السجن حتى 5 سنوات وغرامة تصل إلى 5 آلاف ريال لقتل أو صيد الحيوانات والطيور

الادعاء العام: 47 قضية مخالفة لقانون الصيد البري من 2012 إلى 2016

مسقط - الرُّؤية

قال سَيْف بن ساعد الزيدي مدير إدارة الادعاء العام بولاية عبري: إنَّ عددَ قضايا مُخالفة قانون الصيد البري بالسلطنة بلغ 47 قضية من 2012 إلى 2016 الماضي، من إجمالي 192 ألفا و812 مجموع القضايا خلال تلك الفترة، وجاءتْ مُحافظة جنوب الشرقية في المقدِّمة بعدد 13 قضية تم ضبطها، تليها محافظة مسقط، ثم الوسطى.

وأشار إلى أنَّ الصيدَ البريَّ يُعدُّ من أكبر المشكلات التي تسبِّب اختلال التوازن البيئي، وقد كان قديماً أحد الأنشطة التي استخدمها الإنسان من أجل توفير الملبس والمال؛ حيث كان يستخدم الفرو من صيد بعض أنواع الحيوانات، وكان سبب الصيد في أحيان أخرى هو الحصول على الطعام؛ مثل: صيد الطيور على اختلاف أنواعها. وفي الآونة الأخيرة، أصْبَح الصيدُ يُمارَس على سبيل الرياضة أو الترفيه، ولقد تمَّ تجريم الصيد قانونيًّا؛ لبعض أنواع الأحياء من أجل الحفاظ عليها من الانقراض، فالحياة بنيت على التوازن؛ فإذا اختل هذا التوازن الحيوي كانت النتيجة اختلال نظام الكون؛ لذا لا بد من أن يحرص الإنسان على حفظ هذا التوازن البيئي.

وأضاف الزيدي: أدَّى صَيْد الحيوانات والطيور البرية إلى انقراض أنواع متعددة منها، واختفائها من مشهد الحياة البرية، وهناك أنواع منها على أعتاب الانقراض، ومن أهم التهديدات التي تواجه الحياة البرية هي خسارة الموطن؛ إذْ لم يتبقَّ إلا مناطق قليلة لمواطن الحياة البرية الطبيعية، إضافة إلى أنَّ الموطن المتبقي يكون غالباً متدهوراً، ولا يمكن أن يعطي بيئة مشابهة للمناطق البرية التي كانت موجودة في الماضي، وكذلك تغيُّر المناخ نظراً لأن العديد من أنواع النباتات والحيوانات لديها متطلبات محددة في الموطن؛ فيمكن أن يتسبَّب تغيُّر المناخ في فقدان أنواع من الحيوانات البرية.

وتابع بأنَّ من أهداف حماية الحياة البرية: ضمان أن تكون الطبيعة موجودة للأجيال القادمة للاستمتاع بالحياة والأراضي البرية، وكذلك إدراك مدى أهميتها بالنسبة للبشر. مضيفًا: إنَّ هناك العديد من المؤسسات الحكومية المعنية بحماية الحياة البرية، والتي تساعد على تنفيذ السياسات الرامية لتحقيق ذلك الهدف، وقد أصبحتْ هذه الحماية بسبب الآثار السلبية لتصرف الإنسان من أهم القضايا التي يجب التطرق إليها، كما حَظِي هذا الأمر باهتمام كبير من الفقهاء ورجال القانون، ولدراسة مسؤولية الأفراد عن الجرائم البيئية، فإنَّ ذلك يتطلب منا دراسة جرائم البيئة من الناحية القانونية،وذلك بتحديد مفهوم الجريمة البيئية بشكل عام وتحديد أركانها من ركن مادي وركن معنوي. وقد عرف الفقه الجريمة البيئية بقوله: إنَّه خرق لالتزام قانوني بحماية البيئة، وبهذا تشكل اعتداء غير مشروع على البيئة بمخالفة القواعد النظامية التي تحظر ذلك الاعتداء وبيان العقوبات المقررة لها"، وفي السلطنة صدر قانون حماية البيئة ومكافحة التلوث في 14نوفمبر 2001، بموجب المرسوم السلطاني رقم 114/2001. حيث عرف البيئة على أنها "الإطار الذي يعيش فيه الإنسان ويشمل الكائنات الحية من إنسان وحيوان ونبات،وما يحيط به من هواء وماء وتربة،ومن مواد صلبة أو سائلة أو غازية أو إشعاعات،وما يقيمه الإنسان من منشآت ثابتة أو غير ثابتة". وعرَّف الحياة الفطرية بأنها "جميع أنواع الكائنات الحية من نباتات وحيوانات وبكتيريا وفطريات وغيرها في موطنها الأصلية أو خارجها"،ونصت المادة (33) منه على أنه "يعاقب كل من تسبب في إفساد مناطق صون الطبيعة أو الحياة الفطرية سواء كان ذلك بالقطع أو الصيد أو القتل أو بأية صورة أخرى بالعقوبات الآتية:

1- السجن مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد على 5 سنوات، وبغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني، ولا تزيد على 5 آلاف، أو بإحدى هاتين العقوبتين في حال قتل أو صيد الحيوانات أو الطيور من الفئة الأولى.

2- السجن مدة لا تزيد على 3 أشهر، وبغرامة لا تقل عن مائة ريال عماني ولا تزيد على ألف ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين في حال قتل أو صيد الحيوانات أو الطيور من الفئة الثانية.

3- السجن مدة لا تزيد على شهر، وبغرامة لا تقل عن عشرة ريالات عمانية ولا تزيد على 500 ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين في قطع الأشجار أو صيد الحيوانات أو الطيور التي لم يرد ذكرها في البندين (أ)، (ب) المشار إليهما. وللوزير أن يصدر قراراً بتعديل أو إضافة فئات الحيوانات والطيور المشار إليها.

وفي الأحوال جميعها، يجب مصادرة الطيور أو الحيوانات المضبوطة، وكذلك الآلات التي استخدمت في المخالفة، وللوزير الأمر باستخدام المضبوطات والتصرف فيها بأي وسيلة يراها مناسبة. وتطبيق العقوبات السابقة ولو وقعت الجريمة على الحيوانات والطيور بعد إطلاقها أو خروجها من نطاق المحمية الطبيعية.

وأكمل بالقول بأنَّ قانون المحميات الطبيعية وصون الأحياء الفطرية الذي صدر في يناير 2003 أوضح ما يقصد بالمحمية الطبيعية وحظر القيام بأعمال من شأنها تدهور البيئة الطبيعية، أو الإضرار بالحياة البرية أو البحرية،وإتلاف النباتات الكائنة بمنطقة المحمية وغيرها. حيث نصت المادة 15 منه على أنه مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون الجزاء العماني أو أي قانون آخر يعاقب. وكل من قام عمداً بقتل أو صيد أو تهريب أي من الحيوانات أو الطيور المبينة بالملحق رقم 1 المرافق أو أي مواد جينية منها بالسجن مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني ولا تزيد على 5 ألاف ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وكذلك "كل من قام عمداً بقتل أو صيد أو تهريب أي من الحيوانات أو الطيور المبينة بالمحلق رقم (2) المرافق أو أي مواد جينية منها بالسجن مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر، وبغرامة لا تقل عن مائة ريال عماني ولا تزيد على ألف ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين". و"كل من قام عمداً بقطع أو إتلاف أي نباتات محمية أو قتل أو صيد أو تهريب أي من الحيوانات أو الطيور المحمية فيما لم يرد ذكره في الملحقين رقمي(1) و(2) المرافقين بغرامة لا تقل عن عشرة ريالات عمانية ولا تزيد على 500 ريال عماني". ونصت المادة (17) منه على أنه في الحالات جميعها المخالفة يتم مصادرة الحيوانات أو الطيور أو النباتات أو المواد الجينية التي تم ضبطها، وكذلك الآلات والأدوات والأجهزة ووسائل النقل التي استخدمت في ارتكاب المخالفة، ويجوز للوزارة استخدام المضبوطات والتصرف فيها، وفقاً لما تحدِّده اللائحة التنفيذية والجريمة البيئية، إنَّ الجريمة البيئية كغيرها من الجرائم تتكون من الركن الشرعي والركن المادي والمعنوي. فالشرعية الجزائية تقتضي وجوب وجود نص قانوني سابق لفعل الاعتداء. وفي هذا إقرار لأهم مبادئ القانون الجزائي ألا وهو مبدأ شرعية الجريمة والعقوبة، والذي يقتضي أن يكون النص الجزائي المجرم للاعتداء على البيئة مبيناً بصورة واضحة ودقيقة، حتى يسهل عمل القاضي الجزائي.

وأوضح: الركن المادي هو المظهر الخارجي لأي جريمة، وهو عبارة عن سلوك إرادي يقوم به الشخص رغم حظره من طرف القانون، أو يمتنع عن القيام به رغم إلزامه من طرف القانون؛ نتيجة ذلك الفعل سواءً كان سلبياً أو إيجابياً يحدث تغييراً مضراً بالبيئة، إضافة إلى وجود علاقة السببية بين الفعل المحظور قانوناً والنتيجة التي أدت إلى الإضرار بالبيئة. والركن المعنوي، يعنى القصد الجنائي، أي اتجاه النية (نية الشخص) إلى الإضرار بالبيئة، وبالاطلاع على النصوص البيئية نجد أن غالبيتها يخلو من الركن المعنوي، مما يجعل أغلب الجرائم البيئية هي جرائم مادية تستخلص المحاكم الركن المعنوي فيها من السلوك المادي نفسه، ويكتفي الادعاء العام بإثبات الركن الشرعي والمادي للجريمة، ليترتب عليها قيام المسؤولية.

وأشار مدير إدارة الادعاء العام بولاية عبري إلى المادة 29 من قانون الجزاء، والتي حددت الوصف القانوني للجريمة بحسب ما تفرضه بشأنها النصوص القانونية من عقوبة. وعليه، تنقسم الجرائم تبعاً لتقسيم العقوبات إلى ثلاثة أنواع؛ وهي:

1- "الجناية"، وتوصف عقوبتها بالإرهابية.

2- "الجنحة"، وتوصف عقوبتها بالتأديبية.

3- "المخالفة"، وتوصف عقوبتها بالتكديرية.

وبالرجوع إلى نص المادة 33 من قانون البيئة ومكافحة التلوث، والمادة 15من قانون المحميات الطبيعية (الملحق رقم 1) نجد أنها جميعها تندرج تحت وصف الجناية؛ حيث ينظر في تحديد الوصف القانوني للجريمة وفقاً للمادة 29 من قانون الجزاء إلى الحد الأعلى لعقوبة السجن المنصوص عليها قانونيًّا. وعليه، فإنَّ صيد أي من الحيوانات البرية المقصودة يعد جناية تصل عقوبة السجن فيها إلى خمس سنوات. وطالما انطبق وصف الجناية على جريمة الصيد البري، فإنَّ القانون يعاقب على الشروع في ارتكابها استناداً لنص المادة 86 من قانون الجزاء التي نصت على أنه "كل محاولة لارتكاب جناية تعتبر كالجناية نفسها إذا لم يحل دون إتمامها سوى ظروف خارجة عن إرادة الفاعل".

واقترح سيف بن ساعد الزيدي عدداً من الحلول والتدابير التي يمكن اتخاذها للحد من ظاهرة الصيد البري؛ ومنها: نشر التوعية البيئية بين المواطنين والمقيمين والزائرين من أجل توسيع دائرة الثقافة والوعي بالمضامين البيئية والوسائل الكفيلة بخلق وتأسيس بيئة مستدامة، وسن التشريعات والقوانين التي تضمن حماية الحيوانات البرية وتوقيع عقوبات صارمة على مخالفيها.

تعليق عبر الفيس بوك