لماذا يلوّح ترامب الآن بما تجنّبه أسلافه على مدى أكثر من نصف قرن؟

أمريكا وكوريا الشمالية.. "الهيستريا العسكرية" تهدد 64 عامًا من "الصبر الاستراتيجي"

 

 

 

  • الجيش الأمريكي يؤكد أنّ تحركات "كارل فينسن" في إطار زيارة دورية لشبه الجزيرة الكورية
  • "الغارديان": ترامب يرد على كوريا الشمالية بطريقة "إشهار السيوف"
  • واشنطن تحاول إقناع بيونغ يانغ بالتخلي عن البرنامج النووي بمساعدة الصين
  • الحكومة اليابانية تبلغ واشنطن أنّها لا ترغب في حل عسكري للأزمة
  • بيونج يانج تحذر واشنطن من عواقب "الهستيريا العسكرية".. وترامب يرى أنّ سياسة "الصبر الاستراتيجي" انتهت

 

 

الرؤية – هيثم الغيتاوي – والوكالات

 

يتسم الاحتفال بالذكرى 105 لميلاد مؤسس كوريا الشمالية هذا العام بكثير من الضجيج "الإعلامي قبل العسكري"، الذي يجعل الأمر وكأنّ الدولة التي أسسها كيم إيل سونج في 1948على حافة الانهيار بضربة أمريكية مرتقبة. ولأنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتجاهل القول بإن دِرهم "دبلوماسية" خير من قنطار "سلاح"، تعمد الخلط بين التحرشات الإعلامية التي اعتادها وممارسة الضغوط العسكرية على خصومه، حتى بدا الأمر هذه المرة وكأن حربا عالمية ثالثة على الأبواب، وذلك في ظل تصاعد نبرة التصريحات والتهديدات المتبادلة، والتي يشكك بعض الخبراء في جدّيتها لإدراك كلا الطرفين بأنّ أي تورط عسكري مباشر قد يفتح الباب لتدخل الحلفاء على الجانبين.

وفي العرض العسكري المعتاد لكوريا الشمالية في هذه المناسبة، أظهرت صواريخها الباليستية التي تطلق من غواصات لأول مرة، وحذرت بيونج يانج الولايات المتحدة بضرورة وقف ما وصفته بالهستيريا العسكرية وإلا واجهت انتقاما. وفي المقابل حذرت الولايات المتحدة من أنّ سياسة "الصبر الاستراتيجي" مع كوريا الشمالية انتهت.

وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية نقلا عن متحدث باسم هيئة الأركان العامة للجيش الكوري إن"كل تحركات قطاع الطرق الاستفزازية للولايات المتحدة في المجالين الاقتصادي والعسكري والتي تطابق سياستها المعادية تجاه جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية سيتم إحباطها تماما من خلال أشد رد فعل مضاد لجيش وشعب جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية." مضيفا أن "أشد رد فعل مضاد من جانبنا ضد الولايات المتحدة والقوى التابعة لها سيتم بأسلوب لا يعرف الرحمة بحيث لا تُترك فرصة للمعتدين للنجاة". وقال المتحدث إنّ "الهستيريا العسكرية الخطيرة" لإدارة ترامب وصلت إلى "مرحلة خطيرة لا يمكن تجاهلها".

واتهم وزير الدفاع الكوري الشمالي هانغ سونغ ريول في مقابلة مع وكالة أنباء أسوشييتد برس الإدارة الأمريكية في عهد ترامب بأنها أصبحت "شريرة وعدوانية" في تعاملها مع بلاده. واستخدم الجيش الشعبي الكوري بدوره خطابا قتاليا بإصداره بيانا يهدد فيه بضربات موجهة لقواعد عسكرية أمريكية وأهداف في كوريا الجنوبية. وجاء في البيان "كلما اقتربت تلك الأهداف، كحاملات الطائرات النووية، كانت ضرباتنا موجعة أكثر". وأدان البيان "لجوء ترامب إلى أساليب التهديد والابتزاز"، مشيرا إلى الضربة الصاروخية الأمريكية التي استهدفت قاعدة جوية سورية. وحث واشنطن على "العودة لرشدها" و "إيجاد وسائل أفضل لمعالجة الوضع الحالي".

 

تحرّش عسكري أم سياسي؟

 

يحدث ذلك كله رغم أن القيادة البحرية التابعة للقوات الأمريكية، المتمركزة في كوريا الجنوبية قالت إن حاملة الطائرات الهجومية "كارل فينسن" الأمريكية التي وصلت إلى كوريا الجنوبية أول أمس جاءت إلى المنطقة في إطار "زيارتها الدورية لشبه الجزيرة الكورية"، ومع ذلك يتعامل العالم كله مع هذه الزيارة الدورية كزيارة طارئة قد تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة.

وقالت القيادة البحرية إن "قوات كارل فينسن الهجومية و5500 من البحارة يقومون بمهمة عمليات بحرية دورية في منطقة عمليات عسكرية للأسطول السابع الأمريكي، وأن الجنود والضباط البحارة سيشاركون في فعاليات ثقافية مشتركة مع سكان المدينة"..

ونقلت وكالة "أسيوشيتد برس" عن مصدر عسكري أمريكي طلب عدم الكشف عن هويته، أنه لا تتوفر لدى واشنطن في الوقت الراهن أي نية حقيقية لضرب كوريا الشمالية، حتى لو استمرت الأخيرة في تجاربها النووية والصاروخية.

وأضاف المصدر، أن خطط واشنطن لن تتغير إلا حين إقدام بيونغ يانغ على استهداف كوريا الجنوبية أو اليابان أو الولايات المتحدة، وأنّ القيادة الأمريكية المعنية أجمعت في الوقت الراهن على التروي وعدم التصعيد. وكشف أنّ بلاده سوف تكتفي في حال استمرار بيونغ يانغ في تجاربها، بتشديد العقوبات والتضييق عليها ما أمكن عبر مجلس الأمن الدولي، على أن تتمكن الولايات المتحدة من إقناع روسيا والصين بعدم استخدام الفيتو وتمرير عقوبات على كوريا الشمالية.

ويتوافق ذلك مع وصف صحيفة "الغارديان" رد إدارة ترامب على البرنامج النووي لكوريا الشمالية بأنّه يأتي على طريقة "إشهار السيوف" المتزايد، وإن كانت الصحيفة نفسها أشارت إلى أنّ إدارة ترامب كفّت عن الكشف عن عدد الوحدات العسكرية الإضافية التي ترسلها في الخارج للقتال. ويعجز المجتمع الأمريكي الآن عن معرفة ما تفعله قواته العسكرية في هذه الدول بالتحديد، وهو ما يعني أنّ سياسة إدارة ترامب الحالية تقود الولايات المتحدة والعالم بأسره إلى الكارثة، مؤكدة أن السياسيين ووسائل الإعلام وجميع من يستطيع التأثير على الرئيس الأمريكي الجديد يتجاهلون ذلك.

وكانت حدة التصريحات المتبادلة بين الجانبين سببا مباشرا وربما وحيدا لحالة القلق والترقب حول العالم، رغم أنها تصرفات معتادة من شخصين يتسمان بهذا العنف الدعائي في مختلف التصريحات الإعلامية، كأن تصدر تصريحات عن جيش كوريا الشمالية مثلا يقول فيها إنه سيدمر الولايات المتحدة "بلا رحمة"، إذا قررت واشنطن مهاجمة بلاده. و"سيكون رد فعلنا على الولايات المتحدة، وقواتها البحرية، من القسوة، بحيث لن يترك للمعتدين فرصة للنجاة".

ومما يؤكد أنّ الأمر لا يزيد على مناوشة أو تحرش عسكري بغرض ممارسة ضغط على أطراف أخرى، أن صرح مصدر عسكري بأن إدارة الرئيس دونالد ترامب تنوي التركيز على إقناع بيونغ يانغ بالتخلي عن البرنامج النووي بمساعدة الصين التي هي أكبر شريك تجاري لكوريا الشمالية. لكنه عاد ليقول إنه يمكن أن يتغير كل شيء إذا حاولت كوريا الشمالية إطلاق الصواريخ على كوريا الجنوبية أو اليابان أو الولايات المتحدة. وقد كان وزير الدفاع الأمريكي السابق ليون بانيتا حذر الرئيس ترامب من مغبة الإقدام على خطوات طائشة تجاه كوريا الشمالية يمكن لها أن تؤدي إلى إشعال حرب نووية.

ويقول خبراء عسكريون إن إقدام أمريكا على ضربة فعلية لكوريا الشمالية مرهون بقدرتها أولا على تدمير ترسانتها من الصواريخ القادرة على الوصول إلى اليابان وكوريا الجنوبية و5 مدن أمريكية. ويستدلون على أن الأمر لا يزيد على كونه مناوشات بأن التهديدات بين أمريكا وكوريا الشمالية سارية منذ أكثر من 10 سنوات، دون أي خطوة واضحة من طرف تجاه الآخر، لأن كل طرف يدرك أن للآخر حلفاء مستعدين للتورط في حرب عالمية ثالثة، فمن المتوقع أن تقف دول شرق آسيا مع كوريا الشمالية بزعامة العملاق الصيني، بينما ستقف دول كثيرة أيضا إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية، ومنها اليابان وأستراليا.

 

الصين واليابان و"الجنوبية".. والقلق رابعهم

 

وتبقى النقطة الأكثر ضعفا في الحرب المحتملة هي عاصمة كوريا الجنوبية سيئول، التي يفصلها عن الحدود مع كوريا الشمالية فقط 24 كلم. فهذه المدينة التي يسكنها 10 ملايين شخص قد تتعرض للتدمير من قبل مدفعية وراجمات الصواريخ الضخمة لجارتها الشمالية. لذلك فإن إنقاذ العاصمة الكورية الجنوبية يعتبر المهمة رقم واحد في أي صراع عسكري مفترض، ومع ذلك فإن خطر الإصابات الجماعية بين سكان سيئول وغيرها من المدن الكورية الجنوبية سيكون كبيرا جدا.

وقد دعت الصين، الحليف الرئيسي الوحيد لكوريا الشمالية وجارتها التي تعارض مع ذلك برنامجها للأسلحة، إلى إجراء محادثات لنزع فتيل الأزمة. وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي للصحفيين في بكين "ندعو كل الأطراف إلى الامتناع عن استفزاز وتهديد بعضها سواء بالكلام أو بالأفعال وعدم السماح بوصول الموقف إلى مرحلة يصعب الرجوع عنها أو التحكم فيها". وقال وزير الخارجية وانغ يي "إذا اندلعت الحرب فلن يكون هناك منتصر".

وتخشى الصين، الدولة الوحيدة التي تدعم بيونغ يانغ، أن يؤدي اندلاع الحرب إلى انهيار النظام وخلق مشاكل على حدودها. وناشد وانغ جميع الأطراف بتوخي الحيطة والحذر، وطلب منهم تجنب الاستفزازات وتهديد الطرف الآخر بالتصريحات أو بالأفعال حتى لا يصل الوضع إلى نقطة اللاعودة.

ومما زاد في القلق الصيني ما كتبه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، حيث أكد أن "الولايات المتحدة ليست خائفة من مواجة كوريا الشمالية بمفردها".

وكان ترامب قد عبر مؤخرا عن عدم تردده في اللجوء إلى الخيار العسكري، حين أمر بقصف قاعدة جوية سورية، ثم إلقاء قنبلة ضخمة على أهداف لتنظيم الدولة الإسلامية في افغانستان. وقد أجرى الرئيس الصيني شي جينبينغ ونظيره الأمريكي ترامب محادثات هاتفية منذ لقائهما الأخير في واشنطن، ونسبت وكالة أنباء رويترز إلى مسؤولين أمريكيين القول إنّ الولايات المتحدة تفكر في فرض عقوبات أشد على بيونغيانغ. وكانت الصين قد أوقفت استيراد الفحم من بيونغ يانغ تعبيرا عن شعورها بعدم الرضا.

وحين تم الكشف عن نشر قاعدة أمريكية للدفاع الصاروخي المعروف بمنظومة "ثاد" في كوريا الجنوبية، حذرت الصين مجددا وبشدة من إقامة منظومة الدفاع الصاروخية الأمريكية المتقدمة "ثاد" على أراضي كوريا الجنوبية، مؤكدة عزمها اتخاذ التدابير اللازمة لحماية مصالحها الأمنية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية كنغ شوانغ، إن عملية نشر "ثاد" التي بدأت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية في تنفيذها بالفعل تقوض بشكل خطير التوازن الاستراتيجي الإقليمي والمصالح الأمنية الاستراتيجية لدول المنطقة، بما فيها الصين.

وكانت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة بدأتا تدريبات عسكرية سنوية مشتركة، مؤخرا وسط تفاقم التوترات بعد التجربة الصاروخية الأخيرة لكوريا الشمالية ووفاة الأخ غير الشقيق لزعيمها.  و"فرخ النسر" هي مناورات للتدريب الميداني التي تعتمد على القوات البرية والجوية والبحرية، و"الحل الرئيسي" هي مناورات مركز القيادة بمحاكاة الكمبيوتر. وقد نددت بيونغ يانغ بالمناورات الأمريكية - الكورية الجنوبية المشتركة باعتبارها بروفة للغزو.

وكشفت وكالة أنباء "Kyodo" اليابانية أنّ الولايات المتحدة ستضرب كوريا الشمالية إذا لم تمارس الصين ضغطا حقيقيا على بيونغ يانغ. وأوضحت الوكالة أنّ وزارة الخارجية الأمريكية أبلغت الحكومة اليابانية أنّ واشنطن ستضرب كوريا الشمالية إذا لم تجبر الصين بيونغ يانغ على وقف برنامجها الصاروخي والنووي، مشيرة إلى أنّ ممثلا للخارجية الأمريكية نقل هذا الموقف إلى طوكيو مطلع أبريل الجاري.

ونقلت وكالة أنباء "Kyodo" أن ممثل الخارجية الأمريكية أبلغ الحكومة اليابانية بوجود خيارين فقط، وهما إمّا بكين تعزز ضغطها أو واشنطن تضرب. ولفتت الوكالة إلى أنّ الحكومة اليابانية استوعبت بعد ذلك أنّ العملية العسكرية ضد كوريا الشمالية قد أصبحت خيارًا حقيقيًا للولايات المتحدة. وفي ذات السياق، أعربت طوكيو عن قلقها من أن تصبح أراضي اليابان وكوريا الجنوبية هدفا لضربات مضادة من قبل بيونغ يانغ.

وتبعا لذلك، أوصلت الحكومة اليابانية إلى أسماع واشنطن أنها لا تسعى إلى حل عسكري للمشكلة المتعلقة بكوريا الشمالية، بل إلى جعل شبه الجزيرة الكورية منطقة خالية من السلاح النووي بالوسائل الدبلوماسية. وقالت الوكالة في هذا السياق إنّ الحكومة اليابانية تعول بشكل خاص على وقف بكين إمداد كوريا الشمالية بالنفط.

 

لماذا الآن؟

 

أكثر من 64 عامًا منذ انتهاء حرب الكوريتين، ولا يزال التلاسن بين واشنطن وبيونج يانج مستمرا، لأنّ الولايات المتحدة وكوريا الشمالية وقعتا بعد الحرب اتفاق هدنة، فقط، ورفضت واشنطن تحويل اتفاق الهدنة إلى اتفاق سلام. وبدلا من ذلك نشرت في كوريا الجنوبية أكثر من 28 ألف جندي أمريكي، بدعوى حمايتها من التهديدات الكورية الشمالية.

لكن السؤال: لماذا لم يضغط رؤساء أمريكا السابقون على الزناد ضد كوريا الشمالية طالما الوضع بهذه الخطورة؟

يعيدنا ذلك إلى تحذير وزير الدفاع الأمريكي السابق ليون بانيتا من مغبة إقدام واشنطن على ضربة استباقية لكوريا الشمالية، مشيرا إلى أن أي خطوة في هذا الاتجاه سوف تشعل حربا نووية تزهق أرواح الملايين. وفي حديث أدلى به بانيتا لقناة  NBC قال: "السبب الذي منع رؤساء الولايات المتحدة السابقين عن الضغط على زناد السلاح وضرب كوريا الشمالية تمثل في أن عشرين مليون نسمة، وهم سكان سيئول عاصمة كوريا الجنوبية، سوف يصبحون عرضة للرد الكوري الشمالي، واحتمال استخدام السلاح النووي الذي من شأنه أن يذهب أرواح الملايين. ولهذا السبب، أرى أنه يتعين علينا توخي قدر أكبر من الحيطة. وعلى الإدارة الأمريكية أن تكون حذرة في انتقاء عباراتها وتفادي التصعيد، وأن تتوخى الحذر وألا تتخذ أي قرارات متسرعة"، مشيرا إلى "ضرورة التروي في انتظار ما ستتمكن الصين من تحقيقه في اتجاه التهدئة، لاسيما وأن واشنطن قد منحتها مؤخرا فرصة التدخل علّها تؤثر".

 

تصريحات إعلامية أسرع من الصواريخ

 

وقد أسهمت المعالجات الإعلامية في الترويج لأن "العد التنازلي" بدأ لضربة استباقية في شبه الجزيرة الكورية، ومن ذلك قول تلفزيون "NBC" إن الاستخبارات الأمريكية واثقة من أن بيونغ يانغ تستعد لإجراء تجربة نووية جديدة، واستباقا لذلك نشر البنتاغون اثنتين من مدمراته في منطقة قريبة من موقع التجربة النووية المحتملة.

ومنذ الأسبوع التالي للتجارب الصاروخية الكورية الشمالية الأخيرة، أصبح الحديث عن احتمال توجيه الولايات المتحدة ضربة ضد الشطر الكوري الشمالي الموضوع الأكثر نقاشا في العالم وفي آسيا، خاصة وأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صرّح بأنّ جميع الخيارات ضد كوريا الشمالية مطروحة على الطاولة.

أعلنت دانا وايت، المتحدثة باسم البنتاغون أن هيئة القيادة الأمريكية تبحث دائما جميع الخيارات في الظروف غير المتوقعة، مشددة على أن واشنطن متمسكة بالتزامها حماية حلفائها بما في ذلك كوريا الجنوبية واليابان.

وبالمقابل، قال هان سونغ ريول نائب وزير خارجية كوريا الشمالية إن الوضع في شبه الجزيرة الكورية "وصل إلى طريق مسدود"، مشيرا إلى أن بيونغ يانغ لا تنوي الوقوف مكتوفة الأيدي" في انتظار ضربة الولايات المتحدة الاستباقية.

 

 

أهداف محددة لمعركة ليست كذلك!

 

وإمعانًا في تصوير التصاعد الأخير على أنه مواجهة حقيقية قريبة، أعلن الجيش الكوري الشمالي قائمة بالأهداف الأمريكية التي سيقصفها إذا اعتدت واشنطن على بلادها بما في ذلك قصف القواعد العسكرية الأمريكية ومقر الرئاسة في سيول.

وقال البيان الذي نشرته وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية: "ستقوض كل الاستفزازات والمكائد السياسية والاقتصادية والعسكرية الاستفزازية وستنال الرد القوي من جانب جيشنا وشعبنا". وشدد ممثل جيش كوريا الشمالية أن رد بيونغ يانغ سيتضمن خيارات توجيه ضربات استباقية في البر والبحر والجو.

وكأهداف محتملة للضربات الانتقامية ذكر الضابط الكوري الشمالي، القواعد العسكرية الأمريكية في أوسان وكونسان وبيونجتايك، فضلا عن مقر الرئاسة الكورية الجنوبية "البيت الأزرق" وهدد بأن هذه "الأهداف ستتحول إلى رماد في غضون دقائق" ودعا إلى عدم نسيان أن الصواريخ الكورية الشمالية موجهة ضد القواعد الأمريكية في اليابان وداخل الولايات المتحدة. وأكدت الأركان الكورية الشمالية أنّها جاهزة لقصف حاملة الطائرات "كارل وينسون" لكن في المقابل، لا يمكن إغفال ما تملكه الولايات المتحدة من قدرات عسكرية هائلة في شرق آسيا، بحيث يمكنها في أي لحظة أن توجه ضربة ساحقة لكوريا الشمالية. وأساس القوة الأمريكية - هو، الأسطول السابع ومجموعة القوات البرية والجوية المتمركزة في اليابان وكوريا الجنوبية، البالغ عددها الإجمالي (بما في ذلك البحارة ومشاة البحرية) أكثر من 70 ألفا. فدون نقل قوات إضافية من الولايات المتحدة، فإن واشنطن قادرة على أن توجّه ضربات هائلة لبيونغ يانغ، بحرا وجوا، وكذلك القيام بعمليات برمائية.

ففي غضون ساعات قليلة يمكن للولايات المتحدة قصف كوريا الشمالية بقنابل نووية بواسطة الطائرات البعيدة المدى (B-52) ستراتوفورتيس، نورثروب B-2، روكويل B-1 لانسر. وبالإضافة إلى ذلك، قد تشن هجوما نوويا على كوريا بواسطة السفن والغواصات.

كما أنه منذ فترة طويلة تشكل بالفعل تحالف عسكري قوي ضد كوريا الشمالية. وبحسب مركز Global Firepower فإن الولايات المتحدة تشغل المرتبة الأولى في ميزان القوة العسكرية، واليابان المرتبة السابعة، وكوريا الجنوبية – الحادية عشرة، فيما تأتي كوريا الشمالية في المرتبة 25 فقط!

لذلك يمكن القول إنّ بيونغ يانغ قد لا تنتصر في أي حرب محتملة ضدّها، حتى مع جارتها الجنوبية، ولكن هذا لا يعني أن نظامها الشيوعي ليس قادرا على إبداء مقاومة شديدة أو أن يسبب ضررا لا يمكن إصلاحه للعدو. خصوصا وأن الجيش الكوري الشمالي مزود بتكنولوجيا سوفيتية وصينية وأنماط غير مكشوفة من إنتاجه الخاص. إلا أنّ الحلقة الأضعف لديه تتمثل في سلاحي الجو والمدرعات، حيث هناك نسبة عالية جدا من المعدات القديمة، ومثل ذلك في البحرية الكورية الشمالية. ومع ذلك، نجحت كوريا الشمالية في إنشاء أنظمة مدفعية وصواريخ قصيرة المدى ومتوسطة. ووفقا لمركز  Global Firepower  فلدى جيش الشمال 4300 وحدة من مدفعية الميدان (مقابل 5374 عند الجنوبيين)، و2225 مدفعا ذاتي الحركة (ضد 1990)، و2400 راجمة صواريخ لإطلاق النار .

أمّا القوة التدميرية الهائلة لكوريا الشمالية فتكمن في قواتها الصاروخية، إذ تمتلك المئات من قاذفات الصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية. ويمكن لصواريخ كوريا الشمالية أن تصل إلى أي نقطة في أراضي جارتها الجنوبية وضرب سفن العدو في البحر لمسافة تصل إلى 500 ميل (حتى 900 كم).

ووفقا للخبراء، حققت بيونغ يانغ في السنوات الأخيرة تقدما كبيرا في مجال التسلح وأظهرت إرادتها لاستخدام الغواصات في شن هجمات عسكرية. ويقول خبراء أن كوريا الشمالية تمتلك نحو 70 غواصة، مشيرين إلى أنه من المرجح أن يكون جزء قليل منها قادرا على شن هجوم بالصواريخ الباليستية.

ومن جانبه، أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أن بلاده "بصدد إرسال أرمادا" (أسطول عظيم لا يهزم) إلى سواحل شبه الجزيرة الكورية، مضيفا: "لدينا غواصات أكثر قوة بكثير من حاملة الطائرات". وردا على سؤال ما إذا كان زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، يعاني مرضا نفسيا، قال ترامب، إنّه لا يعرف، مشيرا إلى أن أون "يتصرف بطريقة غير صحيحة".

ومن الواضح أن ترامب استخدم كلمة "أرمادا"، في إشارة للأسطول الإسباني العظيم والذي أطلقه الملك فيليب الثاني "ARMADA"، تحت قيادة دوق مدينة سيدونا، وتم تجميعه في 1588 لغزو إنكلترا.

وكشفت وكالة أنباء كوريا الجنوبية "يونهاب" عن حجم القوة التي تدفع بها الولايات المتحدة إلى شبه الجزيرة الكورية. وأوضحت أن المجموعة البحرية الهجومية الأمريكية تتكون من حاملة طائرات "كارل فينسون"، وعلى متنها نحو 70 مقاتلة ومروحية، بينها 24 قاذفة من نوع " F/A-18"، و10 طائرات للتزويد بالوقود، و10 طائرات مضادة للغواصات.

 

تعليق عبر الفيس بوك