تكريم التميُّز

حاتم الطائي
تلجُ "جائزة الرُّؤية الاقتصادية"، مساء اليوم، مرحلةً جديدةً في مَسِيْرة تكريمِ التَّميزِ ومكافأةِ الإبداعِ؛ حيث تتوِّج اليوم فرسانَ نسختها السادسة، وتكرِّمِ حزمةً من المشاريع المُتميِّزة، وكوكبةٍ من أصحابِ وروَّادِ ورائدات الأعمال المُجيدين؛ تتويجًا لمسيرة تخطت نصفَ العقدِ بعَامٍ، كانت ولا تزالُ الجائزة خلالها واحدةً من أهم مُبادراتنا النوعيَّة، التي استطاعتْ أن تؤسِّس لأركان نمطٍ جديدٍ من "إعلام المُبادرات"، يستهدفُ تسليطَ الضوء على قصصِ النجاح وتكريم روَّادها، ممن تسلَّحوا بالمُثابرة والعزيمة والعمل الجادِ، فحقَّقوا لأنفسهم نجاحات مرموقة، وسطَّروا أعمالَهم بأحرفٍ من نورٍ في سجل الإنجاز.
فمُنذ أخذنا على عاتقنا مُهمَّة وَضْع الخطوطَ العريضة لأهداف الجائزة، وحتى اليوم، وآمالنا تَتَعاظم في تأسيس أرضية قوية يُمكن من خلالها الانطلاق نحو اقتصاد مُتفاعل، تكون مُخرجاته قادرة على تحقيق أهداف التنمية، ومُواجهة التغيُّرات المُتسارعة من حولنا؛ وإيجاد منصَّات تكريم تُزْكِي روح الإبداع في نفوس أصحاب المشاريع؛ إذ لا شيء أعظم أثرًا من التكريم وإبراز نجاعة التجربة، لتحفيز آليات التفكير الإنمائي وتحقيق مزيدٍ من الإنجاز والمكتسبات، و"صناعة قدوة" تُمثل نبراسَ هُدى للسائرين الجُدد على درب العمل؛ ليتلمَّسوا خطاهم، ويواصلوا المسيرة، لتقديم "الأفضل" دائماً.
... إنَّ ما تحقَّق لـ"جائزة الرُّؤية الاقتصادية" على أرض الواقع اليوم، إنَّما هو ثمرة عملٍ جادٍّ ومُتابعةٍ مُتواصلة، مَبْعَثُها قناعة وإيمان عميقيْن بمسؤولياتنا الثلاث -الوطنية والمُجتمعية والإعلامية- للعب دَوْر فاعلٍ في مسيرة البناء، وتخطِّي المفهوم الضيق للإعلام بحصر مُهمَّته في إطار نقل الخبر وحسب، إلى صناعته والمُساهمة في التغيير الإيجابي للواقع المُعاش؛ استجابة لدواعِي التقدُّم إلى الأمام.. فكانت حصيلة ذلك جُملة مُبادرات تتجدَّد وتتنوَّع فئاتها المستهدفة؛ بما يُواكب مُتطلبات وتحدِّيات كل مرحلة؛ إسهامًا منِّا في تشكيل الوعي المُجتمعي المُستنير، القادر على التفاعل بإيجابية مع المعطَى التنموي؛ لتسهُل مهمة المشاركة الفعَّالة في رفد التنمية، بإضافات نوعية تُعزز استدامتها.
وانطلاقًا من هذه الرؤى، فقد أخذتْ اللجنة المنظِّمة للجائزة على عاتقها مُواصلة عمليات التطوير عامًا تلو العام؛ باستحداث فئات أو توسيع أخرى؛ فكانت المُحصِّلة هذا العام تنوِّعا ثريًّا غطَّى العديد من مجالات التَّميز والإبداع، لمواكبة النمو المضطرد في أعداد المُتقدمين؛ حيث بلغ عدد مشارَكات النسخة الحالية 179 مشاركًا؛ تنافستْ على فُروع الجائزة المُختلفة؛ والمُتمثلة في: جائزة الرؤية الاقتصادية لأفضل مشروع حكومي، وجائزة الرؤية الاقتصادية لأفضل استثمار وطني، وجائزة الرؤية الاقتصادية لأفضل شخصية اقتصادية، وجائزة الرؤية الاقتصادية لأفضل مشاريع القطاع الخاص، وجائزة الرؤية الاقتصادية لأفضل أداء مصرفي، وجائزة الرؤية الاقتصادية لأفضل مشاريع المسؤولية الاجتماعية، وجائزة الرؤية الاقتصادية لأفضل مشاريع الاستثمار الأجنبي (فئة مُستحدثة)، وجائزة الرؤية الاقتصادية لأفضل مشاريع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (فئة مستحدثة)، وجائزة الرؤية الاقتصادية لأفضل مشروع تسويق إلكتروني (فئة مستحدثة)، وجائزة الرؤية الاقتصادية لأفضل مشاريع المرأة الحرفية والمنزلية، إضافة للاحتفاء بالعديد من المشاريع المجيدة والشخصيات الاقتصادية التي كانت لها بصمة واضحة في ازدهار ونماء اقتصادنا الوطني والخليجي، في تطوِّر نوعيٍّ جديد، واكبه تجويد معايير الجائزة؛ بما يَضْمن إيجاد نماذج اقتصاديَّة ناجحة يستفيدُ منها الشباب لبدء مسيرتهم المهنيَّة، ولتجسير التواصل بين الأجيال، وتبادل الخبرات والتجارب.
وهي مُناسبةٌ مُواتية للتأكيد على الحاجة لمزيد من تضافر الجهود للتَّوسُع في مُبادرات التكريم والتحفيز لأبناء الجيل الحالي والأجيال اللاحقة، كنوع من الشدِّ على أياديهم، وإيقاد جذوة العزيمة والأمل في نفوسهم، سيما في هذه المرحلة التي نُواجه فيها تحدياتٍ اقتصاديةٍ جمَّة، تتطلَّب استفادة قصوى من كل الجهود التي تُبذل للتغلب عليها، واستثمار هذه الطاقات وتعزيز فرصها في مسيرة البناء والتطوير، وهو ما نتطلعُ معه لتشريعات جديدة تُقنِّن الالتزام بالمسؤوليَّة الاجتماعيَّة، وتعمل على تحفيز كافة القطاعات للقيام بهذا الدور بدافعية إيجابيَّة، تعزِّز وجود "ثقافة المُبادرة" في واقعنا؛ كتوجُّه يحتاج أن يُقنَّن، ويُقَوْلب ليُناسبَ الحاجات المُجتمعيَّة، ويتلاءم مع مُقتضيات التطوُّر.
ويبقى القول في الأخير.. إنَّ "جائزة الرُّؤية الاقتصادية"، وهي تَستعد لإضاءة شموع عامها السَّابع، بعد إعلان نتائج الفائزين بالنسخة الحالية الليلة، لتُجدِّد التزامها بمُواصلة مُحاولاتها الجادة لملامسة سَقْف مسؤوليتها الوطنية والمجتمعية، وإيجاد "بيئة موائِمة" تَضْمَن تطوير محفِّزات الإبداع والابتكار، وتفجير الطاقات الكامنة داخل الأجيال الجديدة؛ لبناء رأس مال بشري مُمكَّن، يُسهم بفاعلية في دفع عجلة التنمية إلى الأمام.. وسيظلُ رهاننا قائمًا على قدراتنا البشرية الهائلة التي تؤهل لتحقيق مستويات أفضل في مراحل الترقِّي التنموي.