الديون البنكية المتعثرة

 

 

يوسف علي البلوشي

 

وأنا أطالع أرباح أحد البنوك المحلية الذي تخطت نسبة أرباحه مئات الملايين؛ أستشف أنّ هذه البنوك تعيش العصر الذهبي رغم انتكاسات الوضع المالي والاقتصادي؛ حيث الأرقام الفلكيّة التي تعانق السحاب.

فمثلا حققت الودائع في أحد البنوك المحلية حتى 31 مارس 2017م زيادة بنسبة 18.1٪ لتصل إلى 1.682 مليار ريال عماني مقارنة بـ1.424 مليار ريال عماني للفترة ذاتها من العام الماضي.

وبلغت حصة البنك من قروض القطاع الخاص 10٪ في فبراير 2017م مقارنة مع 9.2٪ في مارس 2016م، في حين بلغت حصته من ودائع القطاع الخاص 9.4٪ في نهاية فبراير 2017م مقابل 7.8٪ في 31 مارس 2016م وهي أرقام جزء من كل لمدة الثلاثة أشهر الأولى من هذا العام.

 

وتشكّل العوائد البنكيّة في العام الواحد أرقامًا كبيرة لا تضاهيها أحيانًا موازنات الشركات المساهمة العامة بل وموازنات المؤسسات الحكوميّة.

وتعمل كثير من البنوك على الترويج للقروض من خلال تجوال خلايا النحل والفراشات الدؤوبة من الموظفين والموظفات بحثا عن الراغبين للاقتراض من أجل احتياجاتهم سواء لكمالياتهم أو لضرورياتهم.

ويصف موظفو البنوك المشهد لمن يريد الدخول للاقتراض كمن يدس السم في العسل؛ واصفًا مذاقه بالعسل الذي يجلب المذاق الطيّب لمتناوله عن طريق هذا الاقتراض.

لا يلبث أن يجدول عدد كبير ممن يقع في فخ القروض ومصايدها رغم إدراكنا الموقن بأنه- لم يَضرِبك أحد على يديك للاقتراض- كما يقول المثل الدارج.

المقصد من الحديث؛ نحن لسنا ضد البنوك في تعاملاتها والقيام بالترويج لخدماتها التي يجب أن تكون وفق تطلعات المستفيد، ولكن لو نظرنا لحالة من الحالات التي كثيرًا ما يتعرّض المستفيدون والزبائن لعثرات فيها لوجدنا أن إمكانية عدم السداد تعزى لكثير من الظروف من بينها البحث عن مواقع عمل مختلفة أو السفر أو تراكم متطلبات الحياة والمشتروات أو أيّة ظروف أخرى.

في العادة يقوم البنك باحتساب فائدة وقسط عن كل شهر متعثر؛ بل فايدة تراكمية، وهذا قد يتسبب في زيادة الإشكاليات للمستفيد وتراكم التعثر بل ويلجأ البنك إلى رفع القضايا على المستفيد، واللجوء إلى التضييق على المتعثر والمستفيد بأن يحسب الفائدة طوال الفترة التي لا يستطيع فيها المستفيد السداد، وعدم اللجوء إلى حلول تساعد على إغلاق الفجوة المتكونة مثل الجلوس مع المدين المتعثر أو طلبه للحوار أو إيجاد اتفاقات وتسوية بينية، بل يتعمّد البنك سجنه وكأنّ ذلك سيُسهّل تحصيل الأموال من المقترض.

على البنك أن يجد حلولا ومنافذ للمستفيد لتحصيل ديونه من بينها إيقاف الفوائد بعد كذا شهر أو عام من توقيت التعثر وأيضًا احتساب القسط الأصلي من المبلغ، وتعطيل الفوائد وليس احتساب كل هذه الفوائد والتعثرات. ويجب أن تكون هناك رأفة ورحمة بحال المواطن الذي إن تعثر لن تستطيع البنوك تحصيل أموالها سوى بالمحاكم والقضايا الطائلة.

يجب على البنوك أن تضع شروطها وإجراءاتها كيف ما كان بحسب الجوانب التي أيضا تراعي فيها المستفيد؛ خاصة وأنّ كثير منهم من وقع في شرك "ترويج القروض البنكية".