السينما العمانية.. حديث ذو شجون

كيف تتغلب طموحات وأحلام السينمائيين على تحديات التمويل وتراجع الاهتمام؟

 

 

 

الرؤية- مدرين المكتومية

الحديث عن السينما العمانية ذو شجون، يبدأ بالطموحات والأحلام الكبيرة في صنع سينما عمانية تترك بصمتها في صناعة السينما بالمنطقة والعالم، خاصة وأنّ الساحة لاتخلو من مواهب أثبتت وجودها عبر تجارب جيدة، وينتهي بالتحديات التي تبدو كبيرة وأهمها الدعم المالي والمناخ المناسب.

ويبدو مهرجان مسقط السينمائي في بؤرة الاهتمام لكونه أحد أهم العوامل ذات التأثير على الحراك السينمائي بالسلطنة، وللدور المأمول منه في إثراء صناعة السينما ودعمها خاصة وهو الأول من نوعه في الخليج العربي.

في البداية حدثنا السينمائي عبدالله خميس قائلا: تعد مهرجانات السينما من الفعاليات التي ينتظرها الجمهور سنويا بشوق، لأنّها تقدم لهم أفلامًا تختلف عما يجدونه في دور العرض العادية، وتتيح لهم فرصة اللقاء بنجومهم المحبوبين من مخرجين وممثلين. إنّها جو خاص يعبق برائحة الفن، وهي بالنسبة لصناع السينما المحليين في أيّة دولة فرصة للقاء بزملائهم من صناع الأفلام من بقاع العالم المختلفة، وبالمنتجين وممثلي شركات الإنتاج السينمائي العالمية التي تمتلك برامجَ لدعم صناع الأفلام الإقليميين.

ويرصد مؤرخو السينما دور المهرجانات السينمائية في رفع ذائقة الجمهور في المدن التي تقام فيها هذه المهرجات، وإتاحتها الفرصة لصناع الأفلام القصيرة لعرض أفلامهم للجمهور، ودورها في إنعاش الحركة السينمائية إجمالا. من كل هذه المعطيات تنبع أهمية مهرجان مسقط السينمائي الذي ابتدأ بداية واعدة قبل نحو 17 عاما، وفي السنوات اللاحقة حاول أن يجد لنفسه خطا محددا يتمثل في الاهتمام بالسينما العربية وتخصيص نصيب الأسد من جوائزه لها، وكان يمكن له أن يتفرد في هذا الجانب وتكون بمثابة بصمة مميزة، لولا آلية انتقاء الأفلام التي لم تمنح فرصة متساوية لجميع المخرجين للمشاركة فيه، إذ شارك مخرجون عرب بدعوات شخصية، فيما لم تتح الفرصة لمخرجين آخرين للمشاركة لأنّه أصلا لم يتم الإعلان الرسمي عن فتح باب المنافسة كما حدث في بعض دورات المهرجان.

ويضيف عبد الله خميس: لم تكن هذه هي المشكلة الوحيدة في مسيرة مهرجان مسقط، بل كانت هناك مشاكل كثيرة منها قلة الدعم المادي، وضعف الفعاليات المصاحبة له، وشكوى المشاركين من عدم وجود برنامج أو جدول عمل بالتزامن مع تواجدهم في مسقط، فحتى سيارات نقلهم في جولات خارج الفندق الذي يقيمون فيه لم تكن متواجدة في بعض الأحيان.

بصفة عامة فإنّ مهرجان مسقط السينمائي كان متذبذبا في مستواه بين عام وآخر، ولكن الضعف كان سمة هيمنت عليه معظم الوقت. ولم يبدُ أن القائمين عليه يطورونه، بل بدا أحيانا أنه يسير عكس ذلك، ووصل الأمر إلى مقاطعة المحليين من المشتغلين بالسينما له لأنه بدا كما لو أنه مخصصًا لمجموعة صغيرة هم من يتولون أمره وكأنّهم أقاموا المهرجان لنفسهم فقط، وفي سنواته الأخيرة أصبح مهرجان مسقط السينمائي مثالا للتندر بين مهرجانات السينما في دول المنطقة، وبدا للبعض أنّه من الأفضل إيقافه على استمراريته بذلك النحو المخجل.

ويكمل خميس بالقول: ضعف مهرجان مسقط السينمائي يعود لعدة أسباب، منها؛ أنّه ينبغي أن تتبنى المهرجان جهة حكومية لديها تمويل سنوي ثابت ومخصصات مالية شهرية للعاملين على المهرجان. كما يمكن للمهرجان أن يتبع لجهة سيادية كديوان البلاط السلطاني، أو وزارة الثقافة أو السياحة، وتكون له ميزانية ثابتة، وينقل إلى (الدائرة) المعنية به موظفون مخصصون للمهرجان وأن يتعاون هؤلاء الإداريون تعاونا تاما مع الجمعية العمانية للسينما للإشراف على المهرجان من ناحية إعداد برنامج المهرجان، أمّا (الدائرة) بتلك الوزارة فتقوم بالأعمال الإدارية اللازمة لانعقاد المهرجان.

 

 

صناعة السينما

أما فايز الكندي رئيس جمعية السينما فيقول: صناعة السينما في عمان تواجه مجموعة من التحديات أهمها الموارد المالية، لأنّ صناعة الأفلام السينمائية تتطور باستمرار وتحتاج الى الكثير من المعدات والكوادر، هناك أيضاً تحدٍ يتعلق بثقافة صناعة السينما هذا الجزء المهم والذي يعتبر الرافد الأساسي للبدء بأي عمل سواء سينمائيا كان أو تلفزيونيا أو إذاعيا؛ ففقر المجتمع لهذه الثقافة تسبب في عدم تقبله لها بشكل مباشر، ربما يقول البعض إنّ هناك دُور عرض سينمائي كثيرة منتشرة، وتعرض العديد من الأفلام العالمية والعربية فأين هي المشكلة في الثقافة؟ نعم هناك العديد من الدُّور السينمائية ولكننا نتحدث عن ثقافة تحيط بصناعة هذه الأفلام، وتحكم أسباب إنتاجها، وهل للتجارة أم هي تثقيفية وتعليمية وإرشادية.

وأضاف أنّ المؤسسات الداعمة لا تُؤمِن أنّ صناعة السينما بالسلطنة سوف تعود عليها بالفائدة كما هو الحال في عرض منتج معين أو تسويق لمعرض، إذا أدركت هذه المؤسسات ما سوف تحققه من الصناعة وكيفية استغلال هذا المورد في الترويج لها سوف نجد إقبالا من الجهات الداعمة.

وأشار إلى أن مهرجان مسقط السينمائي من المهرجانات الدولية المهمة في العالم الوطن العربي وهو أول مهرجان سينمائي خليجي، إلا أنه يفتقر للدعم المادي.

ويختتم بالتأكيد على أنّ هناك الكثير من المعوقات في هذا المجال بالسلطنة تبدأ بالجزء المادي وتنتهي بالثقافة والإعلام، هناك العديد من الشباب الطموح الراغب في الانخراط بصناعة الأفلام السينمائية وهناك أيضاً محاولات بسيطة لذلك نرجو الوقوف معهم فما يقومون به حاليا مجرد هوايات بسيطة يجب الاهتمام بها وصقلها لتصبح أعمالا يمكنها المشاركة بمهرجانات دولية مختلفة.

 

الحراك السينمائي

في حين قال السيناريست هيثم سليمان:" مهرجان مسقط يحتاج إلى عمل وإعداد كبير وأيضا إلى البحث عن رعاة وداعمين، ويمكنه المساهمة في صنع حراك سينمائي حقيقي من خلال عدة نقاط، أولها التوعية والتثقيف للمجتمع والقطاعين الحكومي والخاص بأهمية السينما ودورها في مناقشة هموم المجتمع وتسليط الضوء على عمان كمجتمع إبداعي ذي تكوينات مختلفة تشكل جذبا سياحيا واقتصاديا على مختلف الأصعدة، والعمل على مد جسور التواصل مع فئة الشباب وتقوية علاقتهم بالفن السينمائي عن طريق إقامة الجهات المختصة بالسينما مثل الجمعية العمانية للسينما لمختلف الدورات والورش والملتقيات التي تصقل وتنمي المهارة، واجتذاب المشاريع السينمائية حتى المصغرة منها إلى أرض السلطنة.

ويشير إلى أنّ هناك دراسات لإقامة سوق إنتاجي على هامش مهرجان مسقط السينمائي الدولي في نسخته القادمة سوف يكون مفتوحًا لجميع المنتجين السينمائيين من مختلف دول العالم للحضور ورؤية المشاريع العمانية المطروحة على طاولة الإنتاج، والتي يمكن أن يتم إنتاجها وبالأخص مشاريع الطلبة ومشاريع صناع الأفلام الذين حصدوا جوائز عربية وإقليمية بأعمال سابقة.

تعليق عبر الفيس بوك