مخالفون في بحر عمان



يوسف البلوشي
أن تسمع في منطقة معينة من أرض عمان الكبيرة أن وافدًا يتحكم في مسار تجارة السمك، ويوجهها هو أم المصائب والكوارث، بل وتجد أنّ مفاصل التجارة في بيع الأسماك والشراء تقع ضمن نطاق عدد من الوافدين الذين يتحصلون عوائدها وثرواتها.
وذكرت بعض الندوات التي أقامتها وزارة الزراعة والثروة السمكيّة في إحدى ملتقيات وأسابيع اللقاءات السمكية أن مشكلة العمالة الوافدة المنتشرة على بعض السواحل العمانية من أهم التحديات التي تواجه القطاع في الوقت الراهن.
ونصّت المادة (46) من اللائحة التنفيذية لقانون الصيد البحري وحماية الثروات المائية الحية على حظر استخدام العمالة الوافدة في قطاع الصيد الحرفي. وأكد مختصون أن أثر العمالة الوافدة على هذه المهن كبير حيث إنها تؤثر تأثيرا بيولوجيا بالاستغلال الجائر للمخزون السمكي من أجل تحقيق أكبر مكسب مادي، وتأثير بيئي من حيث استخدام معدات وطرق الصيد الضارة التي تؤثر على مراعي الأسماك الطبيعية، ولها تأثير اجتماعي فهي تحد من توارث مهنة الصيد، كما تشكل خطرا على بنية مجتمعات الصيادين بجانب تأثيرها  الاقتصادي فنسبة كبيرة من العوائد المادية لا يستفيد منها المواطنين، وأظهرت نتائج التوزيع النسبي للمشتغلين حسب أقسام النشاط الاقتصادي في التعداد العام للسكان للمساكن والمنشآت لعام 2010م، أنّ نسبة العمالة الوافدة العاملة في قطاع صيد الأسماك 0.1% مقارنة بـ 1.4% نسبة العمالة الوطنية .
يعيش الكثير منهم على قوارب العمانيين وسفنهم التي تجوب عرض بحر عمان وبحر العرب وطول الخط الساحلي للسلطنة، يتأبطون حقائبهم صباحا إلى تلك السفن ويرتادون بحر عمان، لصيد الأسماك وحصد الثروات، أكثرهم بعيدون عن المناطق التي تصلها عيون جهات الاختصاص، يمارسون الصيد بدل الصياد العماني أي يأخذون مهنته، ويشكلون في تلك المناطق البعيدة من عمان ظاهرة كبيرة بل مشكلة كبرى، هم يمارسون مهنة الصيد مقابل أن يدفعوا للمالك العماني النزر اليسير من العوائد، ويظل الوضع هكذا في معظم مفاصل الحياة -إن صح القول-  في تلك المناطق
٩٠%  من سكان تلك المناطق من عمان يهبون قواربهم للعمالة الأجنبية ولا يدرون ما هي فاعلة بوسائل الصيد وطرقه.
يُعزى ترك مهنة الصيد من قبل المواطنين إلى عدة أسباب منها عدم وجود صف ثانٍ لممارسة مهنة الصيد بعد ترك كبار السن لها بسبب كبر السن والوفاة والأمراض مما وضع كل هذه الممتلكات والمهنة تحت تصرف الوافدين.
بالإضافة إلى تفضيل الوظائف المكتبية من قبل الشباب والمواطنين، حتى وإن كان المردود المادي منها أقل بكثير من الصيد؛ مما أدى إلى شبه اندثار للمهنة.
كما أنّ دور رواد المهنة على سطح السفينة بما يعرف بـ "النوخذة" آلت للاندثار وهي الصفة التي كان في الماضي يتمتع أصحابها بشخصية مهابة تمثل لوناً من ألوان الوجاهة في المجتمع، كون صاحبها ذا قرار في توظيف الراغبين بالعمل في مجال الإبحار بكافة جوانبه، وصاحب كلمة الفصل في تحرك السفينة التي تتحرك للصيد أو للتجارة، ويتمتع بشخصية قوية تساعده في السيطرة على جميع العاملين على ظهر السفينة، إضافةً لخبرته ودرايته بكيفية التعامل مع النجوم لتحديد مسار الإبحار والتعرف على مواقع الصيد، ويكون في بعض الأحيان مالكاً للسفينة أو مستأجراً أو عاملاً لحساب شخص آخر.
إنّ هيكلة ووضع ضوابط للمهنة أصبح من الأمور المُلحة والضروريّة التي تحتاج إلى مراقبة أدوات الصيد من أجل بقاء أعداد الأسماك في حالة مستدامة ودون انقراض بسبب استخدام وسائل الصيد الجائر والتي تستخدم بنطاق واسع في بحار عمان من قبل المخالفين من الوافدين.