حقيبة ورق

العصا والجزرة (3-4)

ريادة الأعمال وكاريزما القيادة

حمود الطوقي

في ظل الوضع الاقتصادي الذي لم يتغيَّر بعد، وظلاله مازالت تُخيم على المنظومة الاقتصادية الكبيرة منها وحتى تلك الصغيرة والمتوسطة والصورة التي بات عليها الاقتصاد العالمي منعكسًا على الاقتصادات المحلية في دول العالم، يبدو أنَّ القطاع الخاص ناله ما ناله من تلك الآثار، وما ريادة الأعمال وما يتصل بها من شركات صغيرة ومتوسطة إلا ساحة مفتوحة لذلك التأثير، وهي الأكثر عرضة للشراسة الصعبة التي يواجهها في بناء توجه مستقل في النمو التجاري عبر القطاعات التي تنتمي إليه. صندوق الرفد، وهو الجهة التي تقوم بتمويل وتفعيل الدور الاقتصادي وتبني المجازفة التي ينبغي أن يأخذ الخطوة الفعلية الأولى لرواد ورائدات الأعمال، حكى في مؤتمر عقده مؤخرًا رئيسه التنفيذي الأستاذ طارق الفارسي عن دور الصندوق وعن نجاحات وعن فشل لدى البعض، وتعثرات في بعض المشاريع، وعن إستراتيجيته الداعمة للشباب العماني الطموح وحكى عن ملامح في القيادة أمكنها أن تقفز ببعض الأفراد من ذوي المؤهلات الدراسية البسيطة، ليقودوا كيانات من المؤسسة الصغيرة والمتوسطة بعد أن استفادوا من القرض، ومِن واقع بعض الأمثلة التي أكدت قدرتها على إدارة مؤسساتها بشكل صحيح وناجح، وبعضهم أصبح يقود مهندسين، من خلال حصافته الإدارية، وليس شهادته الدراسية. ليست النجاحات التي نقصدها هنا هي التي تسجل حضورا على مستوى دورها الذاتي فقط، بل هي عنصر فعَّال في تكريس المفهوم والمثال الناجح، ولإن كانت الأمثلة القليلة بمثابة منافذ لتكون أقباس اهتداء للرواد والرائدات في مجال الأعمال، المؤتمر كشف بعض التحديات التي تعيق عجلة دورات قاطرة الرواد من بينها عدم التزام المؤسسات الحكومية بتنفيذ ١٠٪‏ من قيمة المناقصات من المفترض أن توجه للمؤسسات الصغيرة وهو أحد أهم قرارات سيح الشامخات. فنحن نظن أن تكريس القيادة في العمل ضرورة ملحة، بخاصة في قيادة الدفة في فترة الأزمات، قياسًا إلى ما صَار إليه الحال الآن.. "صندوق الرفد" "وريادة" معنيان تماماً بتأهيل رواد ورائدات الأعمال وتكريس مفهوم القيادة واقعياً من الناحية النظرية والعملية، والسبب يعود إلى كون التغير والتحول وعدم الثبات من سمات الاقتصاد، والوعي بضرورة الاستعداد والتكيف ضرورة مُلحة لرواد الأعمال، وهذا لن يتحقق من دون فهم أولي للقيادة التي ينبغي أن تأخذ مساحتها في التأثير على مجريات الحراك التجاري وتراجع الدخل والمناخات المتقلبة في ظل الأزمات.. على الرغم من كل هذا، والدور الذي تقوم به الرفد وريادة في حماية رواد ورائدات الأعمال، والثقل الحكومي الذي يُعزز من مساحة حضور ريادة الأعمال بالمال واللوجستيك على نطاقات واسعة محلياً وخليجياً وعربيًا، إلا أنَّ هناك ممارسات تسد الباب على العُمانيين والعمانيات في ريادة الأعمال، وهم التجارة المستترة، التي يقودها التجار الأجانب، ومازالت تخيم على الأوضاع وتقلص من حجم التنافسية، لتسيطر على التجارة المحلية بطرق غير نزيهة، وتسبب نخرًا عميقاً للاقتصاد، خاصة وأن المال العُماني سيذهب خارج الحدود، ولن يتم تدويره في الداخل. ما نحتاجه فعلياً هو تدريب وتأهيل رواد ورائدات الأعمال ليكونوا جميعا بمثابة أصحاب وصاحبات كاريزما قيادية لمشاريعهم الصغيرة والمتوسطة، في الرخاء والشدة، في المجازفة والمضمون، في الحاضر والمستقبل، وهذا سيشكل أرضية صلبة للتكيف مع الظروف والتماشي معها، بما يتناسب مع طبيعة التحولات والمستجدات، وبما يساعد على صناعة المستقبل الاقتصادي للسلطنة.