عشوائية كرة القدم!!

 

 

المعتصم البوسعيدي

تُعرف العشوائية بأنها "عملٌ على غير بصيرةٍ أو هدًى، وعشوائية العمل تؤدي إلى فشله"، وعلى هذا يتسق المعنى مع منطق الاشياء الغير منظمة مثل العشوائيات من المباني المقامة بلا تخطيط ولا نظام، إلا إن هُناك من يرى في العشوائية "وجه خفي لانتظام الطبيعة" كما جاء على لسان الدكتور محمد قاسم الأستاذ المُساعد بكلية الدراسات التكنولوجية بالكويت.

ويسرد الدكتور في مقاله الموضوعي على موقع قناة الجزيرة الفكرة حول العشوائية، ويستند إلى تحليلاتٍ وقوانين مثل "مُبرهنة بيل" والاختلاف الذي حصل بين "فريق آينشتاين وفريق نيلز بور"، وحتى لا أبتعد بمركبي في بحرٍ لا أُجيد الإبحار فيه ولا حتى السباحة، سأعود إلى سبب الحديث عن العشوائية والبحث فيها؛ حيث العشوائية في دوري عمانتل للمحترفين أو لنوسع الدائرة على نطاق واقعنا الكروي المحلي.

أن تجد ناديا ينافس على اللقب وقد أقال مُدربين ونحن لا زلنا في بداية مرحلة الإياب، أن ترى نادي يقدم عروض جميلة فيقيل مدربه تحت بند "نحن أدرى"، أن تجد نظام "المداورة" في دورينا على مستوى المدربين لا اللاعبين في الفريق الواحد، أن يشوب التعاقدات مع اللاعبين "الهمز واللمز" وصفقات ما أن تثور نيرانها حتى تخمد سريعًا، أن تتخذ الجماهير تصنيف "الوطنية" إثر تشجيع الأندية غير المحلية من الإعلام والرياضيين وحتى الجماهير شماعة خيبات واقعنا الكروي، أن يكون كل ذلك وأكثر، فذلك يقع بين عشوائية الوجه الخفي لانتظام كُرتنا المحلية، وهذا مُستبعد، أو عشوائية الوجه الواضح "البشع" الذي لم ولن تُجملهُ عمليات التجميل أو مساحيق تجارية زائفة، وهذا أقرب للصواب.

الدخول في عالم المُقارنات حول واقعنا الكروي يصبح سوداوي ومؤلم عندما تبدأ مُشاركاتنا الخارجية على المستوى الآسيوي والعربي وحتى الخليجي ولو بشكل نسبي خاصة بعد وصافة صحم والسيب في فتراتٍ سابقة، مع مشاهدة أندية سورية وعراقية -بحكم واقعهم الصعب- بل وهندية تنافس وبشراسة على المستوى القاري، والوضع يظل يتكرر كأسطوانة حتمية لا سبيل لتغييرها على المدى القريب في أقل تقدير، والتباهي -ربما- مع أي فوز هُنا أو هُناك بقدرتنا على صناعة الحدث "الفلته" استنادًا لمركزي نادي عُمان والنهضة في الآسيوية، وحلول فنجا رابعًا على الصعيد العربي، وبطلاً على المستوى الخليجي، أقول تباهيًا أفقدنا مصداقية واقعنا الحالي الذي إن لم يتراجع، فإنه ظل ثابتًا فيما تطور البقية ووصلوا إلى ما لم نستطيع الوصول إليه.

بالعودة للدكتور محمد قاسم؛ إذ يقول: "إنَّ الاعتقاد بأن الكون مُنتظم ودقيق ومُتناسق هو اعتقاد صحيح في المُجمل ولكنه خاطئ في التفاصيل" مُبررًا نشأة التناسق من رحم العشوائية، ومع معادلة عشوائية الطبيعة كونها من صنع الله، فإن عشوائية البشر مبنيةً على نتيجةٍ غير معلومة تتضح بالتجربة، ودورينا وأنديتنا بالتحديد عليها ان تُراجع تجاربها لا أن تُجرب من جديد، وأن تحسم أمرها لموسمٍ واحد على الأقل لا تضطر فيه لإعادة "جدولة قرارتها" ذات التكلفة الباهظة، عليها أن تُدرك إن الانتصار بالمعركة لا يعني عدم خسارة الحرب، ومتى ما كانت العشوائية حتمية في الأمور الصغيرة فإنها ستكون الوجه الخفي لنظام حقيقي يضعنا على المسار الصحيح، غير ذلك فالمعنى -في بداية المقال- وإلى ماذا يؤدي، واضحٌ للجميع!