دار الحنان وقصة الأمل

 

د. آسية البوعلي

عضوة مجلس إدارة الجمعية العُمانية للسرطان

 

تمَّ تدشين "دار الحنان" التابعة للجمعية العُمانية للسرطان، في 4 يناير 2011. وهي تعدُّ بمثابة المنزل الثاني للأطفال المصابين بالسرطان بعد المستشفيات الحكومية كأماكن للعلاج وبعد منازل ذويهم. أنشئت دار الحنان من أجل هدف سامٍ يتجسد أساسًا في أنه يصعب على القلب مشاهدة طفل مصاب بالسرطان ويخضع لمعاناة العلاج. ورغم أن التجربة الواقعية أثبتت أن علاج مرض السرطان بالنسبة للمواطنين بصفة عامة يكون مجانًا، فإنه في حالة الأطفال الذين يقطنون خارج العاصمة ويتلقون العلاج بالمستشفى السلطاني؛ تكون العقبة الكبرى التي تواجه أهل الطفل، هي إيجاد السكن للإقامة أثناء فترة العلاج فضلاً عن توفير نفقات الإقامة. الأمر الذي يدفع بكثير من الأسر إلى عدم الانتظام في البرنامج العلاجي المخصص لأطفالهم مما يؤدي تدريجيًا إلى رفض العلاج، وبالتالي انخفاض فرص الحياة وارتفاع احتماليات الوفاة.

ومن أجل حل مشكلة هؤلاء الأطفال الذين في حاجة مزيدة ولمرات عدة إلى العلاج، ومتابعة المستشفى السلطاني، جاهدت الجمعية العُمانية من أجل تحقيق المشروع الإنساني "دار الحنان" لدعم أسر الأطفال المصابين بالسرطان، وبصرف النظر عن جنسيتهم.

وبفضل المولى القدير الشافي، والقيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة -حفظه الله ورعاه- وبدعم الجهات الخاصة والحكومية، فضلاً عن أصحاب الأيادي البيضاء، تحقَّق الأمل وتُرجم فعليًا إلى دار الحنان؛ سكن مجاني للأطفال المصابين بالسرطان دون سن الـ17 مع أسرهم، فالدار تقوم بنقل المرضي مع أسرهم من وإلى المستشفى، وتوفر لهم ثلاث وجبات صحية، إضافة إلى مساحات تثقيفية وترفيهية، كما يبلغ عدد العاملين بها 13 شخصاً، وتستوعب الدار 255 طفلاً مع أسرهم. وتوفر الدعم النفسي والمعنوي للمرضى وأفراد عائلاتهم في أعسر أوقات حياتهم، كما تتأكد من اتباع المرضى غير المقيمين بالمستشفى لجدول العلاج بطريقة منظمة ومنتظمة؛ سواء أكان هذا العلاج إشعاعيا أم كيماويا، كما تقدم الدار الإجراءات الوقائية المتعلقة بالرعاية الصحية، وعواقب المرض للمرضى وأفراد عائلاتهم. وأخيرًا، لم أدون كلماتي من باب الدعاية للدار، فأي تحقق يعبر عن ذاته، لكن دونتها كي أقول لكم: إن دار الحنان ببوشر مفتوحة على مدار الـ24 ساعة وفي أمس الحاجة لتطوعك، سواء أكان تطوعًا ماديًا أم معنويًا، سواء أكنت فردًا أم جماعة. ابتسامة طفل مصاب بالسرطان أمامك تستحق أن تتواصل معها. على هاتف 24507770 أو على البريد الإلكتروني daralhananan@oca.om.

وهذه شهادة من شهادات أطفال دار الحنان؛ حيث يقول أحمد: أريد أن أحكي لكم قصتي التي هي قصة الأمل، كي أوضح لكم أننا جميعًا نستطيع أن نسهم للأفضل. ثم يواصل حاكيًا: إنني من نزوى، عمري 12 سنة، أحب الذهاب إلى المدرسة واللعب مع أصدقائي هوايتي كرة القدم وفريقي المفضل ريال مدريد. في يوم ما تم تشخيصي بمرض سرطان الدم، لم أستوعب حينئذ معنى كلمة السرطان، لكن صديقًا لي بالمدرسة أخبرني عن الجمعية العُمانية للسرطان، ومن ثمَّ أخبرتُ أهلي وتم التواصل مع الجمعية، حيث قام المختصون فيها بشرح طبيعة مرضي لي ولأهلي، من خلال الجمعية العُمانية للسرطان تعرفت على أسر لديهم أطفال مصابون بالمرض ذاته، مما كان له أثره الكبير في علاجي وتجاوزي آلامي الجسدية ومعاناتي النفسية.

ويقول أحمد: إنَّ الاهتمام والدعم المعنوي الذي وفرته الجمعية لي كان لهما أثرهما الواضح عليَّ، فعرفت أن التغلب على السرطان أمر ليس بالمستحيل، لذا أردت التغلب عليه عبر محاربته نفسيًا وبتلقي العلاج المناسب.

وحيث إن لم يكن لأهلي مكان يأويهم أثناء تواجدي بالمستشفى؛ فالجمعية العُمانية للسرطان قامت بتقديم يد العون والمساعدة عن طريق توفير دار الحنان كبيت ثاني لي. وهناك وجدت كل ما أحتاج إليه من لعب ورعاية وتعليم وأصدقاء جدد من مرضى السرطان، لذلك لم أشعر بالوحدة. وبعد ستة أشهر من العلاج بشرني الطبيب بأحسن خبر سمعته وهو شفائي من المرض! فلولا مساعدة الجمعية العُمانية للسرطان ودعم الأيدي الكريمة لكانت رحلة شفائي مستحيلة.

أفصح أحمد عن أن الجمعية العمانية للسرطان ودار الحنان مدتا يد العون إليه في رحلة شفائه، فأتمنى منكم جميعًا مد يد من المال إلى دار الحنان... والله المستعان.

وعلى هامش قصة الأمل، وبمناسبة انتهاء الأسبوع الأول من شهر فبراير، وهو الأسبوع المخصَّص خليجيًّا من كل عام للتوعية بمرض السرطان، فإنَّ الجمعية العُمانية للسرطان لم تتوانَ حيث افتتحت أسبوعها بالمؤتمر الصحفي الذي أقيم بمقرها، والذي صرحت من خلاله بكل ما ستقوم به خلال الأسبوع، فكان من ذلك: فرش طاولات التوعية وتقديم خدمة الفحص الذاتي على مدار اليوم، في كل من: مسقط والقرم سيتي سنتر، مسقط جراند مول، أفنيوزمول، والموج، وتعاونها مع أنشطة المستشفى السلطاني خلال هذا الأسبوع عبر فعالية عناق الدب، وكذا مشاركتها جمعيات السرطان الخليجية المشي بحديقة القرم الطبيعية ورفعها مع مثيلاتها شعار "لا تفقد الأمل أبدًا". كلمة شكر وامتنان واجبة وموجهة إلى أعضاء الجمعية ومتطوعيها، وإلى كل مجهود بُذل يعجز قلمي عن وصفه من أجل هذا الأسبوع، وبهدف التوعية ضد السرطان.