"أخبار عُمان"

سَيْف المعمري

مُنذ أنْ أَطْلَقت قنوات الهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون هُويتها الجديدة في أواخر ديسمبر 2015م، توسَّم المستمعُ والمشاهدُ في السلطنة خيرًا بتطور نوعي في المحتوى الإعلامي عبر القنوات الإذاعية والتليفزيونية التابعة للهيئة، والتي من بَيْنها التركيز على النشرات الإخبارية المحلية، فكانت نشرة أخبار عُمان في الثانية والسابعة مساء على الإذاعة العامة، وفي الثانية والخامسة مساء على القناة العامة لتليفزيون سلطنة عُمان، ورغم أن نشرة "أخبار عُمان" تشهد نهما أكبر في المتابعة من قبل المستمع والمشاهد للقنوات المحلية؛ كون الأخبار المحلية أكثر المحتويات الإعلامية ملامسة لاهتمام المتابع في السلطنة، خلافا للأخبار العالمية التي تستأثر بها القنوات الإخبارية المتخصصة، والتي تفرد لها أوقات وبرامج متعددة للتحليل والبحث فيما وراء الخبر.

وبالنسبة لـ"أخبار عُمان"، فلا تزال تلك النشرات غير مُقنعة من حيث ثراء المحتوى الإخباري الذي تقدمه للمتابعين مستمعين ومشاهدين؛ وذلك لعدة أسباب؛ أولها: زمن تقديم النشرة والتي لا تزيد على العشرين دقيقة في الإذاعة، وعن نصف الساعة في التليفزيون، وثانيها: يتمثل في أنَّ غالبية التقارير المقدمة من المحافظات لتغطية فعاليات رسمية وقلة منها تقدم تقارير سياحية واجتماعية تُبْرِز الجوانب الحضارية والسياحية والتعريف بالموروث التراثي والفني والشعبي والعادات والتقاليد وحياة الناس في الحارات والأسواق وفي مواقع العمل، وكل ما يتعلق بيوميات المواطن أيًّا كان موقعه، وثالثها: يتمثل في عدم مُرَاعاة حَدَاثة المحتوى الإعلامي والذي يُعدُّ من أهم مرتكزات المحتوى الجيد؛ حيث يلاحظ بث الكثير من التقارير بعد مضي فترة زمنية تجاوزت الثلاثة أسابيع -خاصة التليفزيونية والمتعلقة بتغطية الفعاليات الرسمية على وجه التحديد- فضلا عن أنَّ نشرة أخبار عُمان على التليفزيون التي تُبث في أيام الدوام الرسمي من الأحد وحتى الخميس، تأخذ طابعاً أكثر رسميًّا من خلال تقديم النشرة من قبل مذيعين، بينما في أيام الإجازة الأسبوعية وأيام العطل الرسمية الدينية والوطنية، تقدم تلك النشرة من قبل مذيع واحد كإيحاء للمشاهد بأن الحياة في البلد أقرب ما تكون إلى أنها متوقفة، في الوقت الذي كان من المفترض أنْ تستثمر فيه مكاتب الهيئة في المحافظات أعداد التقارير المتعلقة بحياة الناس في الإجازات وأماكن تجمعاتهم ونشاطهم في المواقع السياحية والأسواق وغيرها.

أمَّا عن النشرة الرئيسية للأخبار في الإذاعة، فتبث في الساعة الحادية عشرة "حصاد اليوم"، وتبث في الساعة العاشرة مساء والواحدة صباحا على القناة العامة لتليفزيون سلطنة عُمان، وسيان بين النشرتين قبل الإعلان عن الهُوية الجديدة لقنوات الهيئة؛ سواء في مدة بث النشرة، والمحتوى الإخباري، ومقدمي النشرة، ولا داعي للتفصيل فهي معلومة للمستمع والمشاهد.

ومع تقديرنا للجهود المبذولة في تقديم المحتوى الإعلامي عبر قنوات الهيئة الإذاعية والتليفزيونية عبر وسائل الإعلام الجديدة (يوتيوب، وفيسبوك، وتويتر...إلخ)، إلا أنَّ ذلك لا يعني رضا المتابعين للمحتوى الإعلامي بتلك القنوات.

... إنَّ عصرَ الإعلام الجديد فَرَض على وسائله التقليدية البحث عن أساليب حديثة لإيصال رسالته للمتابع بطرق احترافية مكنتها من الوصول إلى المتلقي بالكيفية التي تتطلع إليه، مع الأخذ بعين الاعتبار أنَّ المتلقي أصبح لديه الإمكانية لنقل وصياغة الخبر ووصوله إليه بشكل فوري من أي مكان في العالم، وإن ما يتطلع إليه هو أن تقوم وسائل الإعلام بأدواتها التقليدية أو العصرية أن تقدم له محتوى به من الدقة والحداثة والفورية والشفافية ما يستطيع من خلاله شغفه الشديد لتلك الوسائل والقدرة على تغيير اتجاهاته للمحتوى المقدم له، ونحو ذلك.

إنَّ الإمكانيات البشرية والمادية والفنية التي تمتلكها الهيئة في استوديوهاتها في مسقط وصلالة لهي محل فخر واعتزاز، وإنَّ وجود كفاءات إعلامية محلية في السلطنة يعطي قيمة مضافة للإعلام العُماني، كما أنَّ افتتاح مكاتب للهيئة في معظم محافظات السلطنة ورفدها بالكفاءات الإعلامية والفنية والجهود التي تقوم بها تلك المكاتب، خاصة مكتب الهيئة بمحافظة البريمي والتي تواكب الأحداث والفعاليات المتنوعة، وترفد الهيئة بمحتوى إعلامي نوعي، يتطلب تقديرَ تلك الجهود من خلال إفراد مساحات زمنية أكبر للنشرات الإخبارية المحلية لعرض ما يتم إنتاجه من تلك المواد الإعلامية أولا بأول.

وفضلا عن ذلك، فإنَّ الثراءَ التاريخيَّ والطبيعيَّ والسياحيَّ والموروثَ الحضاريَّ للعُمانيين يُتطلَّب التعريف به ونقله للعالم عبر فضاءات الإعلام المتعددة، وإن العصر التقني الذي نعيشه يُمكِّننا من ذلك، وعلى قنوات الهيئة إشراك الشباب من ذوي المواهب في الفنون الإعلامية في تصوير ومونتاج وإخراج التقارير والأفلام القصيرة عن مكنونات البيئة العمانية، على أن تتولى قنوات الهيئة بثها؛ مما سيثري المحتوى الإعلامي المحلي، ويختصر على كوادر الهيئة مجهوداتهم في نقل كل تفاصيل كل بقعة من أرض الوطن، وسيحفز الشباب العماني على انتقاء وترشيد المحتوى الإعلامي الهادف.

وبُوْرِكت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت...،

[email protected]