابنتين تنقلب حياتهم عقب وفاة الوالد رأساً على عقب باعتباره كان "ولي الأمر"، وكشفت الحلقة عن التقييد الذي تفرضه القوانين في بعض الدول على كل تصرفات المرأة فقط لكونها امرأة.

الحلقة عرضت قصة دارسة الدكتوراه الحاصلة على جائزة علمية دولية لكنها لا تتمكن من السفر لاستكمال دراستها بدون موافقة ولي الأمر، وأختها الموظفة التي تعول أسرتها لا تتمكن من استئجار منزل تعيش فيه مع أبنائها بدون ولي أمر، وحتى الأم التي توفي عنها زوجها وليس لها ولد ذكر يمكن أن تطرد من منزلها لأنها بدون ولي أمر.

الحلقة لم تتضمن عرض المُشكلة القانونية فحسب لكنها عرضت كيف يعرض بعض المتشددين الأمر على أنه من أصول الدين ولوازمه، وأيضًا ردود من الدين والقانون تدحض هذا الفكر، وبقدر أهمية التنوير الذي تقدمه حلقات سيلفي إلا أنه يلفت النظر إلى توغل التشدد والتطرف وبما يجعل محاربته تزداد صعوبة.

ويبقى الدرس المستفاد من الدراما الناجحة أنّه إن لم يكن للفن رسالة ودور فإنه يصبح كالزبد ينسى سريعاً، كما يلفت نجاح سيلفي إلى أن الدراما العمانية مازالت تحتاج اهتماماً أكبر ليكون لها دور تنويري وإيجابي لكشف المشاكل وعرض حلولها، وأيضاً أن تلعب دورا مهما في نقل ما تتمتع به المرأة في عمان من حقوق وحرية لا تتمتع بها النساء في كثير من الدول المُحيطة.        

تعليق عبر الفيس بوك