دعوا إلى ضرورة وضع استراتيجية وطنية للتشجيع على التحول التدريجي في استخدامه

خبراء: إمكانية كبيرة لإنتاج الوقود الحيوي في السلطنة .. والمخلفات الزراعية المصدر الأمثل

...
...
...

◄ البوسعيدي: الوقود الحيوي طاقة نظيفة تعتمد على إنتاج إيثانول كحولي
◄ لمياء الحاج: جهود بسيطة في أبحاث إنتاج الوقود الحيوي بـ"دول الخليج"
◄ محتسب: الوقود الحيوي قادر على توليد فرص عمل متنوعة للشباب لاسيما المناطق الريفية
◄ الهنائي: السلطنة تزخر بالإمكانات اللازمة لإنتاج الوقود الحيوي
◄ الذرة وفول الصويا من أبرز المحاصيل المستخدمة في إنتاج الوقود الحيوي
◄ قلة التكلفة وسهولة عملية الإنتاج واستخراجه من المخلفات.. أبرز المميزات
◄ جهود بحثية واسعة حول العالم لخفض تكلفة الإنتاج المرتفعة
◄ مختبرات جامعة السلطان قابوس تنجح في إنتاج "البايوديزل" من نوى التمور
◄ الإنتاج من الطحالب تكلفته أقل نتيجة لتوافر الظروف الملائمة
◄ احتواء "الغاف" على نسبة معقولة من الزيوت المتطايرة يعزز قيمته الحيوية
◄ الدراسات تؤكد الانخفاض التدريجي لتكلفة الإنتاج
◄ فرص واعدة أمام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للمساهمة في التنويع الاقتصادي
◄ مخاوف من تسبب زيادة الإنتاج في ارتفاع أسعار الغذاء


الرؤية- أحمد الجهوري
أجمع أكاديميون على أنَّ السَّلطنة تزخر بالعديد من الموارد التي تُساعدها على إنتاج الوقود الحيوي، منها بذور النخيل والطحالب وأشجار الغاف، مُشيرين إلى أنَّ استخدام الطاقات المُتجددة والنظيفة بات أمرًا حيوياً لا سيما في ظل استمرار انخفاض أسعار الوقود الأحفوري والذي ألقى بتداعيات سلبية على البلدان المصدرة للنفط كالسلطنة، وغيرها من الدول.
وقالوا- في تصريحات خاصة لـ"الرؤية"- إنَّ هذا التوجه نحو الوقود الحيوي يُسهم بشكل كبير في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، لكنهم أشاروا إلى أنَّ تكلفة إنتاج الوقود الحيوي تتصدر التحديات؛ حيث يعمل الكثير من المختبرات والمنظمات على إيجاد أبحاث تحد من تلك التكلفة.

 

ويُعرِّف الدكتور أحمد سالم عبد الله البوسعيدي باحث بقسم التربة والمياه والهندسة الزراعية بكلية العلوم الزراعية والبحرية في جامعة السلطان قابوس الوقود الحيوي بأنَّه الطاقة المُستمدة من الكائنات الحية سواء النباتية أو الحيوانية منها، وهو أحد أهم مصادر الطاقة المُتجددة، على خلاف غيرها من الموارد الطبيعية مثل النفط والفحم الحجري وكافة أنواع الوقود الأحفوري والوقود النووي.
وقال البوسعيدي إنَّ أهم ما يُميز الوقود الحيوي أنَّه وقود نظيف يعتمد إنتاجه في الأساس على تحويل الكتلة الحيوية، سواء كانت ممثلة في صورة حبوب ومحاصيل زراعية مثل الذرة وقصب السكر أو في صورة زيوت مثل زيت فول الصويا وزيت النخيل وشحوم حيوانية، إلى إيثانول كحولي أو ديزل عضوي مما يعني إمكانية استخدامها في الإنارة وتسيير المركبات وإدارة المولدات، مشيراً إلى أنَّ هذا حادث فعلاً وعلى نطاق واسع في دول كثيرة؛ أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل وألمانيا والسويد وكندا والصين والهند. وأوضح أنَّ زيادة الطلب على الوقود الحيوي تُعزى إلى مجموعة من الاحتياجات المتزايدة على الطاقة، مثل ارتفاع تكاليف استخراج وإنتاج النفط، والرغبة في إيجاد مصادر طاقة نظيفة، وزيادة الدخول الزراعية في البلدان المُتقدمة.
وبيَّن أن بعض المناطق بدأت في زراعة أنواع معينة من النباتات خصيصاً لاستخدامها في مجال الوقود الحيوي، منها الذرة وفول الصويا في الولايات المتحدة، وأيضا اللفت، في أوروبا، وقصب السكر في البرازيل، وزيت النخيل في جنوب شرق آسيا. وتابع أنه يتم الحصول على الوقود الحيوي من التحليل الصناعي للمزروعات والفضلات، والنباتات المستخدمة للوقود الحيوي المستدام مثل قصب السكر في البرازيل، والجاتروفا في الهند وأفريقيا، والجاتروفا في كمبوديا، والجاتروفا في المكسيك، والبونغاميا الريشية في أستراليا والهند، والسورغم الحلو في الهند، والطحالب في أمريكا وأوروبا. وقال إنَّ الدول العشرة الأولى في إنتاج الإيثانول الحيوي على مستوى العالم هي: الولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل والصين وكندا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وتايلاند وبلجيكا وكولومبيا.
آفاق الإنتاج
وتحدث البوسعيدي عن آفاق الوقود الحيوي والقيمة المضافة له في ظل الاعتماد على الطاقات غير المُتجددة من الوقود الأحفوري، قائلا إنَّ من مزايا الوقود الحيوي قلة تكلفته وإمكانية إنتاجه في أي وقت وفي أي بقعة من الأرض، بسبب توافر مواده الأولية وعدم تقيدها بأي عوامل جغرافية أو طبيعية، وهي ميزة كبرى تفتقدها مصادر الطاقة الأخرى المتجددة. لكنه أوضح أنَّ ميزة الوقود الحيوي الكبرى التي يؤمل تطويرها والتوسع فيها، أنه يمكن إنتاجه أيضًا من المخلفات والفضلات الحيوانية والنباتية سواء كانت بقايا الحيوانات وروثها أو كانت من قش الأرز ونشارة الخشب، كما يمكن إنتاجه من الطحالب المائية ومن نباتات أخرى سريعة النمو وغير ذات قيمة غذائية مثل الجاتروفا والهوهوبا. وزاد القول إنّ نظافة هذا المصدر وعدم إضراره بالبيئة أو المناخ، يعظم الآمال المعقودة عليه في تخليص العالم من جزء كبير من مشاكله البيئية الحالية.
وبيَّن باحث بقسم التربة والمياه والهندسة الزراعية أنَّه من أجل النهوض بالقطاع الزراعي وتنمية المُجتمعات الريفية يفترض أن يُساهم الترويج لإنتاج الوقود الحيوي في إعادة صياغة هياكل القطاعات الزراعية، من حيث إمدادات المواد الأولية الزراعية اللازمة لإنتاجه، ونمو فرص التشغيل وتوليد الدخول وتجنّب هجر الأراضي والهجرة إلى المدن، مع إمكان تأمين الحصول على الطاقة المستدامة من خلال الإنتاج، والاستخدام المحلي للوقود الحيوي على نطاق المجتمعات الريفية.
ولفت البوسعيدي إلى أهمية مواجهة مشكلات البيئة والتغيرات المناخية من خلال زيادة الاهتمام بالوقود الحيوي؛ حيث يفترض أن يسهم في إمكانية خفض دورة الانبعاثات ذات الأثر السلبي على البيئة، بتكلفة أقل من تلك المرتبطة بخيارات أخرى، عبر تنمية صادرات محاصيل الطاقة الموجهة لإنتاج الوقود الحيوي في البلدان ذات الإمكانات المساعدة على استخدام الأراضي والتشغيل، علاوة على تنمية أسواق جديدة لصادراتها وتحسين أوضاع ميزانها التجاري، واستصلاح الأراضي، وتجديد وتحسين حماية التربة الزراعية، وتحسين مكوناتها، وإصلاح وتجديد الأراضي المتدهورة والمهجورة. وأضاف أنَّ من بين الإجراءات توفير استخدامات جديدة ومجدية للأراضي المستصلحة، على نحو يحول الاستصلاح إلى عملية مربحة جاذبة للاستثمار الزراعي، إضافة إلى معالجة المخلفات الزراعية للحد من التلوث وذلك بتحويلها إلى أداة فعالة في إنتاج الوقود الحيوي.
وحول مدى استعداد السلطنة لإنتاج الوقود الحيوي لاسيما من المخلفات الزراعية، قال البوسعيدي: لقد جربنا بالسلطنة عدة طرق لإنتاج الوقود الحيوي؛ منها مخلفات الزيوت، ويعتمد هذا النوع على تجميع الزيوت من كل المستهلكين، وبذور نباتات الجاتروفا، وهذا يتوقف على نموها تحت الظروف العُمانية والعطش والحرارة، والبقايا النباتية والحيوانية، وهذا يعتمد على كفاءة تجميع المخلفات وتحويلها لوقود حيوي على شكل غاز ميثان وأجواء عمان مساعدة كثيراً لإنتاج هذا النوع من الوقود الحيوي.
وأضاف أنَّ الدراسات المصغرة تشير إلى إمكانية إنتاج الوقود الحيوي في عُمان، وكلما توسعت الدراسة زاد الإنتاج، لكن رخص الوقود الأحفوري والغاز الطبيعي، يكون هو المنافس الوحيد لإنتاجه بشكل كبير، كما أنّ إنتاجه من الزراعة قد يحتاج إلى أرض وماء، لكن إنتاجه من المخلفات الزراعية هو الطريقة المثلى في عُمان، إذ إنَّ تكلفة إنتاجه من المخلفات الزراعية ضئيلة، لكن هذا يعتمد على توفر هذه المخلفات بشكل منتظم وتجاري.
غير أنَّ البوسعيدي أشار إلى مجموعة من السلبيات التي قد تنتج عن إنتاج الوقود الحيوي، رغم أن الوقود الحيوي يصنف على أنه صديق للبيئة، وقال إنَّ السلبيات تتمثل في الإفراط في استهلاك الطبيعة مثل إنتاج وقود حيوي من محاصيل تُستهلك كغذاء للإنسان، وكذلك استهلاك المياه العذبة أو قطع الأشجار. ويرى البوسعيدي أن أي مشروع ينطوي على سلبيات وإيجابيات، لكن تحقيق النجاح يتمثل في التقليل من السلبيات لضمان استدامة المشروع ونكون أصدقاء للبيئة. وأوضح أن أشحار الغاف الضارة تتواجد بأماكن متفرقة في السلطنة وليس بشكل كبير جدًا على شكل غابات للاستفادة منها، لكن يمكن أن تستغل لإنتاج الأسمدة الطبيعية والوقود الحيوي إذا نظمنا نموها وقللنا مخاطرها.
مصادر الإنتاج
وقالت الدكتورة لمياء بنت عدنان الحاج الأستاذ المساعد في قسم الأحياء في كلية العلوم بجامعة السلطان قابوس إنَّ هناك اهتماماً وجهوداً بسيطة من دول الخليج العربي وبالتحديد من معهد "مصدر" في أبوظبي وكذلك جامعة قطر، وذلك من خلال توقيع اتفاقيات مع شركات خارجية مثل شركة بوينج للطيران. وأضافت الحاج أنَّ هناك العديد من أنواع الوقود الحيوي وكل له ميزاته وخصائصه، لكن ما يوحدهم جميعاً أنّه مصدر طاقة مُتجددة ووقود نظيف، يعتمد إنتاجه في الأساس على تحويل الكتلة الحيوية إلى نوع من أنواع الوقود مثل الإيثانول أو البيوتانول الحيوي أو الديزل العضوي على سبيل المثال وليس الحصر. وتابعت أن استخدام هذه الأنواع من الطاقات المتجددة والنظيفة سيُساهم بشكل كبير في تقليل اعتمادنا على الوقود الأحفوري. ومضت قائلة إنَّ الوقود الحيوي إنتاجه أسرع بكثير من إنتاج الوقود الأحفوري الذي يحتاج إلى سنين طويلة لتكوينه، غير أن إشكاليته الحقيقية الآن تكلفة الإنتاج العالية، كما يختلف سعره بحسب نوعيته والذي يعتمد على مصدر استخلاصه سواء كان حيوانياً أو نباتياً أو ميكروبياً. لكنها أوضحت أنَّ البحث العلمي يساهم الآن في خفض تكلفة إنتاجه ونأمل زيادة البحث حتى يتم الوصول إلى تكلفة تكون منافسة لإنتاج الوقود الأحفوري.
وقالت الحاج إنَّ جامعة السلطان قابوس تضم فريقاً يتألف من عدد من الأكاديميين من كليتي العلوم والهندسة، علاولة على التمويل المقدم من مجلس البحث العلمي لإنتاج الوقود الحيوي من مصدرين؛ هما بذور النخيل وهو يندرج تحت فئة المخلفات الزراعية؛ حيث يتم تحويل واستخلاص الزيوت من بذور النخيل واستخدامه كوقود حيوي، وقد تم تطبيقه فعليا في مختبرات الجامعة. وتابعت أن هناك عينة من "البايوديزل" وتم استخلاصها من نوى التمر، وتم إرسالها إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتحليلها ولحرقها في محركات في جامعة "يو سي إل" في بريطانيا بعد أن تم التعاون معهم. وأوضحت أن هذا النوع من البحث العلمي تمخضت عنه 4 أوراق علمية إلى الآن، والكلية بصدد نشر المزيد من الأوراق العلمية خلال المرحلة المقبلة. وأكدت أنه تم بالفعل تصنيع البايوديزل من نوى التمر في مختبرات جامعة السلطان قابوس، وهي لا تزال فكرة واعدة، ينبغي تطبيقها بصورة أكبر وفي مجال أوسع.
وأوضحت الحاج أنَّ السلطنة تزخر بمصادر عديدة لإنتاج الوقود الحيوي ومنها الطحالب؛ حيث يعد مصدراً رائعاً لاستخلاص وإنتاج البايوديزل أو الميثانول، إذ إنَّ الطحالب تنمو بكل سهولة في مناخ السلطنة الحار وتحتاج إلى أشعة الشمس وأراضٍ مسطحة وصحراوية، كما إنّها لا تحتاج إلى مياه عذبة، وبذلك بالإمكان استخدام مياه البحر، وتعتبر هذه فكرة اقتصادية للغاية في إنتاج الوقود الحيوي.
وتابعت أن هناك مصدرا آخر متمثلا في أشجار الغاف، مشيرة إلى أن أحد الباحثين بكلية الزراعة يعكف على دراسة هذه الأشجار ومدى إمكانية استخدامها في إنتاج الوقود الحيوي، وهو ما يؤشر إلى وجود فرص متزايدة وواعدة بالسلطنة لإنتاج الوقود الحيوي. لكنها أوضحت أنَّ التحدي الأكبر الذي ينقص الباحثين يتمثل في الدعم المالي والعلمي لضمان تسريع وتيرة مرحلة البحث العلمي، وقطع شوط طويل لإنتاجه بكميات صناعية. وأشارت كذلك إلى أنَّ من أهم التحديات التي تواجه الباحثين تكلفة الإنتاج بأنواعها والتي لا تزال مرتفعة بسبب عمليات استخلاص الزيوت من المصادر المختلفة، كما أنها تحتاج إلى آليات وكماليات معينة. وشددت في نهاية حديثها على أن فكرة إنتاج الوقود الحيوي بالسلطنة ليست مستحيلة بل هي ممكنة جداً، لكن في المقابل نأمل أن يتطور البحث العملي لتخفيض تكلفة الإنتاج.
مزايا الوقود الحيوي
وقال الدكتور علاء محتسب أستاذ مشارك بقسم هندسة النفط والكيمياء بكلية الهندسة بجامعة السلطان قابوس إن الوقود الحيوي هو الطاقة المستمدة من الكائنات الحية سواء النباتية أو الحيوانية منها، وهو أحد أهم مصادر الطاقة المتجددة. وأضاف محتسب أن سلطنة عمان مثلها مثل البلدان الأخرى، بحاجة إلى تحديد جميع الموارد المتاحة لها في هذا المجال، ومن ثم العمل على استغلالها في سياق التنمية الوطنية المستدامة والتي تنتهجها السلطنة. وأوضح أن الحسابات تظهر أن هناك إمكانات هائلة لعُمان لتبقى مصدرا للطاقة من دون الاعتماد على النفط والغاز، فمثلا تتمتع السلطنة بمصدر للطاقة الشمسية على مدار العام، والتي يمكن استخدامها في إنتاج كميات كبيرة من الطحالب التي تعد من أهم مصادر الوقود الحيوي حاليا، وذلك بالسماح لها بالنمو في برك خارجية، مما يعد أمرًا مجديا من حيث التكلفة.
وبين أن صناعة الوقود الحيوي في السلطنة يمكن أن تخلق العديد من فرص العمل وأن تعمل على تعزيز التنويع الاقتصادي خاصة في المناطق الريفية، وذلك من خلال العمل على الاستفادة من المصادر المتوفرة في السلطنة مثل الطحالب حيث إن السلطنة تمتلك ساحلا بحريا طويلا جدا وأشعة الشمس اللازمة لذلك.
وتابع أنه يمكن أيضاً العمل على استصلاح الأراضي الزراعية واستخدامها في إنتاج المحاصيل الزراعية التي يمكن استخدامها في إنتاج الوقود الحيوي، والاستفادة من مخلفات التمر (الفلح) الذي أثبتنا أنه يمكن استخدامه في إنتاج الديزل الحيوي.
غير أنه أشار إلى أهم السلبيات مثل التوسع غير المدروس للوقود الحيوي، وهو قد يشكل خطرا كبيرا وتهديدا برفع أسعار الأغذية وسيكون المتضرر أشد سكان العالم فقرًا، الذين ينفق كثير منهم أكثر من نصف دخلهم الأسري على الغذاء، وزاد أن الطلب على الوقود الحيوي يمكن أن يمثل ضغطًا إضافيًا على قاعدة الموارد الطبيعية، بيد أن تحسن غلات المحاصيل والتوسع في المساحة المزروعة وتكثيفها، من الإجراءات التي يمكن أن تسهم في حدوث توسع كبير في إنتاج المواد الوسيطة وإلى انخفاض التكاليف. وأكد أن الابتكار التكنولوجي في تصنيع الوقود الحيوي يمكن أن يؤدي إلى انخفاض هائل في التكاليف؛ حيث قد يدخل جيل آخر من الوقود الحيوي المشتق من المواد الوسيطة السليلوزية ضمن الإنتاج التجاري، مما يساعد على خفض الطلب على المحاصيل الزراعية وانخفاض الضغط على أسعار السلع الأساسية.
وأوضح أنَّه يمكن الاستفادة من أشجار الغاف بدراسة مكوناتها العضوية، فإذا كانت تحتوي على نسبة مقبولة من الزيوت المتطايرة، فعندها يمكن تحويل هذه الزيوت إلى ديزل حيوي بطرق كيميائية معروفة ومستخدمة، أما إذا كانت نسبة الزيوت قليلة فيمكن الاستفادة منها في إنتاج الإيثانول الحيوي من خلال معالجتها بطرق بيولوجية.
استفادة المؤسسات العمانية
وقال الدكتور مهاب بن علي بن طالب الهنائي أستاذ مساعد بقسم الأحياء بكلية العلوم بجامعة السلطان قابوس إنّ هناك أنواعاً عديدة من الطاقات المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، لكن ما يميز الوقود الحيوي عن غيره من أنواع الطاقات المتجددة هو أنه يمكن تحويل الكتلة الحيوية فيه مباشرة إلى أنواع الوقود السائل، والتي تسمى "الوقود الحيوي"، وهو بديل للنفط في تلبية احتياجات سبل المواصلات المختلفة من الوقود، مشيرًا إلى أن أكثر أنواع الوقود الحيوي شيوعاً حالياً هو الإيثانول والبايوديزل.
وأكد الهنائي أن السلطنة تزخر بالإمكانات اللازمة لإنتاج الوقود الحيوي بأنواعه المختلفة سواء من المخلفات الزراعية أو المخلفات البلدية، مشيرًا إلى أنَّ جامعة السلطان قابوس إجرت عدة بحوث لإنتاج الوقود الحيوي وبالأخص البايوديزل من النفايات الزراعية مثل نواة التمر وكانت النتائج الأولية مبشرة.
وأضاف أن السلطنة تمتلك مراكز بحثية عديدة، سواء في جامعة السلطان قابوس أو خارجها، ويمكن استغلال هذه المراكز للبحث في إنتاج أنواع عديدة من الوقود الحيوي من المصادر والمخلفات المختلفة، ومن ثم يجب وضع إستراتيجية وطنية للتشجيع على التحول التدريجي إلى استخدام الوقود الحيوي في جميع القطاعات.
وحول التكلفة، قال إن وزارة الطاقة الأمريكية قامت في عام 2012 بإجراء دراسة استشرافية لمعدل سعر إنتاج الوقود الحيوي في خمسة أعوام (2012-2017)، وأظهرت الدراسة أن سعر الإنتاج سوف ينخفض بما يقارب 50% ليصل إلى 2.32$ دولار أمريكي للجالون أي ما يعادل 0.237 ريالا عمانياً للتر. وتابع أن متوسط سعر البايوديزل (B20) والإيثانول (E85) وصل إلى 2.31$ في يناير من هذا العام حسب إحصائيات وزارة الطاقة الأمريكية، ومن المتوقع أن يواصل سعر الإنتاج في الانخفاض في السنوات القادمة بسبب المبالغ الضخمة التي تنفقها دول العالم المختلفة في البحث والتطوير لتقليل كلفة الإنتاج.
وتابع الهنائي أن غالبية الوقود الحيوي المنتج حالياً يستخرج من النباتات الزراعية التي يستخدمها الإنسان في طعامه مثل الذرة والقمح وقصب السكر، مشيرًا إلى تنامي مخاوف من أن زيادة إنتاج الوقود الحيوي سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء. غير أنه أوضح أن غالبية البحوث الجارية حاليًا تركز على إنتاج الوقود الحيوي من النباتات والمحاصيل الزراعية التي لا تدخل في غذاء الإنسان، أو عبر استخدام الكائنات الحية الدقيقة التي تستطيع إنتاج الوقود الحيوي من غازي أول وثاني أكسيد الكربون. وبين أنّه لإنتاج الوقود الحيوي من الكتلة الحيوية، هناك عدة مراحل عامة يجب القيام بها. وذكر منها ضرورة تفكيك الكتلة الحيوية الصلبة إلى كتلة غازية أو سائلة، من خلال استخدام درجات حرارة عالية، وكذلك مواصلة تفكيك الكتلة الحيوية باستخدام محفزات حيوية – كالإنزيمات – أو المواد الكيميائية لتحويل الكتلة الحيوية إلى مواد أولية باستخدام درجات حرارة منخفضة.  وأوضح أنَّ الخطوة الثالثة تتمثل في استخدام المواد الأولية المنتجة من الخطوات السابقة لتحويلها إلى وقود حيوي عن طريق المخلوقات الحية الدقيقة أو التفاعلات الكيميائية المختلفة. وأوضح أن الجامعة قامت بإجراء هذه الخطوات بنجاح، وتوصلت إلى استنتاج بأنّه يمكن استخدام أشجار الغاف أو غيرها من النباتات في إنتاج الوقود الحيوي.
وشدد الهنائي على أنَّ استفادة المؤسسات العمانية سواء صغيرة أو متوسطة أو كبيرة من عمليات تدوير المخلفات الزراعية لاستخدامها في إنتاج الوقود الحيوي، سيكون له الأثر الاقتصادي الكبير في تنويع مصادر الدخل بالسلطنة. وتابع أن المصانع التي تنتج الوقود الحيوي – والتي تسمى بمعامل أو مصانع تكرير أحيائية – يمكنها أيضا إنتاج منتجات أخرى ذات أهمية اقتصادية وصناعية وطبية وتجارية مثل الأدوية واللقاحات المختلفة، أو المواد التي تستخدم كغذاء في مجال الاستزراع السمكي، وغيرها الكثير.

تعليق عبر الفيس بوك