"الأمم المتحدة" تستأنف محادثات السلام بـ"أسلوب جديد وتحديات قديمة"

استكمال اتفاق إجلاء مقاتلي المعارضة السورية من ضواحي دمشق.. ومقتل 23 في غارات

≤ بوتين: روسيا لا ترى ضرورة لتزويد الأكراد السوريين بالسلاح

≤ معارضون: الجيش السوري يرسل تعزيزات صوب الحدود مع العراق

 

 

عواصم - رويترز

أكَّد التليفزيون الرسمي والمرصد السوري لحقوق الإنسان، استكمالَ اتفاق بَيْن الحكومة ومقاتلي المعارضة لإجلاء المسلحين عن حي القابون بدمشق، أمس، مع خروج المزيد منهم من الضاحية.. ونقل التليفزيون الرَّسمي عن محافظ دمشق قوله إنَّ القابون أصبح خاليا من المسلحين. وقال المرصد السوري إنَّ مئات المقاتلين غادروا، أمس، مُتجهين إلى مناطق إلى الشرق من العاصمة أو إلى محافظة إدلب بشمال غرب البلاد. وقال الإعلام الرسمي يوم الأحد إن أكثر من 2000 من المسلحين وأفراد أسرهم غادروا القابون.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، إنَّ 23 شخصا أغلبهم من المدنيين قتلوا في ضربات جوية، فجر أمس، على بلدة حدودية في محافظة دير الزور التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في شرق سوريا. وقال المرصد -الذي يراقب الحرب- إنَّ مُقاتلات يعتقد أنها تابعة لتحالف تقوده الولايات المتحدة قصفت بلدة البوكمال قرب الحدود مع العراق. وتابع بأنَّ الطائرات قصفت منطقة قريبة من منطقة سكنية ومسجد مما أسفر كذلك عن إصابة العشرات بجروح.

وقالت وكالة "أعماق" للأنباء الناطقة باسم التنظيم المتشدد، إنَّ التحالفَ قتل 15 شخصا وأصاب 35 بجروح في البوكمال. ولم يتسن الاتصال بالمتحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لقتال تنظيم الدولة الإسلامية للتعليق. ويسيطر تنظيم الدولة الإسلامية على أغلب أراضي محافظة دير الزور باستثناء جيب في الوسط وقاعدة جوية قريبة تسيطر عليها قوات الحكومة. وتربط المحافظة الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم في سوريا والعراق. وكان الجيش الأمريكي قال إنه يبذل "جهودا استثنائية" لتجنب قتل المدنيين في غاراته الجوية على سوريا والعراق.

من جانبه، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، إنَّ موسكو لا ترى ضرورة لتزويد الأكراد السوريين بالسلاح، لكنها ستواصل اتصالاتها معهم. وأضاف بوتين -الذي كان يتحدث في بكين- "على عكس دول أخرى لا نعلن عن أي شحنات أسلحة للكيانات الكردية". وتابع: "لا نعتقد أننا بحاجة لبدء هذا". وقال إن مشاركة الأكراد في المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية تعني أن من المنطقي مواصلة الاتصالات معهم "حتى لو لمجرد تجنب وقوع اشتباكات (بطريق الخطأ).

وقالتْ مصادر وقادة من مقاتلي المعارضة، أمس، إنَّ الجيش السوري -مدعوماً بفصائل تدعمها إيران- نقل قوات إلى منطقة صحراوية قرب حدوده مع العراق والأردن؛ وذلك في الوقت الذي تعزز فيه قوات المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة السيطرة على منطقة انسحب منها مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية في الآونة الأخيرة. وأضافوا بأنَّ معلومات المخابرات المتوافرة لديهم أظهرت تحرك مئات من الجنود السوريين وفصائل شيعية مدعومة من إيران بدبابات ومعدات ثقيلة إلى بلدة السبع بيار في منطقة صحراوية قليلة السكان.

ويقول مقاتلو المعارضة إن الجيش وحلفاءه سيطروا على تلك البلدة النائية الواقعة قرب الطريق الإستراتيجي الرئيسي بين دمشق وبغداد الأسبوع الماضي مع سعيهم للحيلولة دون سقوط المناطق التي انسحب منها تنظيم الدولة الإسلامية في يد الجيش السوري الحر المدعوم من الغرب.. وقال الرائد عصام الريس المتحدث باسم ما يسمى بالجبهة الجنوبية للجيش السوري الحر إنهم أرسلوا تعزيزات ضخمة من المدفعية والدبابات والمركبات المدرعة.

وشعر الجيش السوري بقلق نتيجة انتصارات حققها الجيش السوري الحر على تنظيم الدولة الإسلامية على مدى شهرين؛ مما سمح لمقاتليه بالسيطرة على مساحة شاسعة من الأراضي القليلة السكان الممتدة من بلدة بير القصاب الواقعة على بعد نحو 50 كيلومترا جنوب شرقي دمشق على الطريق إلى الحدود مع العراق والأردن. وقال الريس: إنَّ خطة النظام السوري هي الوصول إلى الحدود العراقية السورية وقطع الطريق على تقدم الجيش السوري الحر بشكل أكبر صوب الشمال الشرقي ضد معاقل تنظيم الدولة الإسلامية هناك بعد فقدهم الأراضي في البادية.

وقصفت الطائرات الحكومية السورية مواقع مقاتلي المعارضة قرب الحدود مع الأردن والعراق يوم الثلاثاء الماضي. وفي الأيام القليلة الماضية صعدت أيضا عمليات المراقبة في البادية وقامت بقصف مواقع مقاتلي المعارضة في بلدة بير القصاب. ولكن مقاتلي المعارضة قالوا إن تقدم الجيش السوري وحلفائه المدعومين من إيران قد يخاطر بجعلهم يقتربون من قاعة التنف بالقرب من الحدود العراقية حيث تعمل قوات أمريكية خاصة وتقوم بتدريب مقاتلي الجيش السوري الحر.

وتقول مصادر مخابرات إقليمية إنه يجري توسيع هذه القاعدة لتصبح نقطة انطلاق للعمليات الرامية إلى طرد المتشددين من محافظة دير الزور بشرق سوريا من جنوب شرق سوريا. ولكن وجود فصائل من العراق مدعومة من إيران وحزب الله اللبناني في تلك المنطقة أثار قلق الأردن حليف الولايات المتحدة والذي يدعم جماعات معارضة معتدلة. ويحاول الأردن منذ فترة طويلة منع سقوط جنوب سوريا الذي تسيطر عليه المعارضة في يد تنظيم الدولة الإسلامية. ويقول مقاتلو المعارضة إن الهدف النهائي لتقدم الجيش السوري في البادية هو ربط قواته بفصائل شيعية عراقية على الجانب الآخر من الحدود. وتقول مصادر مخابرات إقليمية إن طريق دمشق-بغداد كان أحد الطرق الرئيسية لإدخال الأسلحة الإيرانية إلى سوريا إلى أن سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على مساحات واسعة من الأراضي بمحاذاة الحدود السورية العراقية. ويقول مقاتلو المعارضة إنهم بدأوا هذا الأسبوع في استهداف مواقع يعتقدون أن فصائل تدعمها إيران تسيطر عليها.

وفي السياق، قال ستافان دي ميستورا وسيط الأمم المتحدة، أمس، إنَّ من المتوقع أن تستفيد محادثات السلام السورية التي ستعقد في جنيف هذا الأسبوع من تنظيم أكثر إحكاما واتفاق جرى التوصل إليه في الفترة الأخيرة للحد من العنف مهونا من شأن تصريحات للرئيس السوري بشار الأسد تقلل من أهمية المحادثات. وأسفرت جولات سابقة من المحادثات عن اتفاق على أن تناقش الأطراف المتحاربة جدول أعمال من أربعة أجزاء لكن لم يتحقق بعد أي تقدم بشأن أي منها.

وتحت ضغط من الداعمين الدوليين، اتفق الجانبان على مناقشة دستور جديد وإصلاح نظام الحكم وإجراء انتخابات ومحاربة الإرهاب لكنهما يختلفان بشدة بشأن ما يعنيه كل من هذه البنود. ويحرص الأسد -المدعوم من روسيا وإيران- على مناقشه "الإرهاب" وهو تعبير يستخدمه عموما لوصف كل خصومه. وطالب مفاوضو المعارضة بإزاحة الأسد عن السلطة وهو ما يعتقد أنصاره أنه غير متصور في ضوء انتصاراته العسكرية في الفترة الأخيرة في الحرب الأهلية التي دخلت عامها السابع.

وفي الأسبوع الماضي، قال الأسد لقناة "أو.إن.تي" -التابعة لتليفزيون روسيا البيضاء- إنَّ محادثات جنيف "مجرد لقاء إعلامي، ولا يوجد أي شيء حقيقي في كل لقاءات جنيف السابقة". ورد دي ميستورا بأنَّ بشار الجعفري رئيس وفد مفاوضي الحكومة وصل إلى جنيف على رأس وفد من 18 شخصا "مفوضا لإجراء مناقشات جادة". ونفى دي ميستورا أن تكون الأمم المتحدة تتعرض للاستغلال كغطاء دبلوماسي لمزيد من الحرب. وقال للصحفيين: "إذا كان معنى أن تكون وسيطا وأن تسعى لإيجاد نقاط مشتركة أنه يجري استغلالك.. فسأقبل ذلك. البديل هو لا مناقشات ولا أمل ولا أفق سياسيا.. مجرد انتظار الحقائق على الأرض". وتابع بأنَّ "الحقائق على الأرض" -وهو تعبير تستخدمه الأمم المتحدة في الإشارة إلى "الحرب"- لن تسفر عن حل سياسي للصراع الصعب والذي تعهدت جميع الأطراف بتحقيقه. وقال إن الولايات المتحدة أكثر انخراطا واهتماما بالعملية، وأشار إلى النشاط الدبلوماسي رفيع المستوى الذي يجري خلف الستار. وقال: "كل الأمور متصلة ببعضها. هناك اجتماعات كبيرة مهمة جارية وستجرى. هناك مناقشات تجري في العواصم. كلها لها تأثير على ما نبحثه. لكنني لن أوضح ذلك الآن".

وتأتي جولة محادثات جنيف في أعقاب اتفاق بين روسيا وتركيا وإيران على ترتيب ومراقبة "مناطق تخفيف التوتر" في سوريا للحد من القتال. لكن دي ميستورا حذر من أن تخفيف العنف لا يمكن أن يستمر بدون أفق سياسي يمكن التطلع إليه. وتابع "هذا بالتحديد ما نسعى إليه". ومضت جولات سابقة من المحادثات في جنيف بإيقاع كئيب تخلله ما وصفه منتقدون بأنه ظهور إعلامي ضخم للمفاوضين المتنافسين.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة