نقاط القوة في خط "طنجة – جاكرتا"

 

د.يحيى أبو زكريا

 

تعرض خط عرض العالم الإٍسلامي أو خط طنجة – جاكرتا إلى عمليات إبادة من قبل الحركات الاستعمارية الغربية قلَّ نظيرها في التاريخ البشري، وبعد استقلال دولة واصلت محاور الاستكبار تستنزف قدراته وتسلب خيراته وتعبث بأمنه وجغرافيته عبر دعم الدولة الصهيونية الغربية جغرافياً وتاريخياً عن جغرافيا العرب والمسلمين.. وقد ركزت كتب المفكرين والمصلحين على امتداد قرن ونيف على عوامل ضعف المسلمين وانهيارهم، فيما الكتابات عن عوامل قوة العالم الإسلامي كانت محدودة لهول الانهيارات والانكسارات في خط طنجة جاكرتا ...

كما أن الإستراتيجيين الذين يهندسون خارطة صراع الحضارات يهمهم إبراز عالم إسلامي متوحش متراجع إرهابي ليتسنى لهم خلق ذرائع الاستعمار الجديد .. ولا بأس في هذا السياق أن أنقل ما ذكره ول ديورانت في قصة الحضارة  يقول تتكون الحضارة من أربعة عناصر هي: الموارد الاقتصادية والنظم السياسية والتقاليد الخلقية ومتابعة العلوم والفنون والمدنية لا تتوقف على جنس دون جنس، فقد تظهر في هذه القارة أو تلك، وقد تنشأ عن هذا اللون من البشرة أو ذاك، وقد تنهض في بكين أو دلهي، في دافنا أو لندن، فليست المدنية وليدة الرجل الإنجليزى ... ويمكن القول بأن قوة المسلمين تستند على الحضارة الإسلامية التي يمتلكونها والإسلام المحمدي الأصيل القائم على العلم والعدل والعقل .. وحتى فكر الأنسنة صاغه الإسلام بطريقة لم يُسبق إليها ولكن المسلمين انشغلوا بالتفاهات وتركوا الكليات الكبيرة لصناعة الحضارة..لعمرك ما الإنسان إلا بديـــنه/ فلا تترك التقوى اتكالاً على النسب/ فقد رفع الإسلام سلمان فـارس/ كما وضع الشرك الشقـيَّ أبا لهب .. ويمتد العالم الإسلامي من شواطئ المحيط الهادئ شرقاً، إلى شواطئ المحيط الأطلسي غرباً، في قارات آسيا، وأوروبا، وأفريقيا .. وتبلغ مساحة العالم الإسلامي بمناطقه (33 مليون كم2) ، أما عدد المسلمين فيقارب المليارين في العالم .. أكثر الموارد الطبيعية تواجدا في دول العالم الإسلامي هي النفط والغاز الطبيعي، حيث يتوافر الأول في حوالي 35 دولة إسلامية ويشكل إنتاجه 43% من الإنتاج العالمي، أما الغاز الطبيعي فيوجد في حوالي 25 دولة إسلامية ويشكل إنتاجه 8% من الإنتاج العالمي. كما أن العالم الإسلامي غني بالموارد الأخرى الحديد والفوسفات والمغنزيوم والحديد واليورانيوم والزنك، والرصاص، والزئبق، والباريت، والملح ، والرخام وووو
ناهيك عن الثروات الغابية والسمكية والزراعية والغاز الصخري وغيرها ..و يملك العرب والمسلمون قرابة ستين بالمائة من الاحتياطات النفطية العالمية..

وأعيد التذكير بما قاله مستشار وزارة الاستعمار الفرنسية العام 1952: المسلمون عالم مستقل كل الاستقلال عن عالمنا الغربي، فهم يملكون تراثهم الروحي الخاص بهم. ويتمتعون بحضارة تاريخية ذات أصالة، فهم جديرون بأن يقيموا قواعد عالم جديد، دون حاجة إلى إذابة شخصيتهم الحضارية والروحية في الحضارة الغربية، فإذا تهيأت لهم أسباب الإنتاج الصناعي في نطاقه الواسع، انطلقوا في العالم يحملون تراثهم الحضاري الثمين، وانتشروا في الأرض يزيلون منها قواعد الحضارة الغربية، ويقذفون برسالتنا إلى متاحف التاريخ.