رسالة إلى المسؤول (2)

سُلطان الخروصي

(1)

مرَّت علي تغريدة "تويترية" ذات يوم لرجل أعمال وطني، مفادها أنَّ ثمة مستثمرا أجنبيا وَفِد إلى البلاد وقد انهالت عليه أحلام الربح وتحقيق بِضع من خزائن قارون لأي مستثمر أجنبي "لأسباب قد يعلمها القارئ أو دون ذلك"، بدأ صديقنا -على حد تعبير المغرِّد- بإجراءات الاستثمار الماراثونية، وظل بين شد وجذب زُهاء خمسة أشهر ونيف، وذات يوم قرر أن يحمل عائلته للاستجمام إلى مدينة الخليج العالمية "دبي"، وعلى الأريكة ألقى بقايا جسده المتهالك، وبينما كان يتلذذ بالـ(Wi-Fi) المجاني ولج خِلسة إلى موقع غرفة التجارة والصناعة، ومن باب الفضول انتقى أيقونة "تواصل معنا"، فأرسل من باب التجربة طلبا بالاستثمار، ليتفاجأ بالرد الذي طلب منه تحديد موقعه والوقت المناسب ليُرسل له فريق عمل يتباحث ماهية المشروع، وخلال 72 ساعة تم إنهاء كل الإجراءات وأُعطي الضوء الأخضر!

معالي الوزير المسؤول... الاقتصاد هو لغة العالم، والعيون التي تتفجر منها أنهار الأموال والاستثمار تُبنى بقناعات شخصية ومؤسسية عبر تبسيط إجراءات الاستثمار، فلماذا تهرب رؤوس الأموال النوعية من البلاد؟!

(2)

كثُر الحديث، مُؤخرا، عن "الابتزاز الإلكتروني" ماهيته ودلالاته ومخاطر الوقوع فيه، والسؤال المطروح بقوة: لماذا نجد أن نسبة الغارقين في الماء العكر والذين يقعون فريسة لهذه الممارسة القذرة في ازدياد؟! -حسب مؤشرات وإحصائيات قسم الجريمة الإلكترونية- إذن؛ الواقع يشي بوجود مشكلة متنامية مفادها أننا لا نزال نُلقي بعقول وقلوب شبابنا في شِباك عُباد المال والجنس، والقصصُ كثيرة حول حيثيات مؤلمة لهكذا تجارب مُخيفة ومُحزنة، فلماذا لا نجد مؤسسة رسمية تُعنى بتوعية طلبة المدارس والجامعات بهذه الظاهرة والحديث عنها بكل شفافية وجرأة باتفاق مع الجهات المختصة؟ وهل يُكتفى بالأسطوانة المشروخة خلف ميكروفون الإذاعة أو شاشة التلفاز بينما الفئة المستهدفة "المُراهقين" وأغلبهم على مقاعد التعليم العام يقعون في مصيدة هؤلاء الجُبناء وهي بمثابة جريمة المُخدرات إن لم تكن أغلظ من ذلك؟

مَعَالي الوزراء (الموقَّرون)... هذه قضية وطنية تتطلب منكم التكاتف والمسؤولية، وخلق بيئة حاضنة تُعالج القضية من جذورها، وتُحصِّن المُجتمع وشبابه وفتياته من بذور الهزيمة والمُتاجرة بهم وجعلهم لقمة سائغة للمُبتذلين.

(3)

كثيرة هي دول العالم التي تعض بالنواجذ على السياحة؛ لما لها من مردود ثقيل يدر على خزينة الدولة مليارات الدولارات؛ وتأسيسا على ما سبق جاءت فكرة "صناعة السياحة" كأحد أهم أضلع الاقتصاد الإستراتيجية، فتجلت وجوه المنافسة في كثيرٍ من دول أوروبا الشرقية والغربية وأمريكا اللاتينية ودول جنوب وشمال شرقي آسيا وغيرها الكثير، وفي القطر الجنوبي الشرقي للجزيرة العربية تقع حضارة إنسانية ولوحة طبيعة بديعة وصناعة مؤسسات عصرية لكن قليل من عُشاق السياحة يُدرِكون اسمها على الخارطة الورقية؛ فكيف على الواقع؟! ولماذا لم تُصنع السياحة في البلاد حتى اللحظة ونحن نمتلك ترسانة ضخمة من مقوماتها الأساسية؟ متى سيحج العمانيون وغيرهم إلى مشارق ومغارب شمال وجنوب عُمان وشرقها وغربها وهم يتضلعون بصناعة السياحة في بلادهم أكانت طبيعية أم إنسانية أم عصرية؟!

معالي الوزير المسؤول (وأنت شخص عزيز): نحن بحاجة إلى استثمار العقول السياحية الوطنية قبل بيوت الخبرة الأجنبية، أطلقوا عنان جنون الإبداع لهؤلاء الفتية والفتيات حتى يفجروا لكم ينابيع السياحة العالمية.

(4)

"متى تخرج الدولة من أزمتها المالية"؟ سؤال طُرح كثيراً في الآونة الأخيرة وبُني على سلوكيات أرهقت المواطن والمقيم -والتي لن أستعرضها هنا- لكن بالمقابل كثيرا ما يُلح بهذا السؤال من استحق ترقيته وإعطائه تحفيز على عمله وإخلاصه وسنوات عمره التي طحنتها أوقات العمل العصيبة، متى ستُصرف ترقيات الموظفين المستحقة؟،هل من الخطأ أن يُطالب الموظف المسؤول بإجزال حقه أو إعطائه سقفاً زمنياً لأحقية ترقيته؟ فهي حق مُكتسب وليست هبة كما يحاول بعض "المُتثيقفين" تبريرها، فمستحقُّوها رابطوا وصابروا ليقفوا مع حكومتهم ووطنهم في أزمته التي عصفت بالعالم وألقت بشظاياها عليها، لكن من الضرورة بمكان أن يكون هناك سقف معين ومؤشرات تُنذر ببريق أمل، لا أن يترك الحبل على الغارب.

إلى السادة المسؤولين في هذا المجال: أجزلوا عطايا الناس فبذلك تكسبوا وُدَّهم وخير دعائهم وتُنصِفون حقوق شُرعِت لهم بالدستور والقانون والإنسانية.

حفظ الله الوطن والسُّلطان والشعب...،

وللحديث بقية.....،

[email protected]