مطالب بإنشاء "جمعية عُمانية" لتطوير القطاع.. وشكاوى مُتعددة من بطء إنجاز المعاملات

مسؤولون وأصحاب أعمال: الكسارات والمحاجر تعزز التنويع الاقتصادي وتوفر فرص عمل للشباب وتسهم في تطوير البنية الأساسية

◄ تفعيل إستراتيجية الرقابة والتفتيش على المحاجر والكسارات.. وموازين بالمراكز الحدودية

◄ "التعدين" تدعم تأسيس المواطنين لشركات كسارات في الولايات

◄ "التعدين": الكسارات تعمل على توفير احتياجات الدولة من المواد الأولية في مجال التشييد والبناء

◄ مُنتجات الكسارات تشكل 43% من صادرات السلطنة من المعادن.. و90% من الرسوم المحصلة من التصدير

أكَّد مَسْؤولون وأصحابُ أعمال أنَّ الكسارات والمحاجر تعزِّز جهودَ التنويع الاقتصادي في السلطنة؛ من خلال رَفْد الخزانة العامة للدولة بموارد إضافية تدعم الإيرادات العامة، في ظلِّ تراجُع أسعار النفط حاليا.. مشيرين إلى أهمية هذا القطاع في توفير فرص عمل للشباب وإسهاماته المتعددة في تطوير البنية الأساسية بالبلاد.

وقال المهندس سالم بن عمر آل إبراهيم مدير عام المديرية العامة للمناجم والمحاجر والرقابة على التعدين، إنَّ أهميةَ عمل الكسارات والتي تتوزَّع في مُختلف محافظات السلطنة، هو إنتاج مواد البناء مثل الكنكري والرمل من ركام الأودية، وهو عبارة عن ترسبات خليطة من الأتربة وأحجار مختلفة أو مواد جبلية صلبة كالجابرو، والحجر الجيري. وأشار إلى أنَّ هذه الكسارات تُسْهِم في توفير المواد الأساسية التي يحتاجها المواطن في عمليات البناء والتشييد، ولها دَوْر أساسي في تخفيض تكلفة البناء، عِوَضًا عن استيرادها بأسعار كبيرة، كما تُشكِّل عائدا جيدا لملاكها، إضافة للخدمات اللوجستية للمتعاملين مع نشاط نقل هذه المواد، كما أنَّها توفِّر فرصَ عمل للمواطنين والقائمين على أنشطتها المختلفة.

مسقط - الرُّؤية

وأكد آل إبراهيم أنَّ عملَ هذه الكسارات يرفد الاقتصاد الوطني بالمواد المختلفة المستخدمة في مشاريع البنية الأساسية؛ حيث تستخدم منتجات الكسارات في تشييد وبناء الطرق والجسور والموانئ والمنشآت العامة الأخرى، كما أنَّ هناك العديد من الصناعات تدخل فيها منتجات الكسارات، كما تستهدف الكسارات المناطق الحدودية وأسواق الدول المجاورة بشكل أساسي للتصدير؛ الأمر الذي يُسهم في عائدات جيدة للوطن من خلال رسوم مرور الشاحنات.

ويذكُر مدير عام المناجم والمحاجر والرقابة على التعدين، الإجراءات التي تتبعها الهيئة في تنظيم عمل الكسارات؛ حيث يقول إنَّها تتمثل في دراسة المناطق الصالحة للاستغلال وتحديدها، وتخليص معاملاتها من الجهات الحكومية، وستقوم الهيئة بتكثيف دور الرقابة والتفتيش، وإلزام هذه الشركات بتركيب الموازين للتعرف على الكميات المباعة ومقارنتها بتقارير الإنتاج، والتحكم في التصدير من خلال المنافذ البحرية والبرية. وحول الدور الرقابي للهيئة في ميدان عمل الكسارات، يقول المهندس سالم آل إبراهيم: إنَّ الهيئة تنظم زيارات ميدانية للكسارات من فترة لأخرى، ولكن ليس بالشكل الكافي؛ وذلك لمتابعة مختلف الجوانب الفنية المتعلقة بسير العمل فيها، من خلال إجراء المسح الميداني للمحجر حتى لا تتجاوز الشركة إحداثيات موقعها المرخص، إضافة إلى سحب فواتير المبيعات للتأكد من مطابقة الكميات بما تقدمه الشركة في تقارير الريع ومدى التزامها باشتراطات عقد التحجير، ورصد المخالفات وتحرير محضر ضبط لها وفقا للإجراءات القانونية في هذا الشأن.

خطط ومشاريع

وعن الخطط والمشاريع لتطوير عمل الكسارات، أكَّد آل إبراهيم أنَّ الهيئة قامت بتعيين استشاري لوضع إستراتيجية عامة لقطاع التعدين في السلطنة يشمل المحاجر والمناجم، كما قامت الهيئة بإعداد إستراتيجية خاصة بالرقابة والتفتيش، وستعمل على تفعيلها في القريب العاجل، وكذلك عملت الهيئة على تركيب موازين في المراكز الحدودية والتي تنتشر فيه الكسارات لضبط الكميات المنتجة، وكذلك تسعى لتعميمها على مواقع التعدين في المحافظات المختلفة وفي مواقع التعدين المتقاربة؛ حيث ستلزم الشاحنات المحملة بمواد التعدين من هذه المواقع بالمرور من خلالها، وكذلك دعم تأسيس شركات من قبل المواطنين لإقامة مشاريع الكسارات لإنتاج مواد البناء كلا في ولايته، كما تعمل الهيئة على مشروع إعادة تنظيم طلبات التراخيص التعدينية ضمن تراخيص الخامات المعدنية الأخرى، وكذلك التشجيع على تأسيس شركات مساهمة قادرة على الاستثمار في محاجر الكسارات أو الخامات المعدنية الأخرى عن طريق إقامة صناعات مختلفة تقوم على الخامات المنتجة محليا، وأيضا التنقيب والاستكشاف المستمر عن الخامات المعدنية المختلفة.

وفيما يتعلق بالشراكة مع المجتمع المحلي، أوضح أنَّ الحكومة أصدرت قرارا وزاريا يلتزم المرخص له بالمساهمة في تنمية المجتمع المحلي بمبلغ يعادل 5% من صافي الأرباح السنوية يتم إيداعه وصرفه بالتنسيق مع مكتب الوالي، كما تشجع الهيئة إقامة مشاريع أهلية بواسطة الأهالي في كل ولاية، الذي سينعكس على تنمية الولايات وإيجاد مصدر يُسهم في أنشطة الولاية الاجتماعية المختلفة.

إستراتيجية للرقابة

وقال المهندس هلال بن خميس المحروقي مدير دائرة الرقابة والتفتيش بالندب، إنَّ الهيئة العامة للتعدين أتمَّتْ إعداد استراتيجية للرقابة والتفتيش على جميع أنشطة التعدين في السلطنة بما يضمن تطبيق الشركات العاملة في أنشطة التعدين القوانين والقرارات والإجراءات النافذة بهذا الشأن، والدائرة تعمل حاليا على اعداد خطط للتفتيش استنادا إلى هذه الإستراتيجية وحسب الإمكانيات المتاحة. وأضاف المحروقي بأنَّ الهيئة ممثلة في دائرة الرقابة والتفتيش تقوم بمهام ميدانية مختلفة؛ تتنوع بين معاينة الشكاوى وزيارة حفر الإمداد الخاصة بمشاريع البينة الأساسية وتجديد التراخيص، وزيارة بعض المحاجر التي تحوم حولها شكوك بشأن صحة بيانات الإنتاج المقدمة للهيئة. وبيَّن أنَّ الفريق قام في الربع الأول من العام الحالي بتنفيذ ما يقارب 200 زيارة تفتيشية شملت جميع محافظات السلطنة، وأنه من خلال هذه الزيارات الميدانية تم ضبط عدد من المخالفات لقوانين التعدين، وتم إحالتها إلى الدائرة القانونية لاستكمال الإجراءات القانونية، مشددا على أن الهيئة لا تتوانى في اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال المخالفين.

وأكَّد المحروقي أن مواد البناء (مواد الكسارات والحصى والرمل والكنكري) تشكل النسبة الأكبر من حيث الكميات المصدرة بنسبة 43% من صادرات السلطنة من المعادن، وأن الإيراد الأكبر من الرسوم المحصلة يأتي من التصدير؛ حيث تشكل 90% من إيرادات رسوم شهادات التصدير. وبين أن مواد الكسارات والمحاجر تساهم بالجزء الأكبر من الريع الذي وصل مجمله في الربع الأول من العام الحالي ما يزيد على مليونين و600 ألف ريال عُماني، فضلا عن توفير حاجات السوق المحلي بشكل مستمر وبأسعار مناسبه من المواد الأساسية للبناء والرخام.

نشاط ونمو

وفي المقابل، تحدَّث عددٌ من أصحاب الأعمال في هذا القطاع؛ حيث قال راشد بن سيف بن محمد الراجحي رئيس مجلس إدارة مجموعة الراجحي وعضو مجلس إدارة محاجر عمان: إنَّ للكسارات أهمية كبيرة في نشاط ونمو البلد عمرانيا واقتصاديا وصناعيا وسياحيا. مشيرا إلى أنَّ الكسارات تمثل الركيزة الأساسية لنمو المشاريع كافة. وأضاف بأنَّ عُمان تزخر بموارد طبيعية قلما تتوافر في بلد أخر، فضلا عن موقعها الإستراتيجي وتمتعها بالاستقرار السياسي الذي يدفع النمو فيها الى مستويات مرتفعة.

وأوضح الراجحي أنَّه ورغم هذه الأهمية الكبيرة، إلا أنَّ هناك تحديات يُعانِي منها قطاع الكسارات، وهو عدم تسريع إنجاز معاملات مؤسسات القطاع الخاص بشكل عام والكسارات بشكل خاص، والتي تتركز طلبات التراخيص حولها؛ حيث تمر بعدة مراحل وفي عدد من الجهات، والتي يجب التسريع في نموها للتحسين في الإنتاجية ودفع عجلة التنمية ومواكب الدول المتقدمة. وأشار الراجحي إلى أن معظم الكسارات ملتزمة بالمحافظة على البيئة وفق الاشتراطات وبنود التصاريح الصادرة من الوزارة المعنية. معتبرا أنَّ التأثير البيئي للكسارات "ليس قويا"، قائلا إنه يندرج تحت "النوع البسيط"، في ظل التشريعات وبنود التصاريح التي تنظم بيئة العمل في الكسارات.

وطالب الراجحي بإنشاء جمعية عمانية للكسارات والمحاجر، ويكون من بين توجهاتها عقد ورش عمل تعريفية بالأضرار البيئة التي قد تصدر من بعض الشركات العاملة في القطاع، وأن تحث الكسارات على إعادة المواقع لطبيعتها بعد انتهاء العمل، بأفضل الطرق الممكنة، من خلال تسوية الموقع ومسحه بمعدات خاصة. وأكد الراجحي أن مساهمة الكسارات في المجتمع المحلي قائمة منذ تأسيس الكسارات ولا تزال مستمرة؛ حيث تسهم في توفير المواد لبناء المساجد والمنازل الآيلة للسقوط والمساهمة في رصف الطرق بين المساكن، إضافة إلى تقديم المساعدة المادية لذوي الدخل المحدود، كما أنَّها توفر فرصَ عمل للمواطنين القاطنين بالقرب من الكسارات. وتابع أنه بعد صدور القرار الوزاري 45/2013م تقوم جميع الكسارات بدفع المساهمة بنسبة 5% من الأرباح للجان البلدية بمكاتب الولاة.

ثروة طبيعية

وقال ياسر بن مُحمَّد العجمي مدير عام التسويق في العجمي للرخام: إنَّ محاجر الرخام لأو الحجر الجيري تمثل أهمية في قطاع التعدين؛ حيث إنها تمثل ثروة وطنية تزخر بها السلطنة وتتواجد بأصناف متعددة حسب نسبة النقاء، ويمكن استخدام كل صنف في صناعة معينة. وأضاف أنَّ صناعة الرخام من الصناعات التي تصدّر منتجاتها خارج السلطنة؛ نظرا لوجودها بكميات تجارية في ظل طلب متزايد عليها، لكن هناك تحديات تواجه المحاجر مثل عدم توفر الكهرباء والماء، وكذلك الزحف السكاني بالقرب من المواقع التعدينية الذي بدوره يضغط على إيقاف هذه المحاجر؛ وبالتالي عدم استغلال الثروة المعدنية في ذلك الموقع.

وأكَّد العجمي أنَّه في حالة توقف الكسارات والمحاجر عن العمل، فإنَّ ذلك سينعكس سلبا على فئات من المجتمع والمعتمدة على العمل في هذه المحاجر والكسارات كمصدر دخل، كما أنَّها تمثل رافدا اقتصاديا للدولة، وكذلك مصدرا أساسيا لتوفير المواد الأساسية للبناء في السلطنة، وبأسعار مناسبة لوجودها محليا، في حين أن استيرادها من الخارج يعني تضاعف أسعارها. وبيَّن أنَّ التوقف عن التصدير من هذه المحاجر والكسارات يؤدي لاختلال الميزان التجاري مع بعض الدول التي تتعامل مع السلطنة استيرادا وتصديرا، داعيا إلى أهمية الاستخدام الأمثل لهذه المعادن اقتصاديا وبيئيا وليس إهمالها.

جودة عالية

وتتميَّز السلطنة بتوافر خامات معدنية بجودة عالية، وانتشارها في مختلف محافظات السلطنة، وتأتي في مقدمتها مواد البناء التي تتميز بطلب متنامٍ لمواكبة التوسع العمراني والصناعي في البلاد، فقد تزايد الطلب وبشكل متسارع لعمليات التكسير لإنتاج مواد البناء التي يطلبها السوق المحلي والدولي، وأسهم ذلك في عملية اتساع المدن والقرى على حد سواء من خلال استخدام هذه الأحجار كمواد أساسية في بناء المنازل والمنشآت، فخلال العقود الماضية ازداد عدد السكان بشكل كبير، وصاحب ذلك تنمية اقتصادية واجتماعية، الأمر الذي أدى لزيادة الطلب المتنامي على مواد البناء لتلبية متطلبات قطاع البناء والعمران. وما تشهده السلطنة من  تطور في البنى الأساسية، خلق حاجة ماسة لزيادة عمل الكسارات لتوفير متطلبات المشاريع الحكومية والتي تخدم تطوير البلاد بشكل مباشر. وأسهم هذا النشاط في تنويع مصادر الدخل وتوفير فرص عمل وتنمية المجتمع وتطور البنى التحتية، فضلا عن توفير مستلزمات الأفراد والمقاولين لمواد البناء وأحجار الزينة وغيرها من المشتقات.

وتعمل الهيئة العامة للتعدين على تطوير قطاع التعدين بشكل عام وعمل الكسارات بشكل خاص، من خلال الاهتمام بالمشاريع والخطط التي تنهض بالقطاع وترتقي بقدراته خلال المرحلة المقبلة، وحتى يُسهم في الناتج المحلي الإجمالي مساهمة فاعلة. وفي سبيل ذلك، قامتْ الهيئة بخطوات جدية، منها صياغة قانون التعدين بما يتواكب مع المرحلة المقبلة في القطاع لجذب المزيد من الاستثمارات وإزالة المعوقات والتحديات، إضافة إلى وجود تفاصيل أكثر بالنسبة لآلية إصدار التراخيص واشتراطاتها، كما أنَّ الهيئة تعمل على إستراتيجية عامة للتعدين ذات أهداف قابلة للتطبيق في المديين القريب والبعيد تتضمن الخطط والسياسات الخاصة بتنمية قطاع التعدين. وتعمل الهيئة أيضا على تحسين أداء الرقابة على الأنشطة التعدينية من خلال إعداد إستراتيجية الرقابة والتفتيش، كما تقوم بإشراك المجتمع المحلي في هذا التطوير من خلال فكرة الكسارات الأهلية التي تهدف لإشراك المواطنين القاطنين في المناطق الموجود بها المعادن في الاستثمار في هذه الثروات من خلال تأسيس شركات أهلية.

هيئة التعدين

وتقوم الهيئة العامة للتعدين بالعديد من الدراسة للخامات وأماكن تواجدها واستخداماتها واحتياطاتها ومدى ارتباطها بالبيئة المحيطة واستغلالها لمصلحة الإنسان؛ إذ إنَّ السلطنة من الدول التي اهتمت بقطاع التعدين منذ القدم للتنوع الجيولوجي الذي تمتاز به، وما له من عوائد إيجابية تعود بالنفع على البلاد؛ حيث إنَّ قطاع التعدين يُشكل رافداً ماليًّا مهمًّا للاقتصاد الوطني وعاملاً إستراتيجيًّا لتوفير احتياجات المواطن من مواد البناء بأسعار مناسبة، وتطوير مرافق الدولة التنموية، وجلب التقنية المتقدمة التي ستساهم في زيادة الفاعلية الصناعية ومنتجاتها للمنافسة في الأسواق العالمية، وإيجاد عائد اقتصادي يقلل من الاعتماد على النفط إلى جانب القطاعات الأخرى التي حددها المجلس الأعلى للتخطيط في الخطة الخميسة التاسعة.

وتؤكد الهيئة عبر مسؤوليها أن الكسارات تعمل على توفير كل احتياجات الدولة من المواد الأولية في مجال التشييد والبناء سواء تعلقت بالمشاريع الكبرى أو غيرها من مشاريع القطاع الخاص، علاوة على الرقابة من قبل الهيئة على التزام هذه الشركات بالأنظمة والقوانين المنظمة للعمل، حيث إن هذه الكسارات تساهم بشكل كبير في النهضة العمرانية في السلطنة، تماشيا مع النقلة النوعية التي تشهدها البلاد من تطور عمراني وبنية تحتية اعتمادا على عمل الكسارات المنتشرة في مختلف محافظات السلطنة.

تعليق عبر الفيس بوك