سراعًا إلى الهايبر ماركت

حمود الحاتمي

تنتظرُ بعضُ الأسر بفارغ الصبر وصول راتب شهر مايو حتى تُسْرِع الخُطَى في مشهد، قد يكون لافتًا.. كيف لا؟! ونحن نستقبل شهر رمضان، وكلٌّ يستقبله على طريقته.

المراكز التجارية أعدَّتْ العدة لهذا الحدث؛ من خلال الإعلانات المغرية عن العروض المذهلة في ظاهر الأمر، والتي يسيل لها لُعَاب المستهلك، ولكن في واقع الأمر البعض يستغل هذه الفرصة لوضع منتجات منتهية الصلاحية بين الأغذية الجديدة، بجانب ممارسات أخرى منها وضع سعر على البضاعة وفي جهاز الحاسب سعر آخر، دون أن يتنبه المستهلك لذلك...وغيرها من الممارسات.

هذا الأسبوع سيشهد زِحَامًا على المراكز التجارية من أجل شراء أصناف عديدة، وقد تستمر ساعات التسوُّق حتى وقت متأخر من الليل دون النظر إلى الأسعار، المهم هو الأصناف المعتادة في رمضان، وقد يُضَاف إليها أصناف جديدة حسب إصدارات كتب الطبخ الجديدة أو دورات الطبخ في مؤسسات المجتمع المدني وغيرها، أو الاستعانة بالعم google إنْ تعذَّرتْ المصادر الأخرى في شرح طرق طبخ جديدة.

التسوُّق من المراكز يتَّبعه تسوق آخر من محلات الفاكهة والخضار واللحوم، كلُّ هذا من أجل رمضان الذي يجب أن يحسن وفادته بكل ما أوتينا من جهد في طبخ أصناف الطعام. بينما يُعَاد تأثيث المطبخ والتأكد من كل الأدوات ومكائن العجن والدلك والتكوير لتكون جاهزة، كل هذا يحدث قبل رمضان!!

مُمَارسات استهلاكية نَشْهَدها كلَّ عام قبل دخول شهر رمضان على الرغم من النصائح والتوجيهات من جهات عدة، ومنها الهيئة العامة لحماية المستهلك وغيرها من الجهات المختصة والمعنية، إلا أنَّ المشهد يتكرَّر، بل يذهب البعض إلى الاستدانة من جهات التمويل لتغطية مصاريف شهر رمضان، ويأتي نهاية الشهر يطلب العون من أجل شراء حاجيات ضرورية لأطفاله لم تدرج ضمن قائمة شهر رمضان.

كَمْ نحن بحاجة إلى توعية المجتمع برسائل تصل إلى شرائحه المختلفة ونبتعد عن حملات التوعية التي تخاطب النخبة، وتستبعد المستهدفين، وتكون نتائجها ذهبت أدراج الرياح.

ما يذهب إليه المجتمع من نهم في الشراء دون مبرر قبل رمضان، وكأن المراكز التجارية ستغلق أبوابها في رمضان، يحتاج إلى وقفة جادة من مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية ذات العلاقة ومن المصلحين والمرشدين. ولا مانع أن نُوظِّف شبكات التواصل الاجتماعي باعتبارها الأسرع في الوصول لكل الناس، ونبتعد عن الندوات التقليدية، وأن نوظف الاسكتشات الفنية في الإذاعة والتلفاز فضلا عن المنشورات، من أجل تحقيق ذلك.

--------------

ومضة:

رمضان جاء ليخاطب عقولنا وحواسنا، ويقول لنا لست بحاجة إلى كل هذا، أنا جئت شافيا لأجسادكم من التخمة، وشارحا لصدوركم بتلاوة القرآن، بعد أن هجرتموه، ومذكرًا لكم أنَّ لكم أرحامًا وَجَبَت زيارتهم، وباعثا فيكم الطمأنينة والسكينة بعد نزغ الشيطان الذي أصابكم من قبل، فلن تحتاجوا لأطباء نفسيين، فأنتم بين يدي الله، وتحفكم عناية الرحمن.

إنَّ رمضان يحتاج منا نية صادقة لعبادة الله وحده، واتباع سُنَّة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- في إحياء لياليه بالدعاء والذكر والصلاة وتلاوة القرآن الكريم، والتزامنا التزاما تاما في التعامل مع الآخرين بصفاء ونقاء، مُجسِّدين قيم الدين الحنيف المتمثل في الصدق والأمانة قولاً وعملاً.

[email protected]