محاضرة بالجزائر عن البعد الدلالي للمقاومة في الشعر العُماني المعاصر

الجزائر- العُمانية

اتّخذ د.سالم بن سعيد العريمي من قصائد عبد الله بن علي الخليلي أنموذجاً في دراسته محاضرة "البعد الدلالي للمقاومة في الشعر العماني المعاصر"، وذلك ضمن فعاليات النَّدوة المُرافقة لاجتماع الأمانة العامة للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب بالجزائر والتي تناولت موضوع "تجليات ثقافة المقاومة في الأدب العربي المعاصر". 

وقدّم الدكتور العريمي تعريفاً للمقاومة باعتبارها فعلاً إنسانياً في المقام الأول تُعبّر عن الاعتزاز بالأمة واستنهاض همّتها، موضّحاً كيف حاول الأدباء باستخدام جميع الأجناس الأدبية تصوير مُعظم الأبعاد الدلالية المُتّسقة مع الروح الحُرة من أجل التغنّي بالوطن وترابه، وتصوير جماله وعظمته، وتسجيل أمجاده والدفاع عن حرماته، حيث "تميّز الأدب العربي بمضامين مُختلفة، وتقنيات أدبية متباينة، وأبعاد من الدلالات التي حفظتها الحياة في صيغتها الإنسانية وأدبها المُعبّر عن تجاربها العديدة والقاسية في طريقها إلى الحرية والحياة الكريمة".

وعن الأدب العُماني وصدى الثورة فيه، أشار الدكتور العريمي إلى العديد من المحطات التي مرّ بها خلال مسيرته التاريخية التي اعتبرها مُشابهة لما يمرُّ به الوطن العربي الكبير، حيث "ظلّ يُشاركه في أزماته ويتفاعل معه في معاناته، ويتأثر بظروف مشابهة ذاق فيها نيران الاستعمار، وهيمنة الدول الغربية، وطغيان الحكام وتسلُّطهم، وضيق العيش وكبت الحُريات".

وعن تجليات المقاومة في الأدب العُماني، أكد الدكتور العريمي أنّ الإرهاصات الأولى لها تظهر في بعض النماذج الشعرية الشهيرة أهمُّها نونية أبو مسلم البهلاني، وهي قصيدة مطوّلة فاقت ثلاثمائة بيت، حرّض فيها الشاعر القبائل العُمانية على الثورة، وقد حاول كثيرٌ من الشعراء العُمانيين مجاراتها والنسج على منوالها، لكنّهم لم يُفلحوا.

ويحفل الشعر العُماني بقصائد كثيرة تحمل أنفاس المقاومة كقصيدة عبد الله الخليلي التي تحدّث فيها عن التاريخ العُماني بنفَس إيقاعي مُتدفق يحمل الكثير من الدلالات الموضوعية كحب الوطن وتسجيل الإنجاز والاحتفاء بالمقاومة والاستنهاض أحياناً.

وأشاد الدكتور العريمي ببائية هلال بن بدر البوسعيدي التي عارض بها بائية أبي تمام، يقول في مبتدئها:

"أكثرت في القول بل أكثرت في الخطبِ / أقلل فديتك واعمل يا أخا العربِ"

وأكد المحاضرُ أنّ قرائح الشعراء العُمانيين ومشاعرهم استجابت للهموم الوطنية والقومية وتفاعلت مع القضايا المُختلفة، وقد كان شعراء النصف الثاني من القرن المنصرم في تجاوب مستمر مع قضايا أمّتهم، وعلى رأس هؤلاء أبو سرور حميد بن عبد الله السمائلي وسعيد الصقلاوي وهلال العامري وسعيدة خاطر وعلي الكحالي.

وفي سياق الحديث عن قضايا فلسطين والثورات العربية ودعوات التحرُّر ورفض التدخل الأجنبي ومحاربة الغزو الخارجي بكلّ صوره، أشار الدكتور العريمي إلى الشاعر عبد الله بن علي الخليلي واعتبره نموذجاً شعرياً له مشاركات وطنية تستغرق كثيراً من المضامين الوطنية والقومية والثورية، حيث أفرد في ديوانه الكبير قسماً أسماه "القوميات"، عبّر من خلاله عن الرابطة القوية بقضايا الأمة ومشكلاتها وهمومها، وعرض المُحاضرُ العديد من النماذج الشعرية التي تناول فيها الشاعرُ الخليلي هموم أمّته وما كانت تُعانيه، وكذا الدعوات التي أطلقها لاستنهاض همم أبنائها، وعلى رأس تلك الجراح قضية فلسطين التي تبقى الجرح الغائر الذي يأبى أن يندمل.

وقال المحاضر إن الخليلي تجاوب شعرياً مع الثورة الجزائرية، وله في هذا الموضوع قصيدة مطوّلة قال فيها:

"جزائر النجدة هذي العُلا / جاءتك كالأشقر في شكله

جاءتك والأيام في غيظه / كموقد النار على جزله".

وختم الدكتور سالم بن سعيد العريمي محاضرته بالقول إنّ الشاعر منح القصيدة الثورية بُعداً وطنياً متوهّجاً، ووعياً متّسقاً مع الحالة السياسية والوطنية آنذاك، حيث كان يُؤدي وظيفة الشاعر في أن يكون الناطق باسم المبادئ الثائرة، والمبشر بالفجر الجديد.

تعليق عبر الفيس بوك