يا من أهديتني الحب..!

مدرين المكتوميَّة

يبقى الحبُّ هو تلك الطاقة القاهرة التي تُحيل الوحش إلى حَمَل وديع، والشيطان إلى ملاك، هو تلك المشاعر التي تَجْعلنا نشعر بسلام داخلي. وكأننا نُمارِس حياةً بعيدة عن كل التقلبات المزاجية التي من شأنها تدمير صفو حياتنا.

الحبُّ هو الطفل الصغير بداخلنا الذي يسبقنا إلى حيث نفكر، يسبقنا حافي القدمين دون أن يفكر بعقله بل يترك كل شيء لقلبه، هو السعادة المطلقة والحنين المرهف، هو تلك العلاقة التي تربطنا جميعًا دون فروقات في الشكل واللون والمظهر، هو أسلوب حياة يخلق جيلًا مُحبًّا تزداد مساحات قلبه البيضاء بزيادة فهمه للحب.

الحبُّ تلك الابتسامة المرسومة على وجه الحزين، هو ثوب التغيُّر والسعادة، والعطاء اللامحدود. ولأنه يوم الحب، فسأتحدث عن نفسي وعلاقتي بالأشخاص، وليس خجلًا أن أقول عن نفسي: أحب الجميع دون استثناء، وأحب إظهار أبسط أساليب المحبة تجاههم، كالضحك والمزاح والابتسامة الدائمة، أشاركهم كل تفاصيل السعادة، وكل ما من شأنه أن يرسم الرضا على وجوههم؛ لذلك أشعر أن الجميع يمتلكون نفس المشاعر تجاههي؛ ذلك الحب الجميل والرقيق، وتلك المشاعر الرائعة التي تنم عن حُسن النوايا.

نتحدَّث عن روعة الحب ومعناه الحقيقي حين نعيش اليوم الذي يحتفل فيه الجميع بأعياد الحب مع عشاقهم، ومع من يحبون دون أية حواجز أو استثناءات، الكل يقول للآخر: "أحبك"، والآخر يرد بكل سعادة "وأنا أيضا أحبك"، ومن بين هؤلاء جميعًا أحتفل أنا بالحب مُعبِّرة عن مشاعري للجميع، بدءا من الحارس وانتهاء بمن يعيشون معي في إطار المكان والزمان، خاصة وأنَّ الجميع يأخذون مساحات شاسعة من قلبي تجعلني أشعر بأنَّ هناك ما هو جميل أعيش لأجله، وهناك أناس خُلِقوا ليحبهم الجميع.

ولكن من المُحْزِن يا أحبَّتي حين أجد انتقادات واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي تسيء هذا الفهم، وتخرج عن إطار النوايا السليمة لإطار التحليل الديني؛ فإذا كان هناك من عُشَّاق يحتفلون بيوم الحب هناك آخرون يهدون كلمات حب لكل شخص ساندهم ووقف معهم؛ كونهم يؤمنون بأنَّ الحب هو سمة الحياة، ولديهم نظرتهم العميقة لكلمة "أحبك" أحبك الكلمة البسيطة في عدد حروفها والعميقة في تأثيرها، والتي يستلذُّ سامعها بها مرارًا وتكرارًا ليشعر بأنَّ هُناك سحابة سلام تمرُّ على الجميع لتسقط عليهم زخَّات من المشاعر والأحاسيس؛ فتُنبت في دواخلهم بذور الفرح التي سيكون نتاجها ثمار البهجة والرضا.

دَعُوْنا نَرْسِم على مَلامح الأيام سعادة، ونعزز فينا وفي أبنائنا الحب الذي يفوق كل شيء، ودعوه يصبح جزءا من معاملاتنا اليومية. دعونا نبتسم لبعضنا دائما؛ فالحب هو الأمل الجميل الذي يجعلنا نعيش بسلام، والحب والأمل توأم لا ينفصل، إنْ وُجِد الحب وُجِد الأمل، وقد روي عن الإمام على بن أبى طالب قوله: "أنا رجل أعيش على الأمل، فإنْ تحقَّق أحمد الله عليه، وإنْ لم يتحقَّق فقد عشت به سعيدا".

[email protected]