التغيير.. من أين يبدأ؟!

 

مُحمَّد البلوشي

بعد سنوات طويلة من الصداقة بيني وبين لحيتي، والتي بدأت منذ أن كنت في السادسة عشرة من عمري، قرَّرت في الأسبوع الماضي أن أحلق اللحية بالكامل كنوع من التغيير، انتاب من يعرفني عن قرب نوع من الغرابة، فهناك آراء استهجنت هذا الفعل كوني "زاهي باللحية"، وهناك من ذهب إلى الدفاع عن موقفة بأن جمال الرجال في لحاهم، وفريق ثالث يضن أن التفكير في تغيير المظهر هو مشكلة في حد ذاتها، ورابع وخامس وسادس، وكلها آراء وأفكار تحركت عندما قرَّرت أن أحلق اللحية.

فكرة حلق اللحية وحجم الدهشة التي أحدثتها، جلعتني أتساءل: ماذا لو أن كلًّا منا غير روتينا واحدا في حياته الخاصة أو العامة؟ ماذا سيحدث لو غيَّرت غرفة نومك أو زاوية جلوسك؟ ماذا لو أنَّك غيَّرت مكتبك أو طوَّرت في إجراء إنهاء معاملات المراجعين؟ ماذا لو غيَّرت نظام أكلك ونشاطك اليومي.

أعتقد أنَّنا كبشر نستأنس بالتعود على فعل يومي معين ونرهب من تطوير سلوكنا، أو فعل شي جديد؛ لأنه يسبب لنا نوعا من القلق للأثر القادم منه؛ فليس لدى البعض منا ما يمنع أن يعمل في وظيفة واحدة لمدة عشرين عاما، دون أن يحدث فعلا تطويريا بداعي التعود، وليس لدى الزوج أو الزوجة مشكلة أن يأكلوا "العيش" يوميا على الغداء وهم كرَّروا فعلتهم هذه لمدة 35 سنة، دون التفكير في البدائل التي قد تكون صحية ومفيدة جدا، وليس لدى المهندس أيَّة مشكلة في تكرار تصاميم المنازل لأن المستفيد يرى أنها مطلوبة في السوق.

إنَّ تشابه الصور والأفكار والأحداث والسلوك وحتى ما نقوم به بشكل يومي أوْجَد في عقولنا جمودا؛ وبالتالي جعلنا نركن للكلاكسيكة في الأداء والتفكير، وأصبحنا نتوجس من التطوير والإبداع والابتكار. وهذا من وجهة نظري المتواضعة ما جعلنا أبعد عن تحقيق الأهداف عند حدوث الأزمات الإقتصادية أو السعي نحو تعظيم العوائد.

إذاً علينا ونحن نناشد بالتنويع الاقتصادي أن ننوع من إنتاج أفكارنا ونعمل على تطوير أدواتنا، وهذا سيأتي بتطوير طريقة عملنا لتكون أكثر فاعلية وديناميكية حتى نحقق أفضل النتائج وأثمرها.

أعتقدُ ليس من المهم الآن أنْ نُفكِّر في ردة فعل المجتمع تجاه حلق لحيتي، علينا فقط أن نهتم بأنَّ التغيير يبدأ منا نحن، وبعدها يتطوَّر إلى من عيش حولنا وإلى أعمالنا ومجتمعنا لننال منه الخير.