تمثيل السلطنة المُشرِّف.. وإلا فلا!!

 

 

خلفان الطوقي

 

حبي للسفر والاطلاع على تجارب الدول يقودني لأن أسأل عند سفري لأيِّ دولة هذا السؤال: هل هناك أي معرض دولي في فترة تواجدي في تلك الدولة؟ فإذا كان هناك أي معرض، أحرص على حضوره، ويأتي شغفي وحرصي لزيارة ركن السلطنة لتتوافق توقعاتي مع الواقع، لكن وللأسف الشديد في معظم الأحيان عند زيارتي للجناح العماني أو من يمثله يكون الواقع لا يرقى للتوقعات ولو بنسبة 10 في المئة.

زيارتي الأخيرة التي استمرت لعدة أيام كانت للعاصمة أبوظبي للاستجمام وإهداء نسخ من كتاب (ما لم تتعلمه في الجامعة) للجامعات والمراكز البحثية والمبادرات الأهلية المشجعة للقراءة للإمارات ولباقي الأجنحة التي تمثل حكوماتها والمشاركة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب والذي أقيم قبل عدة أسابيع، تحققت أهدافي بأكثر مما توقعت، ولكن المُحزن في الزيارة أنه عندما بحثت عن ركن السلطنة أو من يُمثلها في المعرض، وجدته منزوياً يتيمًا صغيراً جدًا لا يرقى لأن يُمثل السلطنة بتاريخها وتراثها وامتدادها وكنوزها وأمجادها وثقافتها والكثير مما تزخر به والذي لا يعد ولا يحصى ويُمكن وضعه تحت مظلة الثقافة العُمانية.

ومن مبدأ إضاءة شمعة للمستقبل بدلاً من لعن الظلام وطرح الحلول والمقترحات للقادم من الأيام، فإنني من خلال هذه المقالة اقترح في معرض الشارقة والكويت الدولي للكتاب الذي تفصل بيننا وبينه عدة أشهر من الآن تنسيق وتكاتف الجهات المعنية كوزارة الإعلام ووزارة التراث والثقافة ووزارة الشؤون الدينية والأوقاف وجامعة السلطان قابوس ووزارة الخارجية من خلال سفاراتها ودار الأوبرا السلطانية وغيرها ممن له علاقة، ودعوة القطاع المدني كالجمعية العُمانية للكتاب والأدباء والنادي الثقافي وباقي الصالونات الثقافية، وعدم الاكتفاء بذلك بل تمتد الدعوة للقطاع الخاص كدعوة متحف بيت الزبير الذي كان له مشاركة مشرفة في معرض مسقط الدولي للكتاب لهذا العام، ودعوة أي جهة أخرى يُمكن أن تشارك تحت المظلة الثقافية العمانية الموحدة والمُشرِّفة، كما يمكن لبعض الدور الثقافية العمانية الخاصة أن تكون جزءًا من المنظومة المشاركة.

 

المُشاركة الجماعية لا تضمن للسلطنة المكان الاستراتيجي في المعرض فقط بل الترويج السياحي لها أيضًا خاصة وأنَّ هناك فعاليات عالمية قادمة كإكسبو ٢٠٢٠ وكأس العالم ٢٠٢٢ وعلينا الاستفادة القصوى من أيّ فعالية خليجة دولية قادمة، ويمكن حل مبرر التكلفة المالية بأن تتحمل كل جهة جزءًا من فاتورة مشاركة ممثليها وديكورات الجناح حسب المساحة الممنوحة لكل جهة، كما يمكن طلب بعض الدعم من ديوان البلاط السلطاني لضمان مشاركة عمانية لائقة ومشرفة ومؤثرة.

ولضمان مشاركة دولية مشرفة تليق باسم عمان أرى أن على المعنيين أولاً وقبل كل شيء الإيمان بضرورة تضافر الجهود وتكاتف القوى والتخلص من الإصرار على المشاركة الفردية (كل جهة حكومية بمفردها) ونبذ الفكر التقليدي المُتعنت المدعي استحالة المُشاركة الجماعية لتضارب الصلاحيات والمسؤوليات، فإن تم نبذ هذا الفكر ستكون باقي العناصر سهلة، ويمكن بعد ذلك التنسيق والإعداد المبكر واختيار الشخصيات المناسبة المدربة التي تعي معنى تسويق السلطنة قبل تسويق المؤسسة التي تمثلها، على أن يكون اختيار الموارد البشرية خاضعًا لاختبارات ومقابلات شخصية من (فريق عمل) مستقلا مبنيا على الكفاءة والخبرة والحضور الشخصي، والابتعاد عن المجاملة والاختيار المبني على الأهواء الشخصية، ولضمان تحقيق أهداف تفوق المتوقع فإنني أرى أنه لابد من إيجاد رؤية وأهداف مشتركة مركزة على أن يكون هدفها الأسمى الترويج للسلطنة ومواطنيها والمشهد الحضاري والثقافي لجميع الزوار، أضف إلى ذلك لابد من التفاوض المبكر مع اللجنة التنظيمية لاختيار المكان المناسب وإن تطلب التدخل الحكومي ومن أعلى السلطات.

 

أخيرًا، إن ما ذكرته ليس ضرباً من الخيال إلا لمن أراد الحلول التقليدية السهلة، إن ما ذكرته أعلاه قد رأيته في مشاركة بعض الدول المشاركة في المعرض، وخلاصة مقترحي إما مشاركة تسر الناظرين ويفخر بها الوطن والمواطنون محققة لمكاسب متوسطة وطويلة المدى أو عدم المشاركة المخجلة التي لا تبرز أمجادنا كما يجب، وقد تسيء لهذا البلد العظيم.