وداعًا فاطمة جينجا

د. آسية البوعلي

في فجر يوم الجمعة الموافق 26 مايو 2017 انتقلت إلى رحمة الله بزنجبار الأديبة والكاتبة ذات الأصول العُمانية فاطمة بنت محمد بن سالم البرواني المعروفة باسم " فاطمة جينجا" وذلك عن عمر يناهز 87 عامًا.

ولدت فاطمة جينجا بزنجبار في 13 فبراير 1930م وعاشت فيها حتى مماتها، كتبت أربع روايات باللغة الإنجليزية متخذة من الرومانسية ثيمة أساسية فيها. هذه الروايات هي "الأطفال أحباب الله"، "وادي الظلال" ، " تميمة النيروز" ، "لغز الشيراز"، فضلاً عن سيرتها الذاتية  التي بعنوان "ذهب مع المد".

كما أدلت بمجموعة من الحوارات المجموعة والمدونة في كتاب "ذكريات من الماضي الجميل ". جاء أبرز ما  فيها أنّها قالت: "إذا ما نظرنا إلى الحياة برمتها سنجدها مفارقة كبيرة"، ووصفت والدها الشهيد بـ "أوسم الرجال قلبًا وقالبًا " وقالت عن "الأبوة  دور في المقام الأول لا نسب فحسب" وعدت "الرجولة كلمة"  و "الزمن كفيل بأن يغير في الرجل كل شيء باستثناء قلبه إذا عشق حقًا" كما اعتبرت الزواج "مرحلة " و"عقد واتفاق" ووصفت الحب الخالي من الاحترام بكونه  "أعرج"،  وفي تعاملها مع الزوج قالت: "أمنحه كل ما عندي بكل الحب والتقدير" وأوجزت انقلاب زنجبار بكونه انقلابا "لكافة مفاهيم العقل والمنطق" وقالت عن الفساد "سلوك مرفوض شكلا وموضوعًا" و "أن فوق القوانين والشرائع التي تنظمنا هناك حدس داخلي يستند إليه الإنسان ويحركه؛ هو ضميره" ووصفت الرواية الخالية من الرومانسية بأنّها "باهتة التأثير" واعتبرت زنجبار "موطنًا وتاريخًا" وهي جزء لا يتجزأ منهما  .

إنّ حوارات فاطمة جينجا تلك، حركت فكر وقلم المثقف العُماني كما يتضح من المقالات التي نُشرت في مختلف الصحف، فعوض اللويهي كتب مقالاً حمل اسمها "فاطمة جينجا" (الزمن 30 أغسطس 2015م) ومحمد بن سيف الرحبي كتب "فاطمة اسم عُماني باهر" (الشبيبة 8سبتمبر 2015م)، وكتب هيثم سليمان "البوعلي في مد جينجا الصور خلف الحوار" (الرؤية 10 سبتمبر 2015م) كما كتب زاهر المحروقي "فاطمة جينجا والملفات المسكوت عنها" (الرؤية 25 نوفمبر 2016م). كما كان من المفترض أن تشارك فاطمة جينجا في ندوة "الأدب العُماني المكتوب باللغة السواحلية" التي أقيمت في النادي الثقافي بتاريخ 21 مارس 2017 وذلك بناءً على دعوة مجلس إدارة النادي ورئيسته د. عائشة الدرمكية، إلا أن الظرف الصحي لفاطمة جينجا حال دون ذلك، كما حال أيَضا دون اقتراح النادي لتصويرها بالفيديو في زنجبار. فحسب رأي د. عائشة الدرمكية رئيسة مجلس إدارة النادي الثقافي، أن تقديم فيديو لفاطمة جينجا متحدثة عن الأدب العُماني المكتوب بالسواحيلية كافتتاحية للندوة أمر له ثقله الفكري والثقافي.

وبجانب ذكائها الأدبي عُرفت فاطمة جينجا بخفة ظلها وبالكرم الحاتمي وبإنسانيتها المفرطة، كما اتسمت بقوة الشخصية والثقة بالذات، وعليه استطاعت أن تواجه وتتعايش بشجاعة مع أحداث انقلاب 1964م رافضة أن تكون ضحية من ضحاياه.

فاطمة جينجا هي ربيبة القصر السلطاني بزنجبار، وابنة الشهيد محمد سالم البرواني، والزوجة (سابقًا) للواء يوسف حميد قائد جيش الانقلاب. وهي أم لعشرة من الأولاد والبنات منهم: شادية قرينة رئيس زنجبار السابق؛ أماني كارومي (2000-2010)، ومنصور يوسف حميد معالي الوزير وعضو البرلمان السابق بزنجبار.

 الجدير بالذكر أنّ فاطمة جينجا حظيت بحب وتقدير الكثيرين من أقربائها وأصدقائها ومعارفها بسلطنة عُمان، مما دفع بهم إلى السفر إلى زنجبار لتوديعها بحضور جنازتها حيث دفنت في مثواها الأخير بعد صلاة الظهر من يوم السبت الموافق 27 مايو 2017م. رحم الله فاطمة جينجا وأسكنها فسيح جناته.

    * فاطمة جينجا

فاطمة جينجا صورة