صرخات تاجر بسيط

حمود بن علي الحاتمي

حوارات وحوارات تدور كل يوم في مجموعة واتسابية تعنى بالتجارة وهمومها وتتبادل الأفكار حولها. لكن المشهد التجاري في معظم محافظات السلطنة يكتنفه الركود، ومع ذلك دأبت معظم الجهات المعنية على رفع الرسوم لمختلف الأنشطة فضلا عن بعض التحديات التي فرضت نفسها.

من المشاهد اللوغاريتمية التي لم تجد حلا هو اجتماع التأمينات الاجتماعية مع ملاك ومديري المدارس الخاصة في محافظة معينة حيث طلبت التأمينات الاجتماعية من المدارس الخاصة تسجيل معلماتها وموظفاتها بالتأمينات الاجتماعية، وفرض ذلك بإلزامها براتب 325 ريالا مع رسوم 60 ريالا للمعلمة الواحدة لتطرح بعد ذلك المدارس الخاصة وخاصة الروضة والتمهيدي تساؤلات حول وضعها حيث المردود المالي لعدد طلابها لا تتجاوز 70 طالبًا والرسوم لا تتجاوز أربعون ريالا، وعدد المعلمات يزيد عن خمس معلمات من غير النقل وإيجار المبنى فضلا عن رسوم الجهات المعنية مما حدا بالمدارس الخاصة أن تتساءل كيف ستغطي هذه التبعات المالية؟

ما هو المردود المادي الذي ستجنيه بعد تطبيق هكذا قرارات؟

مشهد آخر.. سجل مقاولات لا يتجاوز عدد عماله سبعة عمال مهما كانت درجته ويفرض عليه تسجيل عماني، بعملية حسابية كم الدخل الشهري الذي يكسبه من سجله في حالة تسجيل عماني لا يزيد عن 300 ريال والآن سوق المقاولات يشهد ركودا ماذا بقي لو طبق ما طلب منه؟!

رسوم البلدية والتجارة والصناعة وغيرها من الجهات في تصاعد، مما حدا ببعض المحلات إلى أن تغلق أبوابها. ومنها ورش النجارة والورش الأخرى.

وزارة البيئة رفعت رسومها من عشرة ريالات إلى مئة وخمسين ريالا وموافقة وزارة البيئة ضرورية لأنشطة كهذه.

ما يعانيه التاجر البسيط، هو هروب العمال المستمر؛ حيث يطمح العامل إلى كسب المال السريع من وراء مهنته لا تتعدى سنتين وعندما يجد أنّ الكفيل قد قيّده براتب شهري يهرب ويجد ضالته في مهن تكسبه أضعاف راتبه، ومنها غسيل السيّارات عند مواقف المراكز التجارية، وكذلك ممارسة البناء في المناطق الجبلية الصحراوية، والصيد في البحار، كل ذلك تكسبه مالا يستغني عن الكفيل الذي يتكبد أعباء مالية، وعندما يتم توقيف العامل يتم تسفيره دون مساءلة ويتحمل الكفيل خسائر مالية؛ حيث يتحمل دفع كلفة تسفير العامل وخسارة إيجار المحلات التي استأجرها لممارسة النشاط الذي توقف بسبب هروب العامل.

رسوم الانتساب للغرفة لا ندري فيما تجدي؛ حيث لا تقوم الغرفة بالتواصل مع التجار ومناقشة أوضاعهم وإيجاد الحلول، وما يميزها هو سهولة الدفع الذي لا يستغرق أكثر من دقائق عدا ذلك لا شيء يذكر.

البلديات الإقليمية تفرض شروطا تعجيزية، وخاصة مكاتب المقاولات والديكور؛ حيث تشترط الشقق ووفق أدوار محددة مما يجعل بعض ملاك الشقق رفع إيجار الدور الأول بمبالغ خيالية فضلا عن فرض رسوم على تأخير تجديد التراخيص البلدية بمبالغ كبيرة.

ما تقوم به الجهات المعنية تجاه التاجر البسيط تجعل الأفق لديه ضيق.

هل تدارست الجهات المعنية آثار هذه لرسوم على التاجر البسيط وعلى حركة الاقتصاد في البلد، فكثيرا ما نسمع عن التجارة المستترة وقد اتهم فيها التاجر البسيط، إلا أنّ الواقع غير ذلك الشركات الكبيرة نشأت من خلال التجارة المستترة، وغلفت بمفهوم الشراكة بين رأس المال الأجنبي والمحلي، وحقيقته أن هناك أصحاب رؤوس أموال لديهم عمالة بمسميات وظائف تنفيذية تسير لهم الأعمال، وكم شهدت ذلك من خلال مشاريع بناء المدارس والمجمعات الصحيّة، إذ أنّ العمل يتولاه وافد ونسبة أخرى تذهب لمالك الشركة.

إذن أين دور التاجر البسيط في التجارة المستترة التي تحاربها الجهات المعنية؟

ما نسمعه كل يوم من المقاولين وأصحاب المكاتب العقارية وأصحاب المدارس الخاصة وغيرهم من خسائر يجعلنا نجزم أنّ البحث عن عمل سيتحول إلى مفهوم بطالة مقنعة كون هؤلاء التجار يشغلون موظفين عمانيين وإن كانت الرواتب متدنية، ولكنها تسد حاجة أسرة تعيلها معلمة في روضة، وسائق شاحنة يعيل أطفالا، وصاحب مكتب عقار سيبحث عن عمل آخر ويركب حافلة الباحثين عن عمل.

ما هي أدوار مجلس الغرفة في القريب العاجل؟ بل ما هي أدوار من زكاهم المواطن بصوته في مختلف المجالس (الشورى – البلدي – الغرفة)؟!

التاجر البسيط لم يعد يملك خيارات أخرى سوى إغلاق نشاطه.. فهل من مستجيب لهذه الصرخة؟!

[email protected]