نظريَّة الحب والاحترام (1-2)

 

 

نادية المكتوميَّة

يُؤكِّد الباحثون أنَّ العَلَاقات الزوجية الإيجابية تَرْفَع نسبة المناعة في الجسم، وتقلل خطورة التعرُّض للأزمات القلبية؛ وذلك عن طريق بقاء هرمون الضغط العصبي مُنخفضا، كما تلعب الأحاسيس الدافئة والكلمات الجميلة تأثيرا كبيرل في استمرار الحياة الزوجية باستقرار وطمأنينة.

الحبُّ من أرقى المشاعر الفطرية التي فَطَر الله عليها البشر، وتعتبر احتياجا أساسيا لكل إنسان طفلا كان أو شيخا، رجلا كان أو امرأة، ويعتبر مطلبا أساسيا في الحياة الزوجية لقوله تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة"؛ فالمودة سبب أساسي في الشعور بالسكينة والاستقرار الزواجي، المرأة تحتاج الشعور بالأمان والذي يعد الحب من مكوناته الأساسية والرجل يحتاج الاحترام من زوجته، والذي يعد التقدير مكونا أساسيا له؛ فكلما نجح الرجل في توفير الحب الكافي والشعور بالأمان لزوجته أفاضتْ عليه الزوجة بالاحترام والتقدير والرعاية، وهكذا دواليك يدوران في حلقة متبادلة من الحب والاحترام، والتي تكبر ويكبر معها الاستقرار الزواجي، فما المقصود بالأمان لدى المرأة؟ وما المقصود بالاحترام والتقدير لدى الرجل؟

الاحترام هو تقبُّل الطرف الآخر كما هو وعدم تضييع حياتنا في تغيير الطرف الآخر وفق مُتطلباتي ورغباتي، ووفق الصورة التي رسمتها له فيه ذهني، تنشأ معظم المشكلات الزوجية من محاولة أحد الطرفين تغيير ونحت الآخر كما يريد هو دون مراعاة لطبيعة شخصيته، وبأنه وُلِد وتربَّى في بيئة مختلفة عن بيئتي وثقافتي أنا، فتضيع الحياة في هذه الجدلية العقيمة، وتضعف العلاقات ويفقد الاستقرار؛ لذلك احترام المرأة لزوجها يحتم عليها تقبله كما هو، والتكيف مع طبيعة شخصيته؛ مما يشعرها بالرضا؛ وبالتالي يمنحها فرصة لتقبله وتقديره وشكره على ما يبذله في سبيل استقرار أسرتهما، وبالتأكيد الاحترام مَطْلَب أيضا لدى المرأة، غير أنه يُعدُّ للرجل مطلبا أساسيا قبل الحب والاحتياجات الأخرى؛ فالرجل مطلبه الأساسي من زوجته الاحترام والتقدير، ثم الاحترام والتقدير، ثم الاحترام والتقدير، ومتى ما وجد ذلك أفاض عليها من حبه ورعايته وتلبية احتياجاتها المختلفة، والتي يعد الأمان بشتى أنواعه مطلبها وعلى رأسها محبة زوجها لها، والأمان لدى المرأة يتمثل في عدة أنواع؛ أولها: الأمان النفسي والذي يأتي الشعور بالحب على رأس القائمة فيه؛ حيث يعد الحب المطلب الأساسي الذي تنشده المرأة من الرجل، وهكذا تتلخص نظرية الحب والاحترام بين الرجل والمرأة ليمثل حجر الزاوية الأولى لبداية علاقة زواجية سليمة مستقرة.

يُخْطِئ الكثيرُ من النساء والرجال في التعبير عن مشاعرهم للآخر بطرق لا تتناسب مع فهم الآخر للحب؛ حيث تتعامل المرأة مع الرجل على أنه يفهم مثلها كامرأة، والرجل كذلك يتعامل مع زوجته بعقلية الرجل أي كأنها تفكر بنفس عقلية الرجل؛ وبالتالي يعبر كلا الطرفين عن حبه للطرف الآخر بطريقته هو وليس بالطريقة التي يفهم بها الآخر لحل هذه الإشكالية دعونا نُوضِّح لغات الحب الخمسة بعدها نتعلم كيف نكتشف لغة الحب الأساسية التي يفضلها نصفك الآخر لتخاطبه بلغته المفضلة لديه في الحب؛ فكثيراً ما نَسْمَع المرأة تقول: "زوجي لا يحبني" أو "زوجتي لا تحبني"، وعندما نسأل الطرف الآخر: هل تحب زوجك أو زوجتك يقول بكل تأكيد؟ وذلك كله بسبب عدم التخاطب مع الطرف الآخر بلغة الحب التي يفهمها ويفضلها من شريك حياته؛ فالحب موجود بكل تأكيد لكن التعبير عنه يحتاج لوقفة.

... ولنا وقفة ثانية في هذه القضية الأسبوع المقبل بمشئية الله، دُمْتُم بحُب بجوار نصفكم الآخر.