هل هي حقا تاج الرؤوس ؟!

مدرين المكتومية

النساء اللاتي أوصى بهن الرسول الكريم مشبها إياهنّ بالقوارير كدليل على الرقة والحساسية هل حقا كما يحلو للرجال القول بأنهنّ تاج الرؤوس، ربما في عمان الوضع أفضل كثيرا من غيرها من دول المنطقة، لكن ما زالت بعض النعرات التي تهب من حين لآخر محاولة لانتقاص من حقوقها الإنسانية بل وأكد عليها نظامنا الأساسي والنطق السامي لحضرة صاحب الجلالة في أكثر من موضع.

للأسف مازال يحلو للبعض بين حين وآخر أن ينصب نفسه وليا على أمور البشر فيأخذ نصف حديث نبوي أو نصف آية قرآنية ليبرهن أنّ حق النساء في مساواة إنسانية مشكوك فيه، ومازال آخرون ينظرون للمرأة على أنها عورة كاملة ليس لها خلف جسدها روح وعقل، والبعض لم يفكر ولو قليلا بأنّ المرأة لو كانت كما يصفون لما كانوا اليوم موجودين، ولكن للأسف منذ الأزل كان التعامل مع المرأة على أنها عار يجب التخلص منه سريعا؛ إمّا بتزوجيها باكرا أو بدفنها وهي حية، وفي كثير من الحضارات كانت تقدم قربانا للآلهة التي يعبدون.

ومن المؤسف أن نظل نتوارث الأمر ونحن في القرن 21 وكأننا لم نتقدم، ونحرم ونحلل بمزاجنا، وكأنّ المرأة ليس لها الحرية والحق في اختيار حياتها والطريق الذي تريد.

المرأة من أجمل المخلوقات التي جاءت لتحتوي الجميع، ولتمتص غضب الآخرين، ولتكون القريبة البعيدة دائما، تبحث عن السكينة، الخلو بالنفس، لها تقريبا اهتمامات تحتاج من الجل أن يتفهمها، علينا أن ندرك أنّ الأنثى مخلوق ليس فقط للوم والعتاب، ولتوجيه الاتهامات، فهي ليست سلة قمامة يضع فيها أحدهم أسوأ آرائه، ويطلق عليها الأحكام التي يريد.

لا أعلم ما هي دوافع بعض الرجال لعدم تقدير المرأة ككائن بشري مماثل لهم، وربما يصدق ما يقال بأنّ أكثر امرأة تقتل الرجل وتسبب له عقدا نفسية هي تلك التي تمناها ليل نهار لكنه لم يصل إليها، وبذلك يظل في قرارة نفسه ينعتها بكل الكلمات السيئة حتى يكرهها؛ لكن لا يدرك أنه يحبها أكثر فأكثر فأكثر.

هناك جزء من هؤلاء المعقدين نفسيا من يقيّم الناس وخاصة المرأة بما ترتديه، وخاصة بما تضعه من مساحيق، وما تقوله من كلمات، وما تستند عليه من مبادئ؛ حينها ندرك حقا أننا غير منصفين في تلك الأحكام، وأنها لا تستحق أن نحكم عليها وعلى سلوكها أو حياتها في مجملها بأنّها على خطأ وأنها ليست في المسار الصحيح، بل على العكس، علينا أن نعلم جيدا أن لكل شخص حريته، وعلينا أن ندرك أنّها في النهاية "إنسان" مخلوق يجب أن يحترم ويقدر كما نرجو من الآخرين احترامنا وتقديرنا، فلو تعاملنا بإنسانية لوجدنا أن كل تلك القيود التي نكبل فيها بعضنا ليس لها داعٍ وليست موجودة من الأساس، فالدين يسر قبل أن يكون عسر، والنوايا تفوق السلوك، فلكل امرئ ما نوى، وعليه فإنّ المرأة هي الأخت والزوجة والأم والرفيقة والصديقة والزميلة فبدلآ من محاربتها، علينا أن نقف وراء نجاحاتها وأن نصنع لها ذاتها، المرأة القوية هي التي وجدت رجل يقدمها للأمام ويكون فخورا به في ظل رفض الآخرين لها.

[email protected]