البيانات الرسمية و(الفئات المستحقة)

مسعود الحمداني

(1)

ترفع وزارة النَّفط والغاز تسعيرة الوقود شهرًا بعد شهر، والجميع ينظر إليها بعين الرضا، إلى أن يصل السعر إلى المُعدَّل المراد له، فيضج النَّاس، وترتفع أصواتهم للمُطالبة بكبح جماح الأسعار، فيتدخل مجلس الوزراء ببيان يُثبّت فيه سعر الوقود (91) عند آخر تسعيرة، لشهر فبراير، إلى حين وضع آلية لدعم (الفئات المُستحقة المتأثرة) من رفع الأسعار.

وهذا يفترض أن هناك فئات غير متأثرة برفع الأسعار، ولذلك يُمكن أن يُترك الحبل على الغارب لوزارة النفط لزيادة سعر وقود (95) إلى أن يصل إلى السعر المطلوب..ثم بعد ذلك لكل حادثٍ حديث.

(2)

بيانات مجلس الوزراء عادة تشبه (النصوص المفتوحة) التي يُمكن للشارع تأويلها بعدة تفسيرات، ولعلَّ مرد ذلك إلى أنَّ المجلس الموقر يضع الخطوط العامة، ويترك التفاصيل للبيان القادم، فمصطلحات مثل (فئات مُستحقة) ما تزال محل نقاش بين النَّاس: هل هم فئة الضمان الاجتماعي؟..أم فئة ذوي الدخل المحدود؟..أم هم من يقل راتبهم عن سقف مُعين؟..أم من هم بالضبط؟...

وعبارة مثل (فئات المواطنين المتأثرين)..هل يعني ذلك أنَّ هناك فئات لم تتأثر بارتفاع الأسعار؟..

على كل حال..سيُبدي لنا البيان القادم ما كان خافيًا..

(3)

يخرج مجلس الشورى بعد ذلك ببيان (يثنّي) فيه على قرار مجلس الوزراء، و(يوصي) بعدة توصيات في ظل غياب ملحوظ عن الجلسة لأكثر من ثلث أعضائه، علّلها المجلس بأسباب مُقابلات رسمية للأعضاء مع عددٍ من الوزراء، أو تواجدهم خارج السلطنة!!..

عموماً..جاءت التوصيات في مجملها منصبّة في خانة تثبيت أسعار وقود (91) إلى أن يتم وضع آلية لدعم (الفئات المستحقة)، وتثبيت أسعار بقية أنواع الوقود على ما هي عليه حتى حين.

 كما أوصى المجلس بسحب بطاقات الوقود المجانية من جميع المسؤولين الحكوميين، وهو أمر مدهش أظهره هذا البيان، إذ إنَّ المجلس اكتشف أخيرًا أن (التقشف) الحكومي و(شد الأحزمة) لم يطل وقود المسؤولين حتى الآن!!.

(3)

أتساءل: كم عدد (الفئات المستحقة) التي تستخدم سيارات يتم تعبئتها بوقود (91)؟..وما هو وجه الدعم الذي سيتم تخصيصه لفئة معينة دون غيرها؟..وكم سيُكلف الحكومة هذا الدعم المحدود جداً؟

إلا إذا كان الهدف من ذلك هو (تعديل السلوك الاستهلاكي) للمواطن العُماني بشكل عام بالتوجه لهذا النوع من الوقود نظراً لسعره الأرخص نسبياً من سعر وقود (95)..وبالتالي تتوجه أنماط الاستهلاك العام لهذه النوعية..كل شيء جائز..

 (4)

(الفئات المستحقة) هو الآخر مصطلح هلامي، وهو يعني في المقابل أنَّ هناك (فئات غير مستحقة) لا تستحق النظر إليها، أو الالتفات لها، لأنّها فئة مرفهة، غير قابلة للكسر، لا قروض تثقل كاهلها، ولا التزامات تُرهقها، وهي تعيش في بحبوحة من النعيم، ولذلك لا أحد يهتم لأمرها..إلى أن تتحوّل إلى (فئات مستحقة).

(5)

أعتقد بأنَّ النظام الأساسي للدولة يُساوي (المواطنين في الحقوق والواجبات)، وليس من العدل تقسيمهم إلى فئات، أو التمييز بينهم، نعم هناك فئات تقوم الدولة برعايتهم، وهم فئات (الضمان الاجتماعي)، وهؤلاء يلقون الدعم في كل المجالات حتى في المقاعد الدراسية لما بعد التعليم العام، وهم يستحقونه، ولكن ليس في هذا المقام، أعني بأنَّ أسعار الوقود يجب أن يتساوى فيها الجميع، لأنَّ الجميع (متورط) فيها..

(6)

وقود (91) = وقود عادي

وقود (95) = وقود ممتاز

ما الذي تغيّر في الوقود غير مسمّاه؟!!..

فهل حقق تغيير المسميات شيئًا على المستوى المعيشي للأفراد غير زيادة الأعباء، وصولاً إلى تقسيم المواطنين إلى فئتين: مستحقة وغير مستحقة؟!!..

وقد تظهر بعد فترة فئة ثالثة لا تعريف لها..هي ما بين هؤلاء وأولئك!!.

مسعود الحمداني

Samawat2004@live.com