لماذا تغيب القيادات العمانية في القطاع الأهلي؟

عبد الله العليان

مُنذ عِدة أسابيع طرح الكاتب والباحث العُماني الأستاذ محمد رضا اللواتي، في مقاله "القيادات العُمانية والمناصب الوظيفية العليا"، قضية الوجود الكثيف للقيادات غير العُمانية في العديد من الشركات الكبرى في بلادنا، مع أنَّ الكفاءات العمانية موجودة وقادرة على ملء الفراغ في هذه المناصب.
ويقول الكاتب ما نصه:"الآن، وبعد مرور46 عاماً من النهضة المُباركة، لا بد من الاعتراف بحقيقتين لا تقبلان الشك: الأولى: وجود العُمانيين ذوي الخبرات العالية جداً والخبرات المُتراكمة في شتى الحقول في السوق العماني، والأخرى: عدم وجود مُبرر منطقي، إطلاقاً لشغل كم هائل من الأجانب مواقع يستطيع العماني أن يكون فيها". وشرح الأمر في هذا المقال، عن وجود مؤسسات كثيرة وكبيرة في السلطنة، بها مديرو عموم، وقيادات، مُمسكة بهذه المناصب، في الوقت الذي يستطيع الكادر العماني، أن يحل، ويُدير هذه المؤسسات بكفاءة عالية، وهذا تحقق في العديد المؤسسات والشركات التي تطلبت مهارات تخصصية، والغريب أننا نسمع الكثير من المؤسسات التي بيدها هذا الأمر في هذا الجانب، أن تتحرك ضمن خطة وطنية طموحة للإحلال، ولا ندري ما هو العائق الذي يجعل هذه الجهات لا تتحرك، مع أن الكفاءات الوطنية تتزايد يوماً بعد يوم؟ وهذا لاشك أنّه مُحير، في مسألة أن يحل العماني في وظائف قيادية في وطنه، ويستطيع أن يملأ الفراغ.
وقد كتبت كثيراً في هذا الأمر منذ عقدين، وبحكم بعدي عن العاصمة مسقط، وحركة النشاط في هذا القطاع الأهلي الكبير، كنت أتوقع أنَّ التعمين قد وصل مداه، كما خطط له خلال العقدين الماضيين، لكن هالني ما قرأته في مقال الكاتب محمد اللواتي، الذي كشف عن الخلل الكبير وعن غياب القيادات العُمانية في الكثير من المؤسسات في هذا القطاع الاقتصادي المهم، وكأن القوانين والنظم واللوائح، التي صيغت للإحلال، لم تحقق أهدافها المبتغاة، بعد هذه العقود الطويلة من طرح مسألة الإحلال وتطبيقها مع وجود الكفاءة والخبرة لدى الشباب العُماني المؤهل. وهذه ربما من سلبيات الرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني 2020، التي لم نجر عليها المراجعات بين الفترة والأخرى. ومع أننا نُقدر الأهداف التي طرحتها هذه الخطة في القرن المنصرم، لكن لم تحدد بشكل مرحلي منجزات هذه الخطة للأسف، بل إنَّ هذه الخطة، لم تعط الفرد العماني التأهيل المطلوب بصورة عمومية ضمن هذه الخطة، بما يجعل أهدافاً تتحقق بصورة متوازنة، وهذا ما جعلها تتعرض للنقد في السنوات الأخيرة، خاصة في مجال التوظيف! ولم تضع خطوات للإنجاز بصورة واضحة وحقيقية، ولم تعالج مسار هذه الخطة الطويلة، لمواجهة التغيرات والتحولات الاقتصادية في العالم.
لكن هذا للأسف لم يتم، وبقيت مجرد خطة جميلة من حيث الأهداف العامة، لكن لم تلامس الواقع وتحدياته، بل إنّ بعض سياساتنا الاقتصادية، لم تقترب كثيرًا من التنمية البشرية بصورة كبيرة، ولكن الآن الكفاءات موجودة، والفرص مُتاحة، فلم يكن هناك مجال لعدم الإحلال، الذي أصبح ضرورة وطنية ملحة، في ظل الظروف الحالية، ومع توقف التوظيف في القطاع الحكومي خلال السنوات الثلاثة الماضية، فلماذا لا تعطى هذه الوظائف القيادية والإدارية في القطاع الخاص للعمانيين؟ وهم أولى وأحق بهذه الوظائف، خاصة وأنّ لدينا الكثير من الكفاءات الذين يحملون شهادات عالية بمستويات مختلفة أنهوا دراستهم من سنوات، ويستطيعون أن يشغلوا هذه الوظائف.
فالكثير من الشباب أيضاً الذين تخرجوا في أواخر السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، هم الآن في مستوى الخبراء، بعد أكثر من 35 عاماً في العمل الإداري والفني، في الكثير من الهيئات العامة والخاصة، فخبراتهم جاهزة وقادرة على العمل المُتقن، وهذا حصل في الكثير من القطاعات الكبيرة التي أسندت إلى الشباب العُماني المؤهل، وأصبح الآن خبيراً وناجحاً، إداريا وفنياً، وهذا يجعل الكرة في ملعب كل المؤسسات والشركات التي تريد الكفاءات الوطنية المؤهلة.. فهل يتحقق هذا المطلب الوطني؟ رسالة إلى مجلس الوزراء، والى المجلس الأعلى للتخطيط.