الرياض- الوكالات
قوبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يُلاحقه جدل في الداخل بترحيب حار في السعودية أمس السبت، لكنه ناضل من أجل تحويل الأنظار عن عاصفة سياسية بشأن عزله مدير مكتب التحقيقات الاتحادي السابق جيمس كومي.
وقال العاهل السعودي إن زيارة الرئيس الأمريكي للمملكة ستُعزز التعاون بين البلدين وستحقق الأمن العالمي. وكتب الملك سلمان في تغريدة عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر باللغتين العربية والإنجليزية يقول "نرحب بفخامة الرئيس الأمريكي في المملكة. ستُعزز زيارتكم تعاوننا الإستراتيجي، وستحقق الأمن والاستقرار للمنطقة والعالم". وكانت صفقة قيمتها 110 مليارات دولار تشتري بموجبها السعودية أسلحة أمريكية لمُساعدتها على مواجهة إيران، مع خيارات أخرى بعمليات شراء تصل إلى 350 مليار دولار على مدى عشر سنوات، الإنجاز الأساسي لأوَّل يوم لترامب في الرياض التي تمثل أولى محطاته في جولة تستغرق تسعة أيام في الشرق الأوسط وأوروبا. وأثار عزل ترامب كومي وتعيين مستشار خاص للتحقيق في علاقات حملته مع روسيا العام الماضي تساؤلاً بشأن ما إذا كان حاول كبت تحقيق في تلك العلاقات المزعومة مع روسيا. وزاد الموقف التهاباً بسبب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز قال إنَّ ترامب وصف كومي بأنه "شخص مختل عقليا" في اجتماع خاص الأسبوع الماضي في المكتب البيضاوي مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف وسفير روسيا لدى الولايات المتحدة سيرجي كيسلياك. ونقلت الصحيفة تقريرها عن مذكرات مقتضبة لما دار في الاجتماع. وعندما سئل البيت الأبيض عن رده قال إنّه من أجل أسباب تتعلق بالأمن القومي "لا نؤكد أو ننفي صحة الوثائق السرية التي يُزعم تسريبها". ونقلت وكالة انترفاكس الروسية للأنباء عن لافروف قوله إنّه لم يبحث مسألة كومي مع ترامب. وأضاف "لم نتناول هذه المسألة على الإطلاق". وفي تطور آخر قالت واشنطن بوست إن مسؤولا حالياً في البيت الأبيض قريباً من ترامب "شخص محل اهتمام" كبير في التحقيق الذي يجري في الصلات المحتملة مع روسيا. ولاحقت هذه التداعيات ترامب إلى الرياض ولكنها لم تؤثر على الترحيب الذي قوبل به من قبل العائلة الحاكمة في السعودية.
وأقام الملك سلمان بن عبد العزيز مراسم استقبال رسمي لترامب لدى نزوله من طائرة الرئاسة وصافح زوجته ميلانيا وركب سيارة الرئاسة الأمريكية. وكان ذلك ترحيبًا حارًا أكثر مما قوبل به العام الماضي الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الذي كان يُنظر إليه في السعودية على أنه متساهل بشأن إيران ومُتردد بشأن سوريا. ووصف البيت الأبيض جولة ترامب التي تشمل السعودية وإسرائيل وإيطاليا والفاتيكان وبلجيكا بأنّها فرصة لزيارة أماكن مقدسة للأديان السماوية الثلاثة في العالم في الوقت الذي تعطي فيه ترامب مجالا للقاء الزعماء العرب والإسرائيليين والأوروبيين. وساد ارتياح على ما يبدو بين ترامب والملك سلمان حيث تجاذبا أطراف الحديث من خلال مترجم. وفي قصر اليمامة الملكي قلد الملك سلمان ترامب وسام الملك عبد العزيز الذي يمثل أرفع تكريم مدني في السعودية .
وسُمع الملك سلمان يبدى أسفه بشأن الحرب السورية لترامب الذي أمر بشن غارات جوية على مطار عسكري سوري في إبريل نيسان ردا على هجوم بالأسلحة الكيماوية شنته القوات الحكومية السورية على مدنيين. وأضاف أن سوريا كانت من أكثر البلاد تقدماً وقد اعتادت السعودية على استقدام أساتذة من سوريا وقد خدموا المملكة. وتابع أنه مع الأسف فقد ألحقوا دمارا ببلدهم. ولم يتسن سماع رد ترامب. ويُمثل قرار ترامب بجعل أولى زياراته الرسمية الخارجية للسعودية تليها إسرائيل وهما دولتان تشاركانه العداء تجاه إيران تناقضاً مع نهج أوباما. وأدى انتقاد ترامب للاتفاق النووي الذي توصلت إليه إيران مع الولايات المتحدة وخمس دول كبرى أخرى في 2015 إلى ارتياح كل من السعودية وإسرائيل اللتين اتهمتا أوباما بالتساهل مع إيران.
وأظهرت نتائج الانتخابات أن الإيرانيين أعادوا من جديد انتخاب الرئيس حسن روحاني مصمم وفاق إيران الذي مازال هشاً مع الغرب.
وتشمل حزمة الأسلحة تعهدا من السعودية بتجميع 150 طائرة هليكوبتر بلاكهوك في السعودية في صفقة قيمتها ستة مليارات دولار من المتوقع أن تؤدي إلى توفير نحو 450 فرصة عمل في السعودية.
وقال أمين الناصر الرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية أرامكو السعودية إن الشركة وقعت اتفاقات قيمتها 50 مليار دولار مع شركات أمريكية في إطار حملة لتنويع مصادر الاقتصاد السعودي بحيث لا يعتمد فقط على صادرات النفط. وقالت شركة جنرال إليكتريك الأمريكية للتكنولوجيا والأعمال الهندسية إنها وقعت على صفقات بقيمة 15 مليار دولار مع مؤسسات سعودية.
ومن المقرر أن يلقي ترامب كلمة في الرياض اليوم الأحد تهدف إلى حشد المسلمين في الحرب ضد تنظيم داعش. وسيحضر أيضًا اجتماع قمة مع زعماء دول مجلس التعاون الخليجي الست. وقبل زيارة ترامب قال البيت الأبيض إن ترامب يتوقع نتائج ملموسة من السعودية في التصدي للتطرف الإسلامي. وستكون جولة ترامب أطول فترة قضاها ترامب بعيداً عن البيت الأبيض منذ توليه منصبه قبل أربعة أشهر.
إلى ذلك، قال مسؤول سعودي كبير أمس إنَّ المملكة ستفتتح مركزا رقميا لمراقبة أنشطة تنظيم الدولة الإسلامية وغيره من الجماعات الإسلامية المتشددة على الإنترنت، وذلك في الوقت الذي بدأ فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زيارة للسعودية. وقال محمد العيسي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي ومقرها السعودية للصحفيين إن المملكة ستفتتح مركزا للتنسيق اليوم الأحد في مراسم بحضور ترامب والعاهل السعودي الملك سلمان. وأضاف أن السعودية تريد أن تتجاوز الحرب العمل العسكري لأنه يعلم أنه لا يمكن هزيمة هذه الجماعات إلا بهزيمة فكرها. وأضاف أن تنظيم القاعدة لم يسقط بسقوط حركة طالبان لأن فكره ما زال قائماً. والعيسى أيضا مدير مركز الحرب الفكرية التابع لوزارة الدفاع ويشغل مقعدا في هيئة كبار العلماء وقال إن السعودية بدأت بالفعل مبادرات لإغلاق المواقع الإلكترونية للمتشددين وتكذيبها. ويهدف مركز الحرب الفكرية الذي بدأ عملياته الشهر الماضي إلى تصحيح ما يصفه بأنه ضلال عن الإسلام عبر قنواته على مواقع فيسبوك وتويتر ويوتيوب. وقال العيسى إن التحالف العسكري الإسلامي لمحاربة الإرهاب بقيادة السعودية أسس أكبر مركز رقمي في العالم لمراقبة أنشطة تنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة على الإنترنت. وأضاف أن المركز الرقمي أغلق آلافا من مواقع المتشددين الإلكترونية. وقال البيت الأبيض قبل الزيارة إن ترامب يتوقع نتائج ملموسة من السعودية في محاربة التشدد الإسلامي.