"الوثائق والمحفوظات" تصدر جزءين من سلسلة البحوث في الوثائق الوطنية

 

 

مسقط - الرؤية

أصدرت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية الجزء العاشر والجزء الحادي عشر من سلسلة البحوث والدراسات في الوثائق الوطنية والدولية الأول بعنوان (عصر النهضة العمانية في زنجبار 1832-1963) والثاني بعنوان (دروس وحكم من أخلاق العرب في الإسلام -  الجزء الثاني) وذلك انطلاقا من اهتمامها بالبحث والدراسة ورفد المكتبة المحلية والعالمية بالإصدارات التي تخدم الباحثين والدارسين وتكشف الكثير من الحقائق وتزيل الغموض.

الجدير بالذكر بأن الإصدارين سيتوفران بمعرض مسقط للكتاب، وذلك بركن الهيئة إضافة إلى عدد من الإصدارات، ذات البعد التاريخي ومجموعة من الوثائق والمخطوطات التي من شأنها أن تعزز الثقافة الوثائقية لدى الجمهور العماني. يستعين الجزء العاشر من سلسلة البحوث والدراسات في الوثائق الوطنية والدولية بدراسات الباحثين والمتخصصين والمفكرين من خلال قيام الدكتور عيسى الحاج زيدي، عميد كلية اللغة السواحلية واللغات الأجنبية بجامعة زنجبار بالاستعانة بجميع المصادر المحلية والدولية وفي مقدمتها الوثائق والصور والخرائط المتوفرة في الأرشيف بزنجبار وكذلك الوثائق والمقابلات الشخصية مع أهالي المدن والقرى المحيطة بها، وذلك حتى يتسنى للقارئ معرفة الحقائق وتحليل المواقف التاريخية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية من منظور أفريقي، وسعياً لتوطيد أواصر الود والمحبة والتلاقي الإنساني عبر العصور وإلى عصرنا الحالي. 

ومن هذا المنطلق قامت الدراسة بتغطية عدة موضوعات بصور، ووثائق وخرائط، وجداول إحصائية حيث قدم الفصل الأول "خلفية تاريخية وجغرافية عن زنجبار" والتي تعكس الازدهار الاقتصادي والسياسي الذي أدى إلى إحداث نهضة شاملة في جميع نواحي الحياة، وغطى الفصل الثاني التفاعل الاقتصادي من الجانب العماني العربي ومردوده الإيجابي على نواحي الحياة الاجتماعية، والثقافية، الحضارية، والنهضة الاجتماعية والثقافية والمعمارية والاقتصادية والسياسية التي تمتعت بها زنجبار حتى أصبحت مركزاً تجارياً عالمياً، وشمل الفصل الثالث دراسة تحليلية لطبيعة أعمال ومهن العمانيين في زنجبار، والتي عكست التحديات الصعبة التي تغلب عليها العمانيون وإنجازاتهم بالتعاون والتآخي مع إخوانهم الزنجباريين، وجاء الفصل الرابع بعنوان "العرب والعمانيون وإشكالية تمليكهم للأراضي الزراعية في زنجبار"، واختتمت الدراسة بالفصل الخامس بعنوان "العمانيون وزراعة القرنفل في زنجبار والنتائج السياسية والاستراتيجية والاقتصادية والثقافية.

وتطرق الباحث في دراسته إلى الطبيعة الجغرافية وأنواع التربة وأثر ذلك على الحياة السكانية، بما في ذلك التداخل السكاني للعمانيين مع بقية السكان المحليين، فضلاً عمّا أنتجه ذلك الامتزاج العماني والعربي الآخر مع القبائل الأفريقية الأخرى، والتي جاءت من مناطق عديدة، ليشكلوا مع العمانيين وغيرهم من العرب، المكون السكاني لسلطنة زنجبار؛ وقد سلك العمانيون مسلكاً اتسم بحسن المعاملة والأخلاق مما أكسبهم محبة بقية السكان، وهذا النهج ساعدهم على نشر الإسلام وبناء علاقات أسرية واجتماعية تمثلت في الزواج والعادات والتقاليد والمعيشة المشتركة، سواء كانوا تجاراً أو مزارعين أو في أي مهنة أخرى.

وقدم الباحث شرحًا لدور العمانيين في جلب نبات القرنفل إلى زنجبار وزراعته مما كان له المردود الاقتصادي والاجتماعي الطيب ليس فقط على العمانيين المقيمين بزنجبار، بل وأيضاً على المزارعين المحليين وكافة السكان المحليين والعمانيين وغيرهم من العرب، والمقيمين بزنجبار، مثل الهنود والشيرازيين وغيرهم، حيث عم الرخاء وتطور أسلوب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمدنية في زنجبار، عنها في المناطق والمدن أو القرى الأخرى، مما جعلها مركزا تجاريا ذو أهمية استراتيجية.

وتطرقت الدراسة أيضاً وبأسلوب توضيحي تدعمه الوثائق والصور والخرائط إلى القوانين والأعراف المتبعة في زنجبار قبل وصول العمانيين إليها، وكيف احترم العمانيون تلك القوانين والأعراف في الزراعة وتملك الأراضي وتحويلها إلى مزارع ليعملوا فيها مع إخوانهم الأفارقة، فعلى سبيل المثال، لا الحصر، سمح ملاك الأراضي العمانيون لإخوانهم الأفارقة الذين يعملون في مزارعهم ببناء مساكن خاصة لهم وتخصيص أماكن لزراعة المنتجات التي يحتاجها هؤلاء المزارعين الأفارقة على أرضهم أو تلك التي يملكها المزارعون العمانيون. وإن دلّ هذا على شيء فإنّه يدل على الترابط والتآخي وروح الود والمحبة والسلام التي أكدت الامتزاج الإنساني بين شركاء العمل والوطن ومن هذا المنطلق أكدت الدراسة المدعومة بوثائق رسمية ومعتمدة من عدة جهات، ومنها قنصليات أجنبية، بملكية تلك المزارع والأراضي للعمانيين والتي تبين خطأ مزاعم الانفصالين العنصرية والذين تغاضوا عن التاريخ والحقائق الواقعة على الأراضي والقوانين السائدة في هذا الوقت، والأعراف الأفريقية بزنجبار والتي احترفها العمانيون وغيرهم من العرب وتجاهلها الآخرون لأهداف سياسية، أو عنصرية، أو مآرب شخصية.

واستعانة الدراسة بمنهجية عرض وجهات النظر المختلفة معتمدة أيضاً على مصادر أجنبية وغربية وتحليل أسباب نجاح العمانيين وغيرهم من العرب في زراعة القرنفل، والتجارة، والأعمال المدنية في زنجبار؛ وكذلك ناقشت التحديات الطبيعية، والاقتصادية، والسياسية والاستراتيجية ومنها التنافس مع الدول الأخرى، وغيرها والتي تغلب عليها العمانيون لوضوح أهدافهم، وصلابتهم، وأمانتهم، وأخلاقهم الحميدة التي كانت عونهم لتحقيق نجاحاتهم الكثيرة وبمشاركة إخوانهم السكان المحليين بزنجبار، ولذلك فكان المردود طيب على المناطق التي أقام بها العمانيون، أو قاموا بزراعتها وتحويل الأراضي الميتة إلى مزارع منتجة، وتطويرها مقارنة بالمناطق الأخرى التي لم يتواجد فيها العمانيون وغيرهم من العرب.

أخلاق العرب في الإسلام

فيما هدف الجزء الحادي عشر بعنوان  (دروس وحكم من أخلاق العرب في الإسلام- الجزء الثاني)  إلى خدمة البحث العلمي والتعريف بالجوانب الحضارية والتاريخية لعُمان، وفي هذا الصدد رأت الهيئة إمكانية انتقاء بعض البحوث أو الموضوعات خارج المؤتمرات والندوات التي تعقدها والتي ترى من خلالها مد أفراد المجتمع بموضوعات متنوعة تحتوي على مجموعة من المبادئ والقيم لموضوعات تبرز دور الإسلام الحضاري في نشر ثقافة التسامح والمحبة بين أفراد المجتمع من خلال الدروس والموضوعات التي تلامس المعاملات بين الناس وتظهر أهمية القيم والأخلاق.

الإصدار في الجزء الثاني من تأليف الشيخ ناصر بن محمد بن راشد الزيدي؛ وكان تأليفه لهذه الموضوعات على شكل دروس قدمها في سلسلة برامج إذاعية متنوعة تبين بعضها توضيحات وشروحات تكريم الله للإنسان وأفضليته في كثير من الأمور، ودلل على ذلك في كثير من المواقف كما أبرز موضوعات حول الشباب وغيرها من الدروس جلها تتحدث عن المبادئ والقيم والتعامل والأخلاق الحسنة، وما يتوجب على الفرد في المجتمع الذي يعيش فيه ولعل هذه الدروس تفيد الأبناء في المراحل التربوية المختلفة، كما أنّها تذكر الإنسان بواجبات إنسانية قيمة.

يضم الإصدار 8 فصول حيث يتحدث الفصل الأول عن  أخلاق الرسـول صلى الله عليه وسلم، وفي الفصل الثاني تطرق إلى ومنزلة العلماء، وجاء الفصل الثالث بعنوان من مواقف الإيمان تطرق فيه إلى التعـاون بين أفراد المجتمع وتحريم الغش في الإسلام ودور الخلافة للإنسان في الأرض والنصح في البيع والشراء، والإسلام يراعي الجانب الخلقي، وغيرها من الأمور المتعلقة بالحكم والأخلاق وعنون الفصل الرابع بالأسرة والمجتمع، والفصل الخامس بالعلم والعمل به، أما الفصل السادس فهو بعنوان شؤون مختلفة، والسابع في الدين والحياة، واختتم الشيخ ناصر بن محمد بن راشد الزيدي الإصدار بالفصل الثامن والذي تناول فيه بعض المناسبات الدينية.

تعليق عبر الفيس بوك