"مُجسّم للملك".. رسائل مُبطّنة لتكريس نمط "العربي" في هوليوود

 

الروية - محمد علي العوض

هل بإمكاننا اعتبار تصوير بعض مشاهد فيلم a hologram for the king "مجسم لأجل الملك" في أماكن خارج المملكة العربية السعودية، إيحاء مع سبق الإصرار والترصّد أنّ الجزيرة العربية عامة والسعودية خاصة لا تزال تعيش حياة بدوية معتمدة على الجمال في التنقل؛ وبالتالي تكريس الصورة النمطية -المُسبقة- عن الإنسان العربي كما اعتادت أن تقوم به السينما الأمريكية، وإن كان هذه المرة خرج قليلا عن إطار الشيخ العربي الشهواني الذي يحب النساء الأوروبيات كما في فيلم The sheik الذي خرج للسينما عام 1921 وفيلم The Son of the Sheik الذي تم إنتاجه عام 1926.

الفيلم من بطولة توم هانكس، ويحكي قصة رجل أعمال أمريكي يعاني من خسائر مادية كبيرة؛ وسعيًا لتحسين وضعه المادي ولتفادي إفلاسه بشكل كامل يسافر إلى المملكة العربية السعودية لكونها دولة مستقرة اقتصاديًا. وبعد وصوله للمملكة يقوم رجل الأعمال بتقديم أفكاره ومجموع خبراته لأحد أمراء المملكة السعودية الذي يخطط لتأسيس مدينة صناعية جديدة باستثمارات ضخمة.

خلال أحداث الفيلم يتعرض هانكس لنوبة من الهلع، وقبلها يعاني من آلام وفتور عام بسبب ورم حميد أعلى الظهر، فتقوم طبيبة سعودية أدت دورها الممثلة الأجنبية "ساريتا تشودري" بعلاجه، والتي أثار ظهورها غضبا عارما وسط مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لاسيما المغردون السعوديون حيث يرون أنّ ساريتا لا تعبر عن السعوديات؛ وكان بالإمكان الاستعانة بممثلات سعوديات أو خليجيات حتى، فالسعودية لم تعدم النساء الجميلات. وأوضحوا أنّ الفيلم يصور المملكة العربية السعودية وكأنّها صحراء جرداء يسكنها أناس بدائيون لا يعرفون قيمة الوقت؛ كما في المشاهد التي تصور التأخر في إنجاز "مدينة الملك للتجارة والصناعة".

لم يخلُ الفيلم من التلميح لتفشي داء القبلية في المجتمع السعودي، حين السائق حسان بأبناء عمومته وقبيلته خوفا من بطش آخرين بسبب علاقته بإحدى نسائهم المتزوجات، كما يلمّح في هذه النقطة لانفعال التناقض؛ فالسائق حسان الذي يجيز لنفسه إقامة علاقة مع امرأة متزوجة، يستشيط غضبا لوجود الطبيبة السعودية "ساريتا تشودري" في غرفة الأمريكي "توم هانكس" حتى لو كان الأمر من أجل التطبيب.

وتضمن الفيلم أيضًا رسائل خطيرة أبرزها تساؤل "السائق حسان" عن إمكانيّة تدخل الجيش الأمريكي في حال إثارته ثورة شعبية في السعودية.. كما حوت المشاهد الأخيرة إيحاءات ومشاهد جنسيّة يصورها كنتاج للكبت الذي يعانيه المجتمع السعودي؛ وأولى هذه الإيحاءات أسلوب الحذر الذي مارسته الطبيبة وكأنّها ترسل رسائل مبطنة بكم القيود المفروضة على المرأة السعودية، وثانيًا قبضة رجال "هيئة الأمر بالمعروف" القويّة والتي ترقب كل شيء، فضلا عن أنّ باطن المجتمع نقيض لظاهره، فالحجاب وعدم الاختلاط يحمل في بواطنه الصورة الأخرى من العملة والمتمثل في الخمر المستورد والجنس البعيد عن أعين الرقيب.

حوى الفيلم كذلك جملة من الرسائل والإيحاءات منها محاولة توظيف عدد من الرموز لخدمة الدعاية الامريكية منها السيارة الأمريكية "الشفيروليت" والتي تشي بالنزعة الاستهلاكية تجاه المنتج الأمريكي حتى وإن كانت قديم الطراز، وهناك أيضا موسيقى "الروك" الذي يحاول السائق من خلالها التقرب إلى الأمريكي؛ فتوظيف هذا النوع من الموسيقى لم يأت بالطبع من فراغ؛ فالروك متهمة بأنّها كانت سبباً في تنامي المخدرات بأمريكا، وارتباطها بجماعات عبدة الشيطان. بالإضافة لتوظيف مجسم الجمل الراقص في السيّارة، ومشاهد قطعان الجمال في الفيلم بالإضافة إلى خيمة عمل طاقم الشركة الأمريكية، وكل ذلك يخلص إلى تكريس ثلاثية "الجمل، الخيمة، الصحراء"، كإحدى الصور النمطية عن أرض العرب في هوليوود.

 

تعليق عبر الفيس بوك