مجلس الدولة يوافق على مقترح "وضع سياسات لتعزيز الصحة" .. وتشكيل لجنة لصياغة مرئيات الأعضاء

...
...
...
...
...
...

التأكيد على تفعيل قرار مجلس الوزراء بإنشاء مركز سلامة الغذاء

  • الأمراض غير المعدية مسؤولة عن 68% من الوفيات في السلطنة والتغيرات الاجتماعية وقلة البيانات..أبرز تحديات مكافحتها

الرؤية – محمد قنات

وافق مجلس الدولة أمس الثلاثاء على دراسة اللجنة الاجتماعية حول "وضع سياسات لتعزيز الصحة (الأمراض غير المعدية ) " مع الأخذ بملاحظات المكرمين الأعضاء وتشكيل لجنة صياغة فنية لتضمين مرئياتهم حولها، كما أقر تقرير اللجنة المشتركة بين مجلسي الدولة والشورى بشأن مشروعي قانون التراث الثقافي، وقانون تنظيم وحماية مواقع الأفلاج المدرجة بقائمة التراث العالمي.

واستهل معالي الدكتور يحيى بن محفوظ المنذري رئيس مجلس الدولة جلسة المجلس التاسعة لدور الانعقاد السنوي الثاني من الفترة السادسة بحضور المكرمين الأعضاء وسعادة الدكتور الأمين العام للمجلس بقاعة الاجتماعات في مبنى المجلس بالبستان، بكلمة أوضح فيها أنه سيتم خلال الجلسة مناقشة مقترح اللجنة الاجتماعية حول وضع سياسات لتعزيز الصحة (الأمراض غير المعدية )، وتقرير اللجنة المشتركة بين مجلسي الدولة والشورى بشأن مشروعي قانون التراث الثقافي، وقانون تنظيم وحماية مواقع الأفلاج المدرجة بقائمة التراث العالمي، إضافة إلى الاطلاع على عددٍ من التقارير المتعلقة بأعمال المجلس .

كما رحب معاليه بوفد الجانب المغربي من لجنة الصداقة بين مجلس الدولة ومجلس المستشارين المغربي، الذي حضر جانباً من الجلسة.

عقب ذلك ألقى المكرم الدكتور حمد بن سليمان السالمي رئيس اللجنة الاجتماعية، كلمة أشار فيها إلى أن تعزيز الصحة من أساسيات الحياة في كافة المجتمعات وهو مفهوم متشعب، لافتا إلى أن الدراسة اقتصرت على جانب واحد من هذا المفهوم وهو المتعلق بالأمراض غير المعدية والتي تم حصرها في الأمراض الأكثر شيوعاً في السلطنة وعلى مستوى العالم وهي: أمراض القلب والأوعية الدموية، والأورام السرطانية، وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة ومرض السكري.

 وقال: إن هذه الأمراض مسؤولة عن 68% من الوفيات في السلطنة، وهي نسبة تتجاوز المعدل الإقليمي لدول شرق البحر المتوسط بما يفوق الضعفين مما يحتم الإسراع في التعامل مع الوضع على أعلى المستويات وبمشاركة كافة القطاعات في المُجتمع بما يسهم في تعزيز الصحة لكافة الأفراد ويقلل العبء الاقتصادي الناتج عن معالجة هذه الأمراض وهو الدور الذي تضطلع به وزارة الصحة بكل إمكانياتها المادية والبشرية. وأضاف: أن دور وزارة الصحة هو دور علاجي يقتصر على مرحلة الإصابة بالمرض في حين أنَّ عملية تعزيز الصحة هي عملية مجتمعية قائمة ومستمرة من خلال تبني إستراتيجيات وسن سياسات وتشريعات ترقى بمستوى الوعي الصحي وأساليب مكافحة هذه الأمراض بحيث تقلل من فرص الإصابة بها إلى أدنى حد ممكن، الأمر الذي يقلل الضغط المتزايد على المؤسسات الصحية العلاجية.

وأوضح المكرم الدكتور حمد السالمي أنَّ اللجنة استضافت عددًا من الجهات ذات الصلة الأكبر بجهود تعزيز الصحة وناقشت معها العوامل الأكثر إسهاماً في الإصابة بهذه الأمراض ومنها: أنماط التغذية ومستوى النشاط البدني والتدخين والعوامل البيئية، حيث تم رصد التحديات ومناقشة المقترحات المختلفة بهدف الوصول إلى تبني استراتيجية محلية تعززها منظومة من التشريعات والسياسات الداعمة بما يكفل ممارسات صحية سليمة وواعية تنبع من وعي الفرد والمجتمع مع دعم مؤسسي من القطاعات الحكومية والخاصة ذات العلاقة.

تحديات تواجه تعزيز الصحة

 إثر ذلك استعرضت المكرمة الدكتورة عائشة بنت أحمد الوشاحية مقررة اللجنة الاجتماعية، أبرز مؤشرات الدراسة، وذلك في سياق ردها على مداخلات المكرمين الأعضاء حول الدراسة، حيث بينت أنها تهدف إلى الوقوف على واقع سياسات مكافحة الأمراض غير المعدية ودور الجهات والمؤسسات المعنية بمكافحتها ومراجعة التشريعات القائمة وتقديم مقترحات لتنظيم هذا القطاع.

 وتشير الدراسة إلى أن السلطنة شهدت في العقود القليلة الماضية تطورات اجتماعية واقتصادية وصحية غير مسبوقة، انعكست إيجابيا على المؤشرات الصحية للسكان التي بمقتضاها أصبحت السلطنة تصنف ضمن الدول المتقدمة في مجال الخدمات الصحية الأولية على مستوى العالم؛ حيث تم التحكم في أغلب الأمراض المعدية والقضاء على بعضها؛ مما نتج عنه خفض معدلات وفيات المواليد وتزايد متوسط العمر المتوقع بشكل ملحوظ، وتستدرك الدراسة : غير أن نسبة ظهور الأمراض غير المعدية والأمراض المتعلقة بنمط الحياة أصبحت في تزايد مثير للقلق حيث إن الوفيات الناجمة عنها شكلت 68% في عام 2014م، وتعتبر أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان الأسباب الرئيسية لهذه الوفيات في مستشفيات السلطنة، وأشارت إلى استمرار نمو العبء العالمي للأمراض غير المعدية حيث إنه ووفقا لتوقعات منظمة الصحة العالمية؛ فإنَّ العدد السنوي من الوفيات الناجمة عن الأمراض غير المعدية سيرتفع إلى 55 مليون نسمة بحلول عام 2030م.

ولفتت إلى أنَّ تزايد نسب الأمراض غير المعدية في المجتمع يشكل عبئا اقتصادياً على موارد الدولة مادياً وبشريًا ويؤثر سلبًا على جهود التنمية المستدامة مما يستدعي بذل جهود متضافرة من كافة الجهات المعنية للتصدي لها.

واستعرضت الدراسة التحديات التي تواجه تطبيق تعزيز الصحة في السلطنة وتتمثل في: عدم وجود قانون لتنظيم تجارة التبغ واستخداماته إضافة إلى غياب الإجراءات الضريبية على بعض المنتجات ذات العلاقة بهذه الأمراض مثل المشروبات الغازية والسكرية، وضعف التنسيق ومحدودية التعاون بين الجهات المعنية لتفعيل الخطة الوطنية لمكافحة الأمراض غير المعدية والتي تتبناها اللجنة الوطنية العليا متعددة القطاعات للأمراض غير المعدية، وقلة البيانات النوعية الكافية لفهم العوامل الكامنة التي يمكن أن تؤثر على المؤشرات الصحية، والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية السريعة والتحول المتزايد نحو السلوكيات الخاطئة المؤثرة سلباً على الصحة، ومحدودية الموارد البشرية الفنية المتخصصة في القطاعات المختلفة ومحدودية المخصصات المالية لبرامج مكافحة الأمراض غير المعدية، ومحدودية المبادرات الوطنية في مجال مكافحة الأمراض غير المعدية وقلة مشاركة القطاع الخاص في هذا المجال إضافة إلى ضعف الوعي على المستوى العام بالتأثيرات السلبية لعوامل الخطورة على الصحة.

مقترحات للمكافحة

أوردت الدراسة المقترحات التي خلصت إليها اللجنة لتعزيز الصحة والوقاية من الأمراض غير المعدية ومن أهمها: الإسراع في إصدار قانون مكافحة التبغ ومنتجاته ومشتقاته (الذي أعدت مشروعه اللجنة الوطنية لمكافحة التبغ). واقتراح آلية جديدة لضمن نقاء الهواء وذلك لمواكبة التنامي الحالي والمستقبلي في مجالات الصناعة والمواصلات ومشاريع التنمية الحضرية المتزايدة، والإسراع في إصدار التشريعات المتعلقة بتنظيم الزراعة العضوية والمنتجات المحورة جينيًا، واقتراح تفعيل وتعديل بعض مواد قانون سلامة الغذاء الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (84/2008) ولائحة سلامة الغذاء (الصادرة بالقرار الوزاري رقم 2/2010) ، كما تضمنت المقترحات الأخذ في الاعتبار بالتخطيط الصحي والنشاط البدني ضمن الضوابط التي يجب مراعاتها لدى وضع وإقرار المخططات التفصيلية للأراضي على نحو يكفل توفير أماكن للمشي الآمن وممارسة الرياضة ولعب الأطفال، مع مراعاة الاشتراطات المتعلقة بذوي الإعاقة وبما يحقق التكامل المنشود مع الجهود المبذولة في برنامج الرياضة للجميع.

إضافة إلى استحداث اشتراطات خاصة بتداول المواد المصنعة في مستوى النانو وسبل التخلص الآمن منها، والعمل على إصدار قرار يختص بتنظيم تدابير السلامة والصحة المهنية في المنشآت التابعة للوحدات الإدارية بالجهاز الحكومي، إضافة إلى الدعوة لمراجعة السياسات المتعلقة بالمخالفات في القوانين واللوائح ذات الصلة بموضوع تعزيز الصحة، بما يضمن الالتزام بأعلى مستوى لتحقيقها.

تنفيـذ إسـتراتيجية أنماط التغذيـة

وأوصت اللجنة أن تتخذ الجهات الحكومية المختصة عدد من الإجراءات لتعزيز الصحة، منها تفعيل قرار مجلس الوزراء بإنشاء مركز سلامة الغذاء والتأكيد على استقلاليته كما جاء في القرار، وأن يكون هذا المركز نواة لإنشاء هيئة وطنية مستقلة لسلامة الغذاء والدواء تشرع السياسات المنظمة لإنتاج وتداول واستهلاك الغذاء والدواء وتشرف على تطبيقها.

كما أوصت بالعمل علـى تنفيـذ الاسـتراتيجية العالميـة بـشأن أنماط التغذيـة والنـشاط البـدني والصحة، وإرساء سياسات واتخاذ إجـراءات ترمـي إلى تـشجيع الـسكان كافـة علـى اتبـاع نظـام تغذيـة صـحية وزيـادة النـشاط البـدني وذلك من خلال استمرار تعزيز السياسات الداعمة للرضاعة الطبيعية، ووضع سياسات لتنفيـذ المدونـة الدوليـة لتسويق بدائل لبن الأم والقرارات اللاحقة التي اتخذتها منظمة الصحة العالمية في هذا الصدد، وتنظيم تـسويق الأطعمة والمشروبات السكرية التي تحتوي على نسب عاليـة من الدهون المشبعة أو الأحماض الدهنيـة المهدرجـة أو الـسكر المنقـى أو الملـح، ووضع السياسات الداعمة لإنتاج الأطعمة الـتي تُعزز اتبـاع أنمـاط التغذيـة الصـحية وتـصنيعها وتيـسير الحـصول عليهـا بما يساهم في توفير ودعم المنتجات الغذائية والزراعية المحلية الصحية، ووضع سياسات عامة وخطط عمل في القطاعات الحكومية والخاصة لتـشجيع التوعية الصحية وصولاً إلى تبني أنماط حياة صحية خصوصاً بين الأطفال والشباب.

ودعت اللجنة في توصياتها إلى تفعيل مبادرة المدارس المعززة للصحة والصديقة للتغذية وتعميمها لتشمل مؤسسات التعليم العالي مع التأكيد على برامج التوعية بمخاطر الأمراض غير المعدية ودمجها في البرامج التربوية بهذه المؤسسات.

وأبرزت اللجنة أهمية إعداد موارد بشرية مؤهلة ومتخصصة في المجالات المرتبطة بتعزيز الصحة ودعم الدراسات والبحوث في هذا المجال، وزيادة الموارد المالية المخصصة للوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها من خلال آليات مبتكرة في تمويل البرامج ذات العلاقة .

وتضمنت توصيات اللجنة الدعوة إلى تبني خريطة الطريق المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية الرامية إلى الحد من التأثيرات السلبية على الصحة والناجمة عن التلوث البيئي، واستحداث مشروع لفحص السلع قبل الاستيراد وذلك تجنبًا لوصول السلع غير الصالحة للاستهلاك الآدمي للأسواق بالسلطنة حيث يضمن هذا المشروع إصدار شهادات سلامة السلع من جهة مستقلة ومعتمدة ومختلفة عن شهادات بلد المنشأ، وتحديث المواصفات القياسية المعمول بها حاليا للسلع المنتجة والمستوردة في أسواق السلطنة بصفة دورية، ودعم المواد الغذائية ذات المردود الإيجابي في تعزيز صحة المواطن مثل: الخضروات والفواكه الطازجة والحبوب الكاملة (لا سيما المنتجة عضويا) إضافة إلى تضمين دراسة جدوى للتأثيرات الصحية عند التصريح بإقامة المشاريع الاقتصادية المختلفة.

تعليق عبر الفيس بوك