حالة من العمى، أم أسوأ؟!

 

 

المعتصم البوسعيدي

 

يقول الروائي والشاعر الإنجليزي توماس هاردي: "هناك حالة أسوأ من العمى؛ رؤية شيء ليس له وجود"، عبارة تواردت في مخيلتي عبر مجموعة من الرؤى الرياضية التي تمر علينا ونحن المبصرين، فهل من وجود لها حتى لا نقع موضع المعنيين بمقولة توماس هاردي!!.

 

المشاركة في البطولات الإقليمية باتت تشكل مزيدًا من خيباتِ الأمل، وإنكسارات الأماني والآمال؛ "فلا جديد تحت الشمس" السلطنة تشارك ـ حاليًا ـ في بطولة التضامن الإسلامي "بباكو" الأذربيجانية بخمس لعبات فقط!!، خمس لعبات ستروي حكاية مُشاركاتنا المنتظرة، والتي بدأت تفاصيلها بالمنتخب الأولمبي لكرة القدم وتعادله ـ في أوَّل المشوار ـ مع شقيقه المنتخب الفلسطيني، بداية قد تؤسس لرؤية مُوجعة ذات وجود حقيقي، وعلى اللجنة الأولمبية تحديد رؤيتها بعد البطولة وأتمنى ألا نعيش حالة العمى المتكررة أو رؤية شيء "إيجابي باهر" لا وجود له!!.

 

برامج كثيرة تقيمها وزارة الشؤون الرياضية ضمن إستراتيجيتها المُعلنة، ورغم هدفها السامي نحو ُمجتمع رياضي، وتركيزها على الشباب والارتقاء به؛ كونه اللاعب الأول في النهوض بالدول، إلا أن هناك نظرة حول رياضية هذه البرامج؟! وحتى لا أتشعب في الموضوع؛ سأركز على برنامج "إبداعات شبابية" الذي يأتي في إطار مسابقات ثقافية متعددة المجالات، هل حقًا يُدرك المعنيون بإقامتها آلية مسارها في الأندية؟! هل الفئة المستهدفة تقع في الأندية وتفعيل حراكها الثقافي واستخراج مواهب ومُبدعي المنضوين فيها؟! وباختصار شديد أجيب ـ حسب تصوري ـ إن إبداعات شبابية حالها حال أي مسابقة تقام على مستوى مدارس السلطنة لا أكثر ولا أقل، ولا أراها إلا برنامجا يتبع وزارة التربية والتعليم أكثر من وزارة الشؤون الرياضية؛ ولا علاقة وثيقة تربطها بالأندية إلا تحت بند "إذا هبت رياحك فأغتنمها" وفرصة أن تقول الأندية "نحن هنا" من خلال استقطاب طلبة المدارس لا أعضاء النادي أنفسهم، مع الإيمان بإمكانية استغلالها لإيجاد علاقة إيجابية تقرب المجتمع من النادي، لكن وفق النهج المتكرر يبقى السؤال: هل هناك حالة من العمى عن هذا، أم أسوأ من ذلك أننا نرى شيئاً لا وجود له؟!.

لقاء سريع جمع مراسل "بي إن سبورت" الإعلامي العُماني المُخضرم حسن الهاشمي مع نجم الكرة السعودية نواف العابد للوقوف على أسباب تعادل الزعيم الهلالي مع نادي بيروزي الإيراني الذي أقيم على مجمع السلطان قابوس ببوشر، تحدث خلاله العابد عن أرضية الملعب والتي أثرت على الأداء والنتيجة ليس في هذه المباراة فقط؛ بل حتى المباريات السابقة للنادي في العاصمة مسقط، تصريح وصف "بغير اللائق"؛ نظرًا لحجم عشاق النادي في السلطنة والذين "أبهروا" المُتابعين بحضورهم ومدى مؤازرتهم للأزرق في كل مرة يحل فيها ضيفًا، وصاحب أرض، وبعيدًا عن التصريح الذي لامس ـ في اعتقادي ـ شيئا حقيقيا؛ هل شاهد العابد شيئاً لا وجود له؟! علينا أن نكون مُنصفين ولا نتعامى عن بنيتنا الرياضية، وإلا ماذا نفسر ـ أيضًا ـ نقل مباريات دوري "عمانتل" للمحترفين لإستاد الشرطة عوضًا عن مجمع السلطان قابوس ببوشر؟! أليس الأمر مُتعلقًا بتهيئة الملعب لنهائي الكأس الغالية بعد استهلاكه الكبير؟! يجب علينا النظر في مقدار إيفاء البنية التحتية لمتطلبات اللعبة بشكل عاجل وسريع، دون أن أغفل وجود بنية تحتية قيد الإنشاء قد تعالج هذه الإشكالية، متمنيًا أن تتخطى بنية الملاعب النمطية التقليدية؛ فالملاعب لم تعد حجرا وأسمنتا وعشبا أخضر!!.

ندرك تمامًا أن لكل شخص رؤيته للأشياء خاصة مع فوارق مكان المشاهدة، وأن العمى قد يكون خلقا أو لسبب معين وجد الإنسان فيه؛ ولست بصدد الحديث عنه أو نقده، لكن رؤية شيء لا وجود له والمضي به كحقيقة سيؤدي ـ حتمًا ـ لنتائج كارثية وتعطيل للجهود المبذولة!!