هيئة لسلامة الأغذية

يوسف البلوشي

أمر مريب عندما نحكم على ثرواتنا ونهاجمها ونهاجم السهل الأخضر الذي كان ولا زال مصدرًا للثروات في كل عمان.

إنّ الفواكه والخضروات الموجودة في السلطنة ليست بذلك السوء في وقت تعاني فيه دول أخرى من الكساد القاحل وصعوبة زراعة أي نوع من أنواع الثمار المختلفة. 

بيد أنّ الوضع يحتاج إلى شيء من الاهتمام الزائد بداية من قبل المزارع نفسه الذي يضع كل هذه الممتلكات الزراعية في أيدي وافدين وتحت تصرفهم يفعلون ما يشاؤون؛ ثم إنّ التركيز الزراعي الذي كان سابقًا أصبح مفقودًا نوعًا ما حاليًا بسبب هجرِه وكِبَر سن المزارعين وعدم وجود صف بديل لهم في هذه المزارع.

كما شاهدنا أيضا قيام بعض المستهلكين بفحص الثمار عبر أدوات كفيّة صغيرة جدًا، وترويج أن إحدى هذه الثمار في خطر، ونشر ذلك لتبيانه للرأي العام أنّ الفحص الذي قام به دقيق، وشامل، ويعكس مهارته في الحكم على الثمار بمعدلات الخطورة؛ والأصح أن هذا يعتبر تضليلا للرأي العام علما أنّ فحص وقياس جودة الثمار وخلوها من المبيدات يحتاج إلى أدوات وأجهزة دقيقه جدًا وباهظة الثمن وليست عادية بالشكل الذي نتصور أنّ بإمكان الأفراد اقتناؤها؛ ومن ثم تضليل الناس بالأسلوب الذي تمّ تصويره

 وأنا استطلع آراء بعض من يبعث بالرسائل النصيّة ويدلو بدلوه من المشاركين في مجموعات التواصل الاجتماعي "الواتس اب" وغيرها، الآن الدعوات إلى مقاطعة كل أصناف الفواكه والخضروات إلا قبل عملية الفحص.

لقد كانت الخطابات المتداولة من بعض المؤسسات بالدول المجاورة حول إيقاف شحنات من الخضروات صادمة للجميع بسبب ما تم تداوله عنها بوجود كميات كبيرة من المبيدات الضارة التي ترش أو تحقن بها هذه الخضروات لتكون ذات مدد حفظ طويلة وأيضا تساعد على حفظها من التلف وهو أمر لا شك أنّه ليس في مصلحة المستهلكين بشتى الأحوال.

أصبحت الحاجة ملحة وضرورية لإنشاء هيئة تعنى بسلامة الغذاء يناط بها دمج تباين الحاصل في التفتيش مع جودة وسلامة الأغذية بخلاف الإشراف القائم من قبل وزارة الزراعة والثروة السمكية وهو أمر معمول به على مستوى كبير في مختلف دول العالم.

ثم إنّ على هذه الجهة التي تُعنى بسلامة الغذاء التعاون مع جهات أخرى وتتولى سلامة الغذاء دون غيرها من الاختصاصات المقررة للوزارات فيما يخص الرقابة على تداول الغذاء، مع إعطاء العاملين بها صفة الضبطية القضائية.

وهي خطوة مُهمة وضروريّة لتوحيد الرقابة على الأغذية، في ظل تعدد الجهات المسؤولة عن الأمر وقيام عدد من هذه الجهات من العمل في جزر منعزلة إلى وجود مثل هذه الفجوات في سلامة الغذاء.

كما أن وجود قانون للتحول من سياسة الرقابة العقابية على سلامة الغذاء إلى الرقابة الوقائية التي تعمل على ضمان جودة المنتجات الغذائية وسلامتها قبل تداولها ووصولها للمستهلكين؛ هو مقترح ضروري دراسته لأنّ ذلك سيخفف من حدة التلاعب بجودة الخضروات والفواكه وغيرها من الأغذية.

كما أنه أصبح من المناسب دراسة وضع الثمار التي تصدر بشكل أفضل عن السابق من خلال معاينة جهات الاختصاص وتعيين مهندسين مختصين لذلك.

ثم إنّ تمكين المهندس الزراعي العماني وإعطاء الصلاحيات الممكنة في تقديم التوعية والتثقيف للمزارع أمر ضروري في ظل وجود فجوة كبيرة بين المزارعين وجهات الاختصاص.

وكثيرا ما يقوم المزارعون بالاحتيال على مفتشي الثمار من خلال عدم عرض الثمار التي بالعادة قد تعرّضت لمبيدات أو رش كبير. 

في ظل هذا الوقت يجب أن نكون أكثر اكتراثا بعدم الاستهانة والتقليل من جودة منتجاتنا بل علينا العناية بها بشكل أكبر، وحث المزارعين على تقديم الجودة والاعتناء بها بشكل أكبر.