إعادة هيكلة مجالس إدارات الشركات الحكومية

 

 

خلفان الطوقي

الوضع الحالي لمجالس إدارات الشركات الحكومية هو أنَّ عضويتها تتكون من أصحاب المَعَالي الوزراء وأصحاب السعادة وفي بعض الأحيان مديري عموم أو مستشارين؛ بحكم أنَّ الحكومة هي صاحبة ملكية هذه الشركات، وفي الآونة الأخيرة منحت باستحياء واستثناء طفيف جزءاً من هذه المقاعد لبعض رجال الأعمال وبعض القيادات التنفيذية من القطاع الخاص، وأراهن على أنَّ مُعظم قراء هذا المقال لا يستطيعون الإجابة على الأسئلة السهلة التالية مثلاً: كم عدد الشركات التي تمتلكها الحكومة، وما هي الشركات الحكومية التي حققت أرباحًا أو خسائر، ويستثنى من قاعدة معرفة مثل هذه المعلومات القلة القليلة.

ولكي لا نتشعب في الموضوع، وبناءً على المعلومات المُتداولة بين عموم الناس وفي المجالس العامة وحتى المجالس الافتراضية فإنَّ مُعظم الشركات الحكومية تخسر سنوياً بالملايين ولا أشك في ذلك، بل وتتلقى الدعم السنوي من خزينة الدولة، ولن يتغير الوضع إلا بتغير هذه السياسات الاقتصادية الداعمة ويكون ذلك بتغير المدخلات والحلول، فإذا استمر الوضع الحالي وهو السيطرة الأحادية لمجالس الإدارة من الوزراء والوكلاء والمستشارين، فعلينا أن نتوقع أن يستمر الوضع على ما هو عليه، لذلك ومن مقتضى الوضع الاقتصادي الخانق الذي يمر على الدولة فإنَّ على القائمين على خزينتها ومعهم المجالس التشريعية والرقابية كمجلس الدولة ومجلس الشورى أن تقترح حلولاً مُبتكرة لمساعدة هذه الشركات الحكومية لضخ الأرباح بدلاً من أن تكون عبئًا سنويًا، ويكون جل اهتمامات مجالس الإدارات وبشكل مكرر وسنوي أن تبحث عن مُبررات لاستمرار الخسائر المليونية، وإيهام المُتابعين والمهتمين والمواطنين بأنَّ هذه النتائج ليست خسائر بل إثراء ودعم معنوي وتساعد على الحركة الاقتصادية للبلاد.

 

علينا وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة أن نكون حريصين على كل "بيسة" ، وهذه هي الفرصة السانحة لإيجاد حلول ابتكارية لم تكن مطروحة في السابق خاصة أثناء الرخاء الاقتصادي، والمقترح الذي أقدمه في هذه المقالة هو تثمين بعض الشركات الحكومية من قبل شركات مُحاسبية عالمية وعرض نسب منها على الصناديق الاستثمارية الخاصة والدولية وصناديق التقاعد، وتمليكها نسبة معينة، وبذلك ستتحقق أهدافاً كثيرة وأهمها تطبيق مبادئ الحوكمة والشفافية المطلقة والمطبقة على الشركات المساهمة العامة، بالإضافة إلى جلب صناديق ومستثمرين من خارج السلطنة، وتحقيق الشراكة الحقيقية بين القطاع العام والخاص التي ننادي بها يوميًا في وسائل الإعلام المحلية المختلفة، وحصول خزينة الدولة على سيولة هي في أمس الحاجة إليها وتقليل نسب الاقتراض الخارجي، وبشكل تدريجي يُمكن بيع نسبة أخرى للجمهور من داخل السلطنة وخارجها، وتحقيق أهداف كثيرة أخرى غير مُباشرة يطول الحديث عنها.

عمومًا، من خلال هذا التوجه وبشكل تلقائي لن تكون المقاعد شرفية أو عضويات لا يهمها شيء إلا عدد العضويات ومصاريف وأتعاب الجلسات، بل ستكون المقاعد منوعة وذات خبرات عميقة وتعمل بمهنية تجارية عالية وتمثل جهات ومؤسسات مالية تحاسب على الإخفاق، وتكون حريصة على تحقيق أرباح سنوية، وتراقب الأداء عن كثب لتتعرف على أفضل السبل للنمو التجاري السنوي ومعرفة أوجه القصور لمحاسبة المتسبب، ويهمها استحداث منتجات وخدمات تجارية لمواكبة السوق ومتغيراته وإيجاد فرص لضمان استمراريتهم في السوق، حيث إنني أرى أنه ومن غير إعادة هيكلة المجالس، فإن الوضع سيظل كما هو عليه، وستظل معظم شركاتنا الحكومية عبئاً وليس رافداً للاقتصاد.