الأموال المخصصة لإقامة مشاريع جديدة تنفق على صيانة المشاريع التي تعرضت للتخريب

العبث بالمرافق العامة.. خسائر مادية وجهود مهدرة وإفساد للمنظر العام

...
...
...
...
...

 

 

 

 

 

الكتابة على الجدران، وتخريب ألعاب الأطفال وكراسي الاستراحات وإتلاف أنظمة الري.. من أهم السلوكيات الخاطئة.

 

جهود لتوعية طلبة المدارس والمجتمع للحفاظ على الحدائق والمرافق

 

القانون يحظر الإضرار بأنظمة الري والألعاب والإنارة وقطف الزهور أو تكسير الأشجار في الحدائق والشوارع

 

 

 

 

مسقط - إبراهيم الحسني

تقوم بلدية مسقط وعبر مختلف مشاريعها وخططها بإنشاء العديد من المتنزهات العامة وملاعب الأطفال في المناطق الحيوية ووسط الأحياء السكنية، بالإضافة إلى تطوير مختلف المناطق والواجهات، والعمل على توفير ألعاب للأطفال في هذه المواقع لتكون متنفساً للزوار والعائلات، وإضفاء اللمسات الجمالية على المدينة بزراعة الأشجار والزهور والنباتات والنخيل، وبسط المساحة الخضراء بمد المسطحات وتعشيب المواقع الحيوية، والتي تكون مقصداً للتنزه والاستراحة وممارسة الأنشطة البدنية المختلفة.

ومع الأدوار التي تنفذها بلدية مسقط، والبرامج التي تسير وفق خطط حالية ومستقبلية لزيادة أعداد المتنزهات والحدائق، وتنفيذ المشاريع التطويرية والتجميلية بالمدينة لتشمل كافة ولايات محافظة مسقط، وتوفير المرافق والخدمات وتطويرها، إلا أنّ ثمّة معاناة تواجهها البلدية تتمثل في ظاهرة التخريب والعبث بالمرافق والخدمات العامة، بأشكال متفاوتة بين موقع وآخر، وبطرق متكررة ومتنوعة، رغم الجهود المبذولة للتصدي لها ومعالجتها للحد منها.

السطور التالية توضح ماهية هذه السلوكيات، وأبعادها الاقتصادية والنفسية والاجتماعية، ورؤية المختصين لها، ونظرة المجتمع لهذه السلوكيات وآثارها، وما هي الضوابط الإجرائية التي تتخذ من أجل الحد منها.

أعمال تخريبية

يقول فوزي بن سليمان الهنائي مدير عام المديرية العامة لبلدية مسقط بقريات، والمكلف بتسيير أعمال المديرية العامة للتشجير والمتنزهات ببلدية مسقط إنّ هناك أعمالاً تخريبية تكون أحياناً مقصودة ومتعمدة بفعل فاعل، كما أنّ هناك أشكالا متنوعة ومتعددة لتخريب المرافق العامة منها ما يطال دورات المياه من صنابير، وأبواب، والكتابة غير اللائقة على الأبواب، وتخريب أضواء الإنارة، والأرضيات، إضافة إلى تخريب كراسي الجلوس والمظلات في المتنزهات والاستراحات العامة، وتحطيم أو حرق ألعاب الأطفال أو نزعها من أماكنها، والكتابة على الجدران والواجهات، والعبث بالتوصيلات الكهربائية لأعمدة الإنارة العامة، وتوصيلات أنظمة الرّي، واقتلاع الزهور والنباتات وتشويهها، والقيام بقطع عذوق النخيل قبل نضج ثمارها، وتخريب الحواجز، وكذلك الأضرار التي تتكبدها المسطحات الخضراء من قيادة السيارات والدراجات النارية والهوائية، والشوي ولعب الكرة على المسطحات الخضراء، مما يؤدي إلى الإضرار بنمو هذه المسطحات والأعشاب ويشوه المنظر العام، إضافة إلى أنّ العبث بأنظمة ومحابس الري يؤدي إلى موت المزروعات، واختلال النظام الآلي للتوقيت المحدد لريها، مما ينتج عنه رش الأعشاب في أوقات غير مناسبة، وربما تؤثر على الزوار في المسطحات الخضراء وتصيبهم تلك المياه، مما يولد انطباعا سيئًا لديهم.

 

أضرار اقتصادية

وأكّد فوزي بن سليمان الهنائي أنّ جميع هذه السلوكيات التخريبية وظواهر العبث بالمرافق العامة تتسبب في أضرار اقتصادية على المال العام، حيث إنّ الأموال التي خطط لها من أجل إقامة مشاريع جديدة تخدم المدينة، تخصص للإنفاق على أعمال صيانة هذه السلوكيات التخريبية، وهذا بدوره يؤثر على الميزانية، ويبطئ تنفيذ المشاريع المخطط لها، ويعطل ويضاعف الجهود من أجل صيانة هذه المرافق.

ويشير إلى أنّ المديرية تبذل جهوداً مع طلاب المدارس من خلال إشراكهم في دورات تدريبية حول الحدائق المنزلية، ومراحل إنشاء هذه الحدائق من خلال تهيئة الأرضيات والتربة، وعمليات الأسمدة والري والتقليم، والعناية بالأشجار والمزروعات؛ وتعريفهم بأساليب تطبيقية عن المراحل التي تمر بها عمليات التشجير.

كذلك تعمل المديرية على وضع اللوحات الإرشادية، وهناك لوحات جديدة سيتم وضعها تحاكي صور الرموز بجانبها عبارات توعوية، ونأمل أن يكون تأثيرها أكبر للفئات المستهدفة.

وشدد المكلف بمهام مدير عام المديرية العامة للتشجير والمتنزهات ببلدية مسقط على أهميّة تكاتف جميع أفراد المجتمع والمؤسسات، بدءًا من المنزل والمدرسة ومؤسسات العمل للوقوف بجدية على هذه الظواهر، والتعاون المتواصل، والعمل الميداني لمعالجتها، وعلى أولياء الأمور، وجميع الزوار، ومرتادي المواقع، تقديم النصح والتوجيه لأي فئات تقوم بهذه الأعمال غير المقبولة، والإبلاغ عن ذلك من خلال مركز اتصالات مسقط (1111) لكي يتم اتخاذ الإجراءات القانونية. راجياً من الجميع اعتبار هذه المرافق العامة مرافق شخصية يمتلكها الفرد، حتى يقدر أهميتها، ويحرص على العناية بها ليتم المحافظة عليها، والاستفادة منها للأجيال الحالية والقادمة.

التوعية مستمرة

وأشارت أسمهان بنت محمد الشكيلية باحثة اجتماعية بالمديرية العامة لبلدية مسقط ببوشر إلى أنّ ظاهرة التخريب بكافة أشكالها، سواء في المرافق العامة أو المتنزهات الترفيهية أو المناظر التجميلية في محافظة مسقط، كغيرها من الظواهر غير المرغوبة التي تسعى بلدية مسقط وغيرها من الجهات الحكومية والفرق التطوعية للحد منها، ومحاولة البحث عن حلول جذرية تتلخص في إيجاد الشعور بالمسؤولية المجتمعية المشتركة بين الأفراد والجهات الخدمية، باعتبارها قيمة اجتماعية يجب المحافظة عليها.  

وأوضحت الشكيلية أنّ جهود بلدية مسقط مستمرة في مجال التوعية لمواجهة مثل هذه السلوكيات غير المرغوبة، حيث يتم تكثيف حملات التوعية لطلاب المدارس من مختلف المراحل التعليمية باعتبارها الفئة المستهدفة لرفع مستوى الوعي والمسؤولية، ولأنّها الفئة الأكثر ارتياداً للمتنزهات، كما قامت إدارة الإعلام والتوعية بإصدار العديد من المطبوعات والنشرات التوعوية واللوحات الإرشادية في شوارع محافظة مسقط تتضمن التوعية ضد مظاهر التخريب بأنواعه، والكتابة على الجدران، ونظافة شواطئنا لتظل (مسقط جميلة.. بنا ولنا جميعا).

 

ندوة ومعارض

وأضافت أسمهان الشكيلية بالقول: قامت البلدية بتنظيم ندوة خلال الأعوام الماضية حول العبث بالمرافق العامة بمشاركة عدد من المعنيين والجهات الخدمية، إضافة إلى عدد من المعارض بالتعاون مع العديد من الجهات الحكومية لتسليط الضوء على بعض الظواهر للجمهور، وكيفية الوقاية والحد منها، وما يسعدني هو تكاتف الجهات التطوعية والمبادرات الفردية، والدور الواضح الذي يقومون به في مجال الحملات التوعوية، لنكون يداً بيد لتظل عُمان ومسقط مدينة حضارية عريقة بسكانها وجمالها. كما أنّ المبادئ والقيم الإسلامية تحتم علينا أن نذكر أنفسنا ومجتمعنا بتعاليم ديننا الإسلامي والتوجيهات التربوية بإماطة الأذى عن الطريق باعتباره صدقة والتطبيق الفعلي لهذا المنهج النبوي، حيث أنّ العامل الأساسي لمواجهة أي ظاهرة غير مرغوبة هي التنشئة الأسرية والتذكير المستمر، وغرس روح المسؤولية لدى الأبناء وهم في مراحل عمرية صغيرة، يأتي بعدها تكاتف وزيادة الجهود المبذولة من خلال البرامج التوعوية التي تقدمها جميع الجهات. ولا يخفى على أحد الدور الكبير التي تبذله بلدية مسقط في تحسين وتطوير الخدمات الأساسية والتجميلية، وما نشاهده من خدمات ما وجدت إلا لخدمتنا جميعاً، فلنساهم جميعاً يداً بيداً للمحافظة على قيمة المنجزات الموجودة، وحمايتها من العبث، ولنتكاتف في نشر التوعية المجتمعية في مثل هذه السلوكيات التي لا نتمنى وجودها في مرافقنا العامة.

 

أوقات الفراغ

ومن جانبه يذكر مهند بن حمود الراشدي أنه قبل عدة سنوات كان يقوم هو وبعض من زملائه بممارسة بعضاً من هذه السلوكيات؛ كالعبث بألعاب الأطفال وأعمدة الإنارة، ولكن عندما يتذكر تلك المواقف الماضية يشعر بحجم الأضرار التي تسبب فيها ذلك، ومنها تشويه المنظر العام، وهو اليوم يحرص على التعاون والمشاركة في معالجة هذه السلوكيات، والتطوع في حملات النظافة العامة، والقيام بأنشطة التوعية والإرشاد مع زملائه.

ويأمل ساجد البلوشي أن يتم استثمار أوقات فراغ الشباب في الأندية الرياضية والثقافية لممارسة الأنشطة والهوايات، بما يعود بالنفع على الفرد ومجتمعه.

القيم والعادات

وبدورها قالت بشائر بنت محمد اللواتية، أنّ هذه السلوكيات تنتشر أحياناً في المتنزهات والمواقع التي تكون بعيدة نوعاً ما عن الأحياء السكنية المأهولة، وفي أوقات عدم وجود زوار، وربما يعود ذلك لأسباب أهمها أوقات الفراغ وعدم استغلالها بالشكل المناسب، وكذلك ربما لتأثير القرناء والأصدقاء في ممارسة هذه السلوكيات التي تضر المجتمع والبيئة.

وأضافت اللواتية: ينبغي على أولياء الأمور الحرص التام على متابعة أبنائهم وإرشادهم في التعامل مع المرافق والخدمات وكافة المواقع التي وجدت لخدمة الجميع، كذلك يفضل إصدار نشرات توعية للحد من هذه السلوكيات، ومقاطع مصورة تكون هادفة تبث وتنشر عبر وسائل الإعلام المختلفة.

بينما ينبه صالح بن حمود الهنائي، وهو معلم للقرآن الكريم لأكثر من 30 عاماً الى أهمية متابعة الشباب والأطفال، وحرص الوالدين على تتبع أصدقاء أبنائهم؛ لأنّهم عنصر مؤثر في حياتهم وسلوكياتهم، كما ينبغي غرس القيم النبيلة والمبادئ في نفوس الأطفال، وعدم تركهم طليقي العنان، مما يوقعهم في مواقف غير محمودة.

ويضيف الهنائي: تربية الأطفال في الوقت الحاضر تختلف عن الماضي، فحالياً كثرة تنقل العائلات، والمعيشة وسط بيئات وأجناس وثقافات مختلفة، تتطلب الاعتماد على أساليب خاصة في التربية وتهذيب الأطفال.

الإعلام والبرامج

وقال راشد بن سليمان السابعي مخرج تلفزيوني: يجب على الإعلام ممارسة دوره من أجل الحد من هذه الظاهرة، وذلك من خلال البرامج التوعوية الهادفة، والفواصل الإذاعية والتلفزيونية التي تتناول السلوكيات الحسنة في التعامل مع المرافق العامة، والخدمات التي يتم توفيرها من أجل راحة وخدمة قاطني المدن، ومن خلال البرنامج التلفزيوني "علم ومرح" خصصنا فقرة عبارة عن حوار يقوم به طالبان يركز على أهمية العناية بالمرافق العامة، وكيفية استخدم ألعاب الأطفال بالطرق الصحيحة.

وأضاف: أتطرق في أغلب برامجي المسجلة إلى الأسلوب التوعوي "غير المباشر"، والذي يبرز نظافة المدينة من خلال الصور والمشاهد المتنوعة التي تدلل على مكانة المنجزات الوطنية وجماليات المكان.

وأكد السابعي على ضرورة تكثيف الرسائل التوعوية عبر وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها الأكثر والأسهل انتشاراً ومتابعة من قبل فئات المجتمع، وأن يكون الطرح جاداً ويحتوي على مضامين وأبعاد تصل إلى المتلقي بصورة مركزة ومختصرة ومفيدة. وأضاف علينا جميعاً أن نتوج محبتنا لوطننا بأفعالنا، ومن هذه الأفعال المحافظة على المرافق العامة المنتشرة في مختلف المواقع كالمتنزهات والشواطئ والشوارع، فهذه المرافق وجدت لخدمتنا، ويجب أن نكون متعاونين للحفاظ عليها لنا وللأجيال القادمة.

الإجراءات القانونية

وفي السياق القانوني للموضوع، فقد نصت المادة (7) من قانون بلدية مسقط الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 38/2015 على أن تختص بلدية مسقط في الفقرة (16) "بإنشاء وإدارة وصيانة الطرق والمتنزهات والميادين العامة والمظلات العامة ودورات المياه العامة وملاعب الأطفال"، والفقرة (21) على "اتخاذ التدابير اللازمة لمنع التعدي على أملاك الدولة العامة والخاصة واتخاذ الإجراءات اللازمة لإزالة التعدي". ونص الأمر المحلي رقم 32/97 بشأن حماية المرافق العامة التابعة لبلدية مسقط في المادة (2) على أنّه: يحظر على أي شخص القيام بأي فعل من شأنه الإضرار بمرافق البلدية وما بها من تجهيزات ومستلزمات، سواء بالعبث أو التكسير أو التخريب وغير ذلك، ويحظر على الأخص التعرّض لما يأتي: أنظمة الري وتوصيلات المياه، ومستلزمات دورات المياه وتوصيلاتها، وعدادات الكهرباء والمياه والهواتف، والكراسي والمظلات والألعاب والإنارة وتجهيزاتها الموجودة في الحدائق والمنتزهات والساحات والميادين العامة والشوارع، ولوحات العناوين واللوحات الإرشادية، وأية تجهيزات أخرى تخصّ مرافق البلدية.

كما نصّت المادة (3) من الأمر المحلي ذاته: مع عدم الإخلال بأحكام المادة السابقة، يحظر على أي شخص– ماعدا الأشخاص المصرح لهم- القيام بأي من الأفعال التالية في مرافق البلدية: قطف أو قلع الزهور أو تسلق الأشجار وقصّ أغصانها أو تكسيرها سواء كان ذلك في الحدائق أو المتنزهات والشوارع العامة، والمشي على المسطحات الخضراء المبتلة أو القيام بأي نشاط أو عمل يؤدي إلى الإضرار بالمزروعات، وإيقاد النار تحت الأشجار أو في أي مكان معد للتنزه على نحو يؤدي إلى تشويه المكان أو الإضرار به أو مضايقة الجمهور، والاغتسال أو السباحة في النافورات أو البحيرات العامة، ودخول غرفة المضخات أو العبث بها، والكتابة أو الرسم على الأسوار والأبواب والجدران والتجهيزات الخاصة بالمباني التابعة لمرافق البلدية، وقيادة الدراجات أو السيارات في الحدائق أو المنتزهات أو على الشواطئ العامة.

كما أوضحت المادة رقم (4) بأنّه: يحظر على من يرتاد الحدائق والمتنزهات العامة أو الملاعب القيام بأي فعل يسبب إزعاجاً لباقي الرواد، مثل رفع صوت المذياع أو الأجهزة الموسيقية، كما يحظر عليه أيضا القيام بأي تصرّف يخدش الحياء أو يتنافى مع النظام أو التذوق العام.

وأوردت المادة رقم (5) إجراءً بأنه: يحظر على أي شخص أن يترك الأطفال دون سن الثانية عشرة التابعين له دون رقابة أثناء تواجدهم في الحدائق أو المتنزهات العامة أو الملاعب. وتلتها المادة رقم (6) بأنه: يحظر على أي شخص اصطحاب الحيوانات إلى الحدائق والميادين والمنتزهات العامة. كما حددت المادة (9) بأن: للبلدية تحديد ساعات زيارة الحدائق والمتنزهات العامة وتحديد الأيام والأوقات التي يسمح فيها بالزيارة لفئة أو فئات معينة من الرواد بما يتفق والصالح العام أو كلما اقتصت الضرورة ذلك، وللبلدية أيضا إصدار التعليمات التنظيمية الداخلية لتلك الأماكن، على أن تكتب تلك التعليمات على لوحات توضع في أماكن ظاهرة.

 

 

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك