الأسطورة علي الحبسي.. مُهمتك لم تبدأ بَعْد

 

أحمد السلماني

17 عاما من عُمره الكروي الحقيقي منذ حراسته لمرمى بيته الأول المضيبي، وحتى ليلة سقوط ناديه الحالي ريدنيج في "البلاي أوف"، وخسارته بطاقة الظهور مُجددا في "البريميرليج" أقوى دوريات العالم على الإطلاق، فضلا عن أمانته لحراسة عرين منتخب بلاده، ومنذ 15 عاما تقريبا لم يتسنَّ لأي حارس مرمى عُماني احتلال مكانه أو إسقاطه من على عرشه إلا في حال غيابه فقط، إنَّه الأسطورة العربية الكروية المطلقة علي الحبسي، الأنموذج العربي الفريد في ثباته بأصعب دوريات العالم. وللحق، فقد فعل الحبسي كل شيء في قاموس كرة القدم ومنذ بداية الموسم لضمان وجود فريقة ضمن كبار الأندية الإنجليزية، لكنه فقد كل ذلك في دقيقتين ليتهاوى مع العملاق العماني الحلم العربي، النجم العربي، فَقَد فُرْصَة الظهور أمام روني وماتا وكوستا وغيرهم من أبرز النجوم، ولكنه كسب حب واحترام الجماهير العربية والإنجليزية، بعد أنْ فرض اسمه وبقوة ضمن تشكيلة الموسم لدوري الدرجة الثانية الإنجليزي وللعام الثاني على التوالي، إنَّها أرادة التفوُّق.

المُدْهِش والتفرُّد في حالة الحبسي هو دَوَام الألق والنجومية رغم التقادم في العمر، فهو يثبت كل موسم أنه أفضل من سابقه، وأنه لا يزال في أوج عطائه وتألقه، بعد أن كسر حاجز "العجز العربي" هو وقلة قليلة يملكون "الاستدامة" في الظهور بمستويات عالية إذا ما علمنا أن هناك نجوما عرب ظهروا بقوة، وتفاءلنا باستمرارية مزاحمتهم لبقية نجوم العالم، لكنهم سرعان ما يأفلون.

ومع كل هذا الألق، ولو قُدِّر لنجمنا المحبوب قرار الاعتزال يوما، رغم أنَّ هذا مُستهجن ومُستبعد في الوقت الراهن على أقل تقدير؛ فمثل هذا الأمر ليس بيده وحده إنما بيد الجماهير العريضة والشعبية العربية والإنجليزية وحتى الأوروبية، وحدها من تُقرِّر مصيره، فإبداعاته وتدخلاته وصداته ملك لها، فإذا ما أحست يوما أن نجمها قد شاخ فإنها في حينها ستعلن عن وداعه داخل المستطيل الأخضر، ولكن مهمة أخرى كبيرة تنتظره خارج المستطيل، إنها مدرسة "القدوة الكروية للظاهرة علي الحبسي".

نعم، أيُّها النجم الكبير، مهمة وطنية وعروبية كبيرة تنتظرك أنت وبعض النماذج العربية النادرة في النهوض بواقع الكرة العمانية والعربية نحو حضور أفضل، فنحن في التصنيف الـ118 عالميا، وأفضل تصنيف عربي هو الـ20 "للفراعنة المقاتلين"، وبعد ذلك الهوة كبيرة بحلول الجزائر والسعودية في التصنيف الـ53، وبالتالي فجهد كبير ومشوار طويل ومسؤول ينتظر النماذج العربية المتألقة كعلي الحبسي والمصري محمد صلاح ومن سبقهم من النجوم العربية التي خلدت اسمها في الذاكرة الكروية العالمية للنهوض بواقع العرب الكروي. وهنا، أقترح -وبشكل عملي- أن "يتبنى الاتحاد العربي لكرة القدم مشروعا طموحا للقفز بالكرة العربية لمستويات عالية وبمشاركة هؤلاء النجوم السابقين والحاليين للاستفادة من خبراتهم وتجاربهم؛ لإمتاع الجمهور العربي المتعطش للبطولات في زمن الانكسار والمؤامرات والأزمات العربية التي أثقلت كاهل شعوب المنطقة المغلوب على أمرها، والتي رُبَّما تجد في كرة القدم ومنتخباتها وأنديتها العربية ملاذا لها للتنفيس بدلًا من الهروب والتعصب الأعمى لريال مدريد وبرشلونة.

رسالة خاصة للأمير تركي بن خالد رئيس الاتحاد العربي لكرة القدم، ولنائبه د. جاسم الشكيلي ومن في حكمهم، لتبنِّي مشروع "النهضة الكروية العربية" بدل حصر النهوض بها في تطوير مُسابقاتها التي وبكل صراحة لا تلقى ذلك الاهتمام والزخم الكبير من الاتحادات العربية.

هذا على المستوى العربي، أمَّا محليا فإنَّ مسؤولية علي الحبسي كبيرة في القفز بواقع الكرة العمانية من خلال المساهمة في نشر المدارس الكروية التي بدأت في الظهور ونشد على يد القائمين عليها، وإلى أصحاب رؤوس الأموال للاستثمار فيها نظير القاعدة الكروية العريضة التي تزخر بها شواطئ وحارات وملاعب الفرق الأهلية وأندية السلطنة، علي الحبسي لا يزال المشوار طويلا، ومهمتك لم تبدأ بعد.