فتاوى لسماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة

 

 

 

يوجد في أحد الكتب المعنية بالزكاة عدم وجوب الزكاة فيما هو محرم كالتماثيل وما يلبسه الرجال من أسورة ونحو ذلك . 
أليس هذا يتنافى مع كون الذهب مالاً مُتقوماً أياً كان شكله، أوليس في مثل هذا ذريعة لابتعاد أصحاب الأموال عن الزكاة؟
 

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد :
فإنَّ الزكاة في الذهب والفضة واجبة شرعاً بنص الكتاب العزيز بالأحاديث الكثيرة المروية عن النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ، ومع ذلك انعقد الإجماع على هذا، فلا خلاف بين الأمة في هذا الوجوب .
الله تبارك وتعالى يقول (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ) (التوبة : 34ـ35) ، وفي الحديث عن النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ أن صاحب الذهب والفضة إن كان لا يؤدي زكاتهما فإنهما يصفحان يوم القيامة صفائح من نار ويكوى بها ظهره وجنباه .
ولا خلاف بين الأمة في أن كلاً من الذهب والفضة إذا كان عند إنسان مُتَملكاً وقد بلغ فيه النصاب الشرعي فالزكاة فيه واجبة، فكل منهما تجب الزكاة فيه، الذهب تجب الزكاة فيه، والفضة تجب الزكاة فيها .
ولئن صنع الإنسان منهما تماثيل أو أي شيء مما يحرم عليه كحلية الذهب للرجل فإن ذلك لا يُسقط الزكاة الواجبة إذ الوقوع في المحرم لا يُسقط الفرض الواجب وإلا لكان فعل الحرام ذريعة للإنسان من أجل إسقاط الحقوق الواجبة .
على أن كلاً من الذهب والفضة مال متَمول وهو معيار لقيمة بقية الأموال، فإن الله سبحانه وتعالى جعلهما بطبعها ثمنين لبقية الأموال المتمولة، فمن هنا كانت الزكاة واجبة فيهما لأنهما تُقضى بهما المصالح، فمصالح الناس تتيسر ويتيسر قضاؤها من خلال دفع الذهب وأخذه، لأجل ذلك كانت الزكاة فيهما لأن سنة الله سبحانه وتعالى في خلقه اقتضت أن تكون حياة الناس حياة فيها تداخل وفيها أيضاً نظر، فكل واحد ينظر إلى ما بيد الآخر .
ومن المعلوم أن ما تشتد الحاجة إليه تشرئب إليه الأعناق وتتطلع إليه النفوس، فلذلك فرض الله سبحانه وتعالى الزكاة لأصناف الأموال التي تشتد حاجة الناس إليها، فنجد أنه فرض مثلاً في أنواع الماشية فيما جعله الله سبحانه وتعالى غذاء للناس، أي ما كانت الحاجة إليه أشد، لأن حاجة النفس البشرية إلى الغذاء أعظم من حاجتها إلى أي شيء آخر، فلذلك فرض الله سبحانه هذه الزكاة في الماشية التي فيها غذاء للناس، فرضها في الإبل وفرضها في البقر وفرضها في الغنم .
كذلك نجد أن هذه الزكاة فُرضت بلا خلاف في أصناف من الحبوب جعلها الله قواماً لحياة الناس، القمح والشعير والزبيب والتمر هذه أنواع من الحبوب جعلها الله سبحانه قواماً لحياة الناس، فكل ما كان مثلها أيضاً تجب فيه الزكاة .
والذهب والفضة من حيث إنهما تُقضى بهما رغائب الناس، ويتوصل من خلالهما إلى ابتياع ما يريد الإنسان ابتياعه، وبيع ما يريد بيعه،
فلذلك كانت الزكاة واجبة فيهما لأنهما تُقضى بهما مصالح الناس، فلذلك فرض الله سبحانه وتعالى فيهما هذه الزكاة.

 

تعليق عبر الفيس بوك