خارطة طريق.. وزارة النقل نموذجًا

 

 

 

 

حمود الطوقي

 

منذ بداية عصر النهضة المباركة، وهناك نموذج إداري في رسم منهج العلاقة بين الشعب والحاكم، جسده حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - من خلال الجولات الميدانية والزيارات السنوية التي قام بها جلالته في مختلف أشكال الجغرافيا العمانية، وكان جلالته - رعاه الله - شديد الحرص على اصطحاب أصحاب المعالي الوزراء في جولاته تلك. حتى أصبحت هذه الجولات محل تقدير وإشادة على المستوى العربي والدولي ونعتت في الصحافة بالبرلمان المفتوح.

بالنظر إلى هذا السلوك، الذي يأتي من قمة هرم السلطة في سلطنتنا الحبيبة، وبالإمعان مليّاً في تفاصيله، سنجده درسا عمليا، قوامه ضرورة الاقتراب من المواطن الذي يعد محور التنمية الأساسي  لكي يكون المسؤول واحدا منهم، سيعرف طريقة التفكير، وسينصت إلى الملاحظات، وسيعمل على تحقيق الممكن بحسب الظروف المواتية، من دون أن يعزل نفسه في مساحة علوية وأبواب مغلقة، وهذا الدرس لأصحاب المعالي الوزراء، في كل وقت وأوان، ممن يتسلمون ويتسلمن زمام العمل؛ لأنّ الجميع -  بحسب أحد مقولات جلالته حفطه الله  في أحد خطاباته السامية- : (خدم من أجل مصالح الشعب)، وهذه تفتح الشفافية، وهو السلوك المقرون بالوعي الإداري الذي ينبغي على الحكيم اتباعه.

نقول هذا في معرض حصول مبادرة - مقارنة بغيرها من السلوكيّات الإدارية للجهاز الإداري في الدولة- وهي قيام معالي الدكتور أحمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات، بحرصه على عقد لقاء سنوي جمع فيه أصحاب السعادة الوكلاء وكبار المسؤولين للحديث بشفافية أمام وسائل الإعلام المختلفة، معطيا للجميع المساحة للحديث عن الاستراتيجية العملية للوزارة في العام الجاري 2017، وفاتحا ملفات العام الفائت 2016، بما تم تنفيذه وما لم يتم ولماذا، مع عرضه أجندة العمل بجدولها الزمني للعام الجاري 2017، وهذا سلوك يعكس بادرة شديدة التميز، وتتجلى أهميّتها بشكل مهم على مستوى المواطن بصفته مشكّل الرأي العام من ناحية، وعلى وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية من ناحية ثانية،  لأنّها ستوفر بيانات دافعة إلى الغنى في الطرح، والتميز في النقاش، والدقة في نقل المعلومة والتعاطي معها، بما يصبّ في مجرى الصالح العام.

 

 

نعتقد جزمًا أنّ هذا السلوك مهم وضروري للغاية، ونأمل من مجلس الوزراء الموقر أن يجعل هذه الفكرة إلزامية لكافة مؤسسات الدولة والاجهزة الحكومية، بحيث سيسهل معها الخروج من دائرة الشائعات والتخمينات، وستصبح المعلومات سهلة وسلسة وميسرة، وسيمكن للمواطن قبل الصحفي والإعلامي من مراقبة أداء مؤسسات الجهاز الإداري في الدولة، وخاصة المؤسسات الخدمية، من خلال الأجندة ومستويات الالتزام بها، مع الشفافية في طرح الأسئلة والاستفسارات.

 

 

نحن ندرك جيدا أنّ المنصب مسؤولية وتكليف، هكذا تعلمنا من نموذج المقام السامي، ونتمسك ونؤمن بالنهج الذي جذّره واشتغل عليه وكرسّه جلالته طوال هذه الفترة، وبات من الضروري أن نرى تطبيقه على أرض الواقع من جانب المسؤولين في الدولة، لتحقيق مسار تنموي مبنيّ على العمل الجادّ لمواكبة التحولات والمستجدات.

 

 ليكن العام 2017 نقطة تحول؛ في أن نرى مبادرات من وزارات أخرى، وإن لم يكن مبادرات فليكن إلزاما، فنحن في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، والكل مدرك مسؤولياته وأدواره، لذلك ليس صعبا ولا مستحيلا جمع وسائل الإعلام والحديث بشفافية عن عام مضى وعام مقبل، وفتح قنوات الحوار مع نواقل البيانات وهي وسائل الإعلام المختلفة، لكي يدرك المواطن دور الحكومة التي تعمل من أجله.

 

 

وفق الله الجميع إلى ما فيه الخير والسؤدد..